السفر للقيام بأعمال تطوعية... سياحة من أجل الخير أم للاستعراض؟

قديماً كان السفر مرادفاً للشمس والاسترخاء والتخلص من كل القيود التي تفرضها الحياة اليومية، وهذا يعني أن كل ما كانت الإجازة مرفهة زادت متعتها. الأمر يختلف حالياً بالنسبة إلى شريحة مهمة من السياح باتوا يعتبرون السفر تجربة إنسانية أو بيئية قد تكون رعاية الأفيال في تايلاند، أو حماية الغابات المطيرة في كوستاريكا، أو تعليم اللغة الإنجليزية في إثيوبيا، كي يشعرون بأنهم يقومون بواجبهم تجاه البشرية والكون ككل. بعضهم لا يمانع في النوم في الخلاء أو على أريكة قديمة بدلاً من فندق 5 نحوم، أو تناول وجبات من الشارع بدلاً من المطاعم. المهم هو خوض تجربة حقيقية. ويبدو أن الإقبال على مثل هذه الفرص التطوعية في تزايد، لا سيما عندما تكون لفترات تتراوح ما بين أسبوعين وثلاثة أشهر، إلى حد أن مصطلح «السياحة التطوعية» يُطلق حالياً على كل من يقومون بنوع من العمل التطوعي في أثناء إجازاتهم. وهذا يعد الآن أحد الأنماط الأقوى نمواً في قطاع السياحة، وتقدر قيمته بمليارات الدولارات، حسب ما قالته مجموعة العمل الخاصة بالسياحة والتنمية. ويقدم بعض شركات السياحة الكبرى ما يطلق عليها «عطلات الكارما»، وهي رحلة تتضمن العمل والترفيه ومشاهدة المناظر الطبيعية والأثرية في الوقت ذاته. لكن عندما يدفع المتطوع الآلاف من الدولارات للمشاركة في عمل خيري، فإنه يريد شيئاً ما في المقابل، حسبما يوضح بنيامين هاس، الباحث بجامعة كولونيا، الذي يقوم بأبحاث في مجال التطوع. بالنسبة إليه «كلما قصرت فترة البقاء في الخارج، جاءت السياحة في المقدمة».
المتطوعون عادةً ما يعملون من الساعة الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، وبعد ذلك يكون أمامهم وقت حر فترة ما بعد الظهيرة، يتوجهون فيه إما إلى الشواطئ وإما لاستكشاف المدن. ومن بين الأعمال التطوعية الأكثر ازدهاراً، تعليم الأطفال أو حماية البيئة ورعاية الحيوانات وما شابه ذلك. يقول هانس: «بهذه الطريقة يمكن للمتطوع أن يتعلم بدوره اللغة والتعرف على عادات البلد المُضيف وتقاليده بشكل مباشر وهو ما يعد مكسباً». ورغم أن النية تكون غالباً مثالية فإن مدة أسبوعين أو شهرين غير كافية لتحقيق تغييرات جذرية، الأمر الذي شجّع على استحداث مشاريع يمكن إنجازها في أوقات قصيرة ويمكن فيها للمتطوعين الذين لا يملكون خبرة، تحقيق نتيجة مباشرة من هذه المشاريع، على سبيل المثال، مراقبة الحيتان وإحصاء أعداد الطيور أو المساعدة في جمع الحصاد. لكن ليس الكل يرحب بالسفر من أجل القيام بهذه الخدمات التطوعية، إذ هناك مَن يرون أن القيام برحلة جوية طويلة من أجل دعم مشروع بيئي في غابة مطيرة «أمر غريب» خصوصاً أن هناك فرصاً للقيام بأعمال مماثلة في بلده الأم، وهذا ما يوافق عليه هاس بتعليقه أن «هذا يحدث عندما تكون التجربة من أجل التقاط صور للإنستغرام أو سناب شات».