إيطاليا تتحدّى المفوضية الأوروبية وتتمسك بميزانية «تحفيزية»

رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي – إلى اليسار - ووزير الاقتصاد جوفاني تريا (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي – إلى اليسار - ووزير الاقتصاد جوفاني تريا (أرشيفية - رويترز)
TT

إيطاليا تتحدّى المفوضية الأوروبية وتتمسك بميزانية «تحفيزية»

رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي – إلى اليسار - ووزير الاقتصاد جوفاني تريا (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي – إلى اليسار - ووزير الاقتصاد جوفاني تريا (أرشيفية - رويترز)

رفض التحالف الشعبوي الحاكم في إيطاليا الامتثال للمفوضية الأوروبية ولن يقدم اليوم (الثلاثاء) على الأرجح أي تعديلات على ميزانيته للعام 2019، مما يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات مالية على روما.
وبعد لقاء أول أمس (الإثنين)، سيعقد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي اجتماعا بعد ظهر اليوم مع نائبيه ماتيو سالفيني ولويجي دي مايو، بينما أمهلت المفوضية الأوروبية إيطاليا حتى الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينتش لمراجعة نصها.
ويرى التحالف الحاكم الذي يضم حزب الرابطة بقيادة سالفيني وحركة خمس نجوم حزب دي مايو، أن الميزانية البعيدة عن التقشف ستحفز النمو الذي سيسمح بدوره بخفض العجز العام والدين. لكن السلطات الأوروبية مدعومة من دول منطقة اليورو بأكملها، تدين هذه الميزانية التي تنص على بعجز يوازي 2.4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عام 2019 و2.1 في المائة عام 2020.
ورفضت السلطات الأوروبية في 23 أكتوبر (تشرين الأول) هذا المشروع في سابقة في تاريخ الاتحاد الأوروبي. وترى المفوضية أن روما لن تتمكن من احترام العتبتين اللتين حددتهما. وتقول إن الإجراءات الواردة في الميزانية يمكن أن ترفع العجز إلى 2.9 في المائة في 2019 و3.1 في المائة في 2020. وترتكز في تقديرها على نمو متوقع نسبته 1.2 في المائة بينما تقول روما إنه سيبلغ 1.5 في المائة.
ويعتبر كونتي أن تقديرات المفوضية "تقلل من أهمية التأثير الإيجابي" للميزانية والإصلاحات، مؤكداً أن "العجز سيتراجع مع زيادة النمو وهذا سيسمح بخفض نسبة الدين مقابل الناتج الداخلي الإجمالي إلى 130 في المائة العام المقبل و126.7 في المائة في 2021".
وتحدث وزير الاقتصاد الإيطالي جوفاني تريا عن "خلل تقني" في حسابات المفوضية الأوروبية، وأكد أن الحكومة تنوي إبقاء "أعمدة" خطة ميزانيتها، مع مواصلة الحوار، لافتاً إلى أنها مستعدة لاتخاذ الإجراءات التي تضمن ألا يتجاوز العجز عتبة 2.4 في المائة.
ويشعر الاتحاد الأوروبي والأسواق بالقلق لأن إيطاليا تعاني من دين عام هائل يبلغ 2300 مليار يورو، يشكل 131 في المائة من الناتج الداخلي ويحتل المرتبة الثانية في منطقة اليورو بعد دين اليونان.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.