«اتحاد حافة المحيط الهندي» في مواجهة النفوذ الصيني

حلف من الهند وإندونيسيا وأستراليا وأكثر من ملياري نسمة

TT

«اتحاد حافة المحيط الهندي» في مواجهة النفوذ الصيني

مع مساعي الصين الحثيثة لتوسيع رقعة نفوذها اقتصاديا وعسكريا عبر أرجاء منطقة المحيط الهادي - الهندي، عمدت عدة دول إلى تعزيز تعاونها معاً للتصدي للصين، ومن بين هذه الجهود انطلاق حوار ثلاثي بين الهند وإندونيسيا وأستراليا لم يحظ بقدر كبير من الاهتمام حتى الآن.
ترتبط الدول الثلاث فيما بينها بما هو أكبر بكثير من مجرد حدود بحرية مشتركة، ذلك أن لديها مصالح مشتركة داخل المحيط الهندي، بجانب تاريخ طويل من التعاون. وتعتبر الدول الثلاث قوى ناشئة وتملك قدرات بحرية متناسبة مع حجم التحديات الأمنية الإقليمية.
وقد عقدت الجولة الأولى من الحوار الثلاثي الرسمي بين هذه الدول في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 في مدينة بوكور الإندونيسية. أما الحافز وراء عقد هذا الحوار فيتجاوز مجرد التشارك في الموقع الجغرافي المطل على المحيط الهندي.
الملاحظ أن هذه الدول تعاونت بصورة وثيقة فيما بينها خلال السنوات الأخيرة من أجل إعادة تفعيل كيان إقليمي مهم في المنطقة، أي «اتحاد حافة المحيط الهندي»، الذي يغطي منطقة المحيط الهندي الواسعة وما يزيد على ملياري نسمة يعيشون بها. وتدرك نيودلهي وكانبرا وجاكرتا أنه بالنظر لكونها ثلاث دول متجاورة وديمقراطية، فإنها مؤهلة للتعاون معاً لتعزيز أجندة «الاتحاد». وفي وقت قريب، استضاف «معهد بروكينغز» بالهند و«مركز بيرث - الولايات المتحدة آسيا» ورشة عمل شارك بها باتي جلال، النائب السابق لوزير الخارجية الإندونيسي، وبيتر فارغيز، وزير الشؤون الخارجية الأسترالي سابقاً وجيف شانكار مينون، وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني الهندي سابقاً.
وتبعاً لما ذكره شانكار مينون، فإن «حوض المحيط الهادي - الهندي شاهد تحولاً هيكلياً وأكبر عملية بناء لمخزونات الأسلحة على مستوى العالم خلال العقدين الأخيرين، في الوقت الذي تبدلت العقائد التي تعتمد عليها البيئة الاستراتيجية بالمنطقة. وثمة حاجة ناشئة لبناء إطار عمل جديد يعتمد على تطور توازن القوى في المنطقة ومصالح الدول الفردية. ومن الممكن أن تشكل تحالفات غير رسمية مثل الحوار الثلاثي القائم بين الهند وإندونيسيا وأستراليا واحدة من الإجابات الكثيرة المختلفة لهذا التغيير في ميزان القوى».

الادعاءات الصينية
في ظل تحولات سريعة يشهدها العالم، من المحتمل أن تصيغ القيم الصينية مجمل الثقافة الاستراتيجية بمنطقة المحيط الهادي الهندي خلال الفترة المقبلة. ولا تزال الصين ماضية في عسكرة المنطقة وممارسة الاستئساد ضد جيرانها الذين تتنازع معهم حول مناطق النفوذ والسيادة البحرية. وقد أثار هذا التوجه توترات بالمنطقة، مع تنامي المطالب بإقرار مدونة لقواعد السلوك بالبحر. وقد دفع هذا الوضع الأطراف الكبرى المعنية بالمنطقة لتعزيز وجودها في محاولة لمواجهة تجاوزات بكين.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه جرى إحياء «الحوار الاستراتيجي الرباعي»، الذي تشترك فيه الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، وهو حوار غير رسمي لتنسيق السياسات الأمنية والنشاطات العسكرية ويضع نصب عينيه الصين. من ناحيتها، أعربت فرنسا هي الأخرى عن اهتمامها بالاضطلاع بدور نشط في منطقة المحيط الهادي الهندي.

حوار إندو - أسترالي
أطلق على الحوار الثلاثي بين الهند وإندونيسيا وأستراليا «إندو - أستراليس». ويعكس الاسم الواقع الجغرافي للدول الثلاث المطلة على المحيط الهندي. وبمقدور هذه الدول تعزيز الشعور بالانتماء تجاه بعضها بفضل هذا الواقع الجغرافي. كما تشترك فيما بينها في مواجهة تحديات من قبل بكين التي تتبع منذ سنوات سياسات أكثر قوة وسعياً لفرض النفوذ، بجانب تنامي التنافس الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة. في هذا الإطار، تجد الهند وإندونيسيا نفسهما في موقف أسوأ لقربهما الجغرافي الأكبر من الصين. ورغم بناء الدولتين علاقات اقتصادية مع بكين، فإنهما دخلتا معها في نزاعات برية وبحرية.
ومن ناحيتها، شهدت الهند تفاقم التوترات داخل منطقة دوكلام الحدودية، في الوقت الذي واجهت إندونيسيا اندلاع صدامات متفرقة مع سفن صيد صينية داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية بجزر ناتونا التابعة لها.
وأعلنت أستراليا في وقت قريب عزمها بناء «المؤسسة الأسترالية» بقيمة ملياري دولار «بهدف تطوير البنى التحتية بإقليم المحيط الهادي وتيمور الشرقية». وجاء هذا الإعلان على خلفية تنامي المحاولات الصينية لبسط نفوذها على المحيط الهادي، بما في ذلك بناء قواعد عسكرية ومساعيها لكسب عقود لبناء شبكات اتصال كيبل تحت البحر. وعليه، فمن غير المثير للدهشة أن نجد أنه أثناء زيارة ناريندرا مودي لإندونيسيا منذ بضعة شهور، وقع الجانبان اتفاقا لرفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة تقوم على «رؤية مشتركة للتعاون البحري داخل منطقة المحيط الهادي الهندي».

الشراكة الاستراتيجية
بين جاكرتا ونيودلهي
تعهدت الهند دعمها بناء ميناء بأقصى غرب إندونيسيا، تحديداً في سابانغ الواقعة خارج سواحل آتشيه، وذلك للسماح بمرور سفن تجارية وربما غواصات. ومن شأن ذلك تعزيز حماية الجانب الغربي من مضيق ملقا وجزر أندمان الهندية. ومن ناحية أخرى، فإن اجتذاب إندونيسيا نحو المشاركة في المعادلة الاستراتيجية الهندية خطوة كان ينبغي اتخاذها منذ فترة بعيدة. والواضح أن الهند وإندونيسيا تراقبان بحذر الوجود الصيني القوي بالمنطقة.
وكان وزيرا دفاع الهند وإندونيسيا التقيا في جاكرتا في أكتوبر (تشرين الأول) في ثاني لقاء يجمعهما خلال العام الحالي، في وقت يسعى الجانبان لتعزيز الشراكة البحرية بينهما.
وعلق د. سي. يو. بهاسكار، مدير «جمعية الدراسات السياسية» ومقرها نيودلهي، بقوله: «لا يزال من غير الواضح النتائج المحددة التي يتمخض عنها هذا الأمر، وسيكون من المهم متابعة الإطار الأوسع للعلاقات الدفاعية الثنائية».

العلاقات الهندية -الأسترالية
لفترة طويلة تجاهل الاستراتيجيون الأستراليون الهند بدرجة كبيرة. لكن مع تحول ما يدعى استراتيجية المحيط الهادي الهندي إلى شعار مهيمن على مستوى السياسة الخارجية الأسترالية، سرعان ما أصبحت نيودلهي شريكاً استراتيجياً طبيعياً وركيزة أساسية في علاقات كانبرا على مستوى المنطقة. في الوقت ذاته، دفعت قضايا بحر الصين الجنوبي والتكامل الاقتصادي الإقليمي ومبادرة «طريق الحرير الجديد» الصينية، أستراليا، نحو التعاون مع الهند باعتبار الأخيرة واحدة من الدول القليلة التي يجري النظر إليها بوصفها دولة قادرة على خلق ثقل موازن للنفوذ الصيني الإقليمي ثمة جدال دائر في أستراليا حالياً حول تدخل مشتبه فيه من جانب الحكومة الصينية في المشهد السياسي الأسترالي، مع الحرص في الوقت ذاته على عدم إثارة غضب الشريك الاستثماري الأكبر للبلاد.

العلاقات الإندونيسية - الأسترالية
تتميز إندونيسيا وأستراليا بشراكة استراتيجية ثنائية شاملة فيما بينهما. وتبعاً لاتفاق هذه الشراكة، جرت العادة على أن تكون الزيارة الأولى لأي رئيس وزراء أسترالي منتخب حديثاً لإندونيسيا. وبالفعل، حرص رئيس الوزراء سكوت موريسون، الذي تولى مهام منصبه في 24 أغسطس (آب) 2018، على الالتزام بهذا التقليد. جدير بالذكر أن إندونيسيا تشمل غالبية جزر الأرخبيل القائم شمال أستراليا. كما تقع إندونيسيا عند ملتقى طرق بحرية وجوية من أستراليا إلى أوروبا، ومن أستراليا إلى الدول الآسيوية المطلة على المحيط الهادي. وبذلك، تولي أستراليا أهمية أكبر بكثير إلى إندونيسيا عما توليه الأخيرة لها.
وقد أوضح تقرير صادر عن معهد «بروكنغز الهند» أن «السياسات الصينية القوية وغياب الثقة في القيادة الأميركية خلقا خللاً كبيراً في النظام العالمي. وبالنظر إلى هذا الإطار، يظهر التعاون بين الدول صاحبة المصالح المشتركة كاستراتيجية منطقية على الصعيد الدبلوماسي».



بوتين ونتنياهو يبحثان الوضع في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني

لقاء سابق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
لقاء سابق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
TT

بوتين ونتنياهو يبحثان الوضع في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني

لقاء سابق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
لقاء سابق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

نقل تلفزيون «آر.تي» الروسي عن الكرملين القول إن الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ناقشا هاتفياً الوضع في الشرق الأوسط وقطاع غزة.

وقال التلفزيون إن الاتصال الهاتفي الذي جرى، مساء اليوم السبت، بين نتنياهو وبوتين تناول أيضاً الملف النووي الإيراني وسبل إرساء الاستقرار في سوريا.


أرمينيا تستعد للانتخابات البرلمانية وسط بحر من «التعقيدات القوقازية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في قصر الإليزيه بباريس يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في قصر الإليزيه بباريس يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

أرمينيا تستعد للانتخابات البرلمانية وسط بحر من «التعقيدات القوقازية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في قصر الإليزيه بباريس يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في قصر الإليزيه بباريس يوم 8 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

تستعد أرمينيا لانتخابات برلمانية حاسمة في يونيو (حزيران) 2026، يقول مراقبون إنها قد تحدد ما إذا كانت الدولة القوقازية الصغيرة ستواصل توجهها نحو الغرب، أم ستعود عن هذا المسار تحت ضغط موسكو وأرمن الشتات. ولا شك في أن رئيس الوزراء نيكول باشينيان سيحتاج إلى دعم أوروبا والولايات المتحدة، لإبقاء بوصلة سياسته الخارجية ثابتة.

وقد وصل الصحافي السابق إلى السلطة بعدما قاد «ثورة مخملية» عام 2018، وهي في الواقع سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء سيرج سركسيان. وبعد ذلك، تولى باشينيان (50 عاماً) رئاسة الوزراء، واستمر في منصبه بعد فوز حزبه «العقد المدني» في الانتخابات البرلمانية عام 2021. وتعرض الرجل لهجوم وحملة انتقادات واسعة، واتُّهم بالخيانة بعد هزيمة أرمينيا العسكرية في مواجهة أذربيجان في حرب كاراباخ (أرتساخ) عام 2020، وحصلت احتجاجات شعبية ضده، وتفاقم الأمر عام 2023 عندما سقطت كاراباخ بعد هجوم خاطف للجيش الأذربيجاني، أدى إلى خروج الأرمن من هذا الجيب الجبلي الواقع ضمن أراضي أذربيجان.

عرض عسكري في باكو عاصمة أذربيجان يوم 8 نوفمبر 2025 احتفالاً بمرور 5 سنوات على الانتصار في حرب كاراباخ عام 2020 (أ.ب)

وبينما يسعى باشينيان لإرساء السلام والاستقرار مع الجارة أذربيجان، يمضي قدماً في تنفيذ خطة إنشاء «الجمهورية الرابعة»، وبناء «أرمينيا الحقيقية» -وفق شعاره الانتخابي- أي إعادة فتح حدود البلاد، وخفض الاعتماد على روسيا، وتوسيع علاقات يريفان الخارجية والاقتصادية، عبر التطبيع مع خصميها التقليديين: أذربيجان وتركيا.

وفي أغسطس (آب) 2025، حقق باشينيان أول نجاح كبير ضمن هذا المسار، عبر التوصل إلى اتفاق إطار مع أذربيجان، في اجتماع عُقد بالبيت الأبيض، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

غير أن باشينيان يواجه معارضة شرسة؛ خصوصاً من «الدياسبورا الأرمنية»، وكذلك من موسكو التي بقيت حاضنة لأرمينيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، قبل تغير الحال مع تغير الحكم في يريفان.

وفي السياق، كتب الصحافي البريطاني المتخصص في شؤون منطقة القوقاز، توماس دي وال، أن «هاتين القوتين (الشتات الأرمني وموسكو) اتخذتا وجهاً واحداً الأسبوع الماضي»، عندما استضاف المعلِّق الأميركي اليميني تاكر كارلسون، المعروف بميوله المؤيدة للكرملين، ناريغ كارابتيان (ابن شقيق الملياردير صاموئيل كارابتيان المحتجز في أرمينيا بتهم عدة، في انتظار محاكمته) الذي هاجم باشينيان واتهمه بتقويض القيم التقليدية للمجتمع الأرمني، وبـ«نسيان التاريخ» وتسليم البلاد لتركيا.

يرى دي وال في هذا الموقف وغيره انعكاساً للنهج الإقليمي الأوسع للكرملين، و«تضخيماً للرسالة التي تستخدمها موسكو في مختلف أنحاء شرق أوروبا: الغرب (المنحطّ) يسعى لنشر الفوضى وتدمير القيم الدينية التقليدية». غير أن الكاتب يشير في الوقت نفسه إلى أن مكانة روسيا في أرمينيا «تدهورت بشدّة خلال السنوات الخمس الماضية»، وأنّ فئات واسعة من المجتمع الأرمني تبدّل مزاجها في السنتين الماضيتين، ولم تعد تَنشد إلا السلام الإقليمي وتحقيق الازدهار الداخلي، ولا سيما بعد سقوط كاراباخ في 2023.

ولعل هذا الشعور العام في البلاد قد يساعد باشينيان على مواجهة تحدٍّ أساسي رَمَته في وجهه أذربيجان: تعديل دستور أرمينيا لإزالة الإشارات غير المباشرة إلى تحقيق الوحدة مع كاراباخ (لا حدود بين الجيب وأرمينيا) قبل الإبرام النهائي لاتفاق الإطار، وتحويله إلى معاهدة بين البلدين. ويتطلّب هذا التعديل الدستوري إجراء استفتاء وطني منفصل عن الانتخابات البرلمانية.

في المقابل، يبقى التحدي الأبرز مع تركيا، الداعمة الأولى لأذربيجان، والتي لم تنجح بعد في إزالة رواسب التاريخ «الصعب» بينها وبين الأرمن. وبالتالي تتسم العلاقة بين أرمينيا وتركيا بالتعقيد، فلا علاقات دبلوماسية بين البلدين، والحدود مغلقة منذ عام 1993 تضامناً من تركيا مع حليفتها أذربيجان خلال حرب كاراباخ الأولى، علماً بأن أنقرة اعترفت باستقلال أرمينيا عام 1991. ومع ذلك، المفاوضات بين الجانبين قائمة لتطبيع العلاقات بشكل كامل. وهو أمر لن يحصل إلا بتسوية رواسب الإبادة الأرمنية التي لا تعترف تركيا بحصولها، وبتسوية وضع إقليم ناختشيفان الأذري المعزول ضمن الأراضي الأرمينية.

أهمية القوقاز

تنبع أهمية منطقة القوقاز من موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين أوروبا وآسيا، ولدورها في أمن الطاقة الإقليمي، من خلال توفير ممرَّات لنقل النفط والغاز عبر بحر قزوين. وتشكل المنطقة مسرحاً للتنافس الجيوسياسي بين روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران، فضلاً عن كونها منطقة تعجُّ بصراعات مزمنة، الأمر الذي يجعل استقرارها مسألة بالغة الأهمية للأمن الدولي.

تشمل المنطقة جغرافياً جورجيا وأرمينيا وأذربيجان، بالإضافة إلى أجزاء من روسيا وتركيا وإيران. ومعلوم أن أذربيجان منتجة للنفط والغاز الطبيعي، وفي أرضها مخزون احتياطي معتَبر من المادتين (النفط: 7 مليارات برميل، والغاز: 3 تريليونات متر مكعب).

تاريخياً، تعود الأهمية الاستراتيجية للقوقاز إلى عهد الإمبراطورية الروسية، التي رأت فيها حاجزاً في وجه النفوذ العثماني. وفي أوائل القرن التاسع عشر، غزت الإمبراطورية الروسية منطقة شمال القوقاز الواقعة جنوبها مباشرة، لإقامة منطقة عازلة واسعة بين موسكو والإمبراطورية العثمانية.

ولم يتراجع الاهتمام الروسي بالمنطقة في العهد الشيوعي، فكانت جورجيا وأذربيجان وأرمينيا جزءاً من الاتحاد السوفياتي.

على مدى السنوات، حاول الروس والأوروبيون الغربيون فرض هوية محدَّدة في منطقة شديدة التنوع والتعقيد. وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، اندلعت حرب بين روسيا وجورجيا عام 2008، ولئن كان الصراع قصيراً فإنه خلّف عواقب كبيرة؛ خصوصاً في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لموسكو.

وكانت هذه ذروة للنزاع الذي بدأ بعد «ثورة الورود» المؤيدة للغرب في جورجيا عام 2003، وطموح جورجيا الساعية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما رأت فيه روسيا تهديداً مباشراً لأمنها.

انتهت حرب 2008 بانتصار سريع لروسيا، فانسحبت القوات الجورجية من المنطقتين الانفصاليتين. وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في 12 أغسطس. عقب ذلك، اعترفت روسيا رسمياً باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهي خطوة رفضها المجتمع الدولي. ولا تزال روسيا تحتفظ بوجود عسكري في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وبالتالي لا يزال الصراع «مجمّداً».

اشتباك بين الشرطة ومتظاهرين في يريفان صيف 2022 (أرشيفية- رويترز)

من سيفوز؟

بالعودة إلى أرمينيا، لا بد من وضع مجريات التطورات السياسية فيها في إطار الصورة الكبرى للصراع العالمي، إنما بأوراق اقتراع محلية. فهل ستكون نتيجة الانتخابات البرلمانية حاسمة؟

ثمة انتقادات واسعة لما يُزعَم أن السلطة تقوم به من توقيفات احترازية لمعارضيها، وتضييق على حرية الإعلام، وتخوف من منع بعض المرشحين من خوض الانتخابات. وثمة تخوف أوسع في هذه الحالة من فوز باشينيان، واقتناعه بأن الناخبين أطلقوا يده ليفعل ما يشاء.

وثمة اعتقاد مقابل بأن الرجل يجب أن يبقى في السلطة ليواصل «تحرير» أرمينيا من رواسب التاريخ الثقيل، ونقلها إلى العالم العصري.

وأخيراً ثمة من يتوقع ألا تسفر الانتخابات عن توجُّه حاسم، بحيث تبقى البلاد ساحة للتجاذب الإقليمي والدولي الذي سيعرقل كل محاولات تحقيق النموّ والتنمية.


المخابرات الأوكرانية: روسيا تخطط لصنع نحو 120 ألف قنبلة هذا العام

جنود يشاركون في تدريب قتالي في ميدان تدريب عسكري بالمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا (د.ب.أ)
جنود يشاركون في تدريب قتالي في ميدان تدريب عسكري بالمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا (د.ب.أ)
TT

المخابرات الأوكرانية: روسيا تخطط لصنع نحو 120 ألف قنبلة هذا العام

جنود يشاركون في تدريب قتالي في ميدان تدريب عسكري بالمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا (د.ب.أ)
جنود يشاركون في تدريب قتالي في ميدان تدريب عسكري بالمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا (د.ب.أ)

كشف مسؤول كبير في المخابرات الأوكرانية أن روسيا تخطط لتصنيع ما يصل إلى 120 ألفاً من قنابلها الانزلاقية الرخيصة والمدمرة هذا العام، من بينها 500 من نسخة جديدة بعيدة المدى، يمكن أن تصل إلى مزيد من البلدات والمدن، بحسب «رويترز».

وتكثف روسيا إنتاجها من الأسلحة منذ غزوها الشامل لأوكرانيا عام 2022، إذ تعمل مصانع الدفاع على مدار الساعة، ولا تكشف عن تفاصيل الإنتاج العسكري الذي يُعتبر سريّاً.

ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التحقق من هدف عام 2025، الذي كشف عنه الميجر جنرال فاديم سكيبيتسكي، نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، خلال مقابلة.

ولم يذكر سكيبيتسكي كيف حصل على هذا الرقم، ولم يقدم بيانات سابقة، لكنه أشار إلى زيادة كبيرة في تصنيع القنابل الانزلاقية التي تستخدم أجنحة، وأحياناً محركات، للتحليق عشرات الكيلومترات حتى تصل إلى أهدافها.

ويشمل هذا الرقم ذخيرة جديدة وقنابل موجودة تم تحديثها.

وقال سكيبيتسكي إن القوات الروسية تطلق ما بين 200 و250 قنبلة انزلاقية يومياً. ووفقاً لبيانات وزارة الدفاع، كان المتوسط اليومي خلال الشهر الماضي نحو 170 قنبلة يومياً.

وأضاف أيضاً أن روسيا بصدد بدء إنتاج ضخم من القنابل الانزلاقية الجديدة القادرة على التحليق لمسافة تصل إلى 200 كيلومتر من نقطة إطلاقها من طائرة مقاتلة، مضيفاً أنها تخطط لصنع نحو 500 منها بحلول نهاية العام الحالي.