لجنة برلمانية لمتابعة تهديدات «داعش» للموصل... وتحذيرات من تزايد خطره

خبير أمني: عناصر التنظيم أظهروا قدرة مدهشة على التعافي

جنود عراقيون قرب القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون قرب القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

لجنة برلمانية لمتابعة تهديدات «داعش» للموصل... وتحذيرات من تزايد خطره

جنود عراقيون قرب القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون قرب القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان العراقي، أمس الاثنين، على تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن الأحداث الأمنية في محافظة نينوى. وللمرة الرابعة على التوالي لم يتضمن جدول أعمال الجلسة الفقرة الخاصة بالتصويت على المرشحين للحقائب الثماني المتبقية في حكومة عادل عبد المهدي وتتقدمها حقيبتا الدفاع والداخلية.
وفيما أعلن مرشح كتلة العصائب حسن الربيعي، عن ترشحه لمنصب وزير الثقافة بعد تنازل الكتلة عن المنصب لمحافظة البصرة، لا تزال الخلافات العميقة بين تحالف «فتح» بزعامة هادي العامري وتحالف «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر تحول دون تمرير مرشح «الفتح» للداخلية، رئيس جهاز الأمن الوطني السابق فالح الفياض.
سُنياً لم يختلف الوضع كثيراً بسبب تعدد المرشحين لمنصب وزير الدفاع الذين بلغ عددهم أكثر من 10 مرشحين. وبينما قُدم عبد المهدي فيصل الجربا للمنصب في أثناء التصويت على كابينته يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم يصوت عليه، لايزال التنافس بين الشخصيات والكتل محصوراً بين كتلة ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي التي تقول إنها قدمت عدة مرشحين لم تفصح عنهم لكن بينهم -طبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من الكتلة- صلاح الجبوري (رئيس كتلة تحالف القوى العراقية السابق)، وسليم الجبوري (رئيس البرلمان السابق والقيادي في ائتلاف الوطنية). وطبقاً للمصادر فإن «كتلاً سُنية في تحالف البناء لا تزال تطرح اسم هشام الدراجي للمنصب لكنه يلقى معارضة شديدة من زعيم (الوطنية) إياد علاوي».
أمنياً وفيما باشر البرلمان بتسمية لجنة لمعرفة أسباب الخروقات الأخيرة التي حدثت في الموصل وامتدت إلى عدة محافظات غربية من خلال قيام «داعش» بالعديد من العمليات التعرضية، فإن الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي، كشف أن القوات الأميركية تعمدت إبقاء عدد من المناطق الحدودية دون تأمين. وقال الزاملي في بيان إن «الأيام الأخيرة شهدت تحركات مريبة للمجاميع الإرهابية على الحدود العراقية - السورية وهو ما سبق أن حذّرنا منه»، مبيناً أن «تلك التحركات نتج عنها الخرق الأمني الأخير بسيارة ملغومة استهدف عدداً من المواطنين الآمنين في مدينة الموصل».
وأوضح الزاملي، أن «من بين الأسباب الأخرى التي أدت إلى حدوث الخرق الأمني في مدينة الموصل استغلال الإرهابيين الظروف الجوية وتضاريس هذه المناطق»، محذراً من «خطورة انتشار ظاهرة التهريب وابتزاز المواطنين والفساد المالي». وأشار إلى أن «انشغال بعض القطعات العسكرية الماسكة للأرض بالقضايا المادية وبيع الأراضي والإتاوات والرشى وتهريب السكراب (الخردة) والمخدرات والبضائع وتهريب النفط، هو ما سهّل عودة بعض المجاميع الإرهابية إلى مدينة الموصل وأطرافها»، مؤكداً أن «تلك المجاميع بدأت تهدد الناس وتمارس الابتزاز والتهديد وقتل المواطنين الموالين للدولة وغير المتعاونين معهم». وطالب الزاملي، القائد العام للقوات المسلحة بـ«وضع خطة مُحكمة وعاجلة لتأمين المنطقة الفاصلة بين مدينة الموصل (المركز) وأطراف المدينة وصولاً إلى الحدود السورية».
من جهته، أكد الخبير المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «بنية (داعش) العسكرية والتنظيمية قد شُلَّت بشكل حاسم إلا أنها لم تُدمَّر، وأن عناصره قد أظهروا قدرة مدهشة على التعافي في لملمة جراحات الهزيمة القاسية في الساحة العراقية». وأضاف الهاشمي أن «هذا يتصل بطبيعة التربية العقائدية والتواصل المستمر بين القيادات الداعشية والأتباع على الساحة العراقية، على الرغم من الصدمة الكبيرة التي تعرض لها التنظيم منذ هزيمة الفلوجة عام 2016»، مبيناً أن «التقارير تؤكد أن تراجع (داعش) تنظيمياً في العراق كان مؤقتاً في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وحزام بغداد، كما تتحدث تقارير أخرى مختلفة عن استراتيجيات وتكتيكات جديدة للتنظيم في مناطق جبال مخمور ومكحول وحمرين وتلول العطشانة ووديان الأنبار المختلفة»، موضحاً أن التنظيم «لم يخسر الحرب بشكل نهائي وإنما خسر معارك أرض التمكين في المدن الحضرية والقرى المسكونة». وأكد أن «التحدي أمام القوات المسلحة الآن هو تهيئة البيئة المجتمعية الداخلية التي تمنع تنامي قبول فكر وغواية (داعش) من جديد وتحول دون خروجه مرة أخرى من أنفاق ووديان وكهوف الهزيمة».
إلى ذلك، أصدرت الهيئة الأولى في المحكمة الجنائية المركزية حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت بحق خمسة إرهابيين أقدموا على تفجير سيارة مفخخة على نقطة أمنية تابعة للجيش العراقي. وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى إن «محكمة استئناف الرصافة الاتحادية نظرت قضية إرهابيين قاموا بتفجير سيارة مفخخة على سيطرة الصمود التابعة للجيش في منطقة الحسينية في بغداد»، لافتاً إلى أن «الحادث أسفر عن استشهاد وإصابة ثلاثة عشر بين منتسبين ومواطنين». وأضاف أن «الإرهابيين اعترفوا ابتدائياً وقضائياً أمام المحكمة المركزية بالتخطيط والتنفيذ لعملية التفجير وانتمائهم إلى (داعش) الإرهابي، إضافة إلى قيامهم بعدة واجبات ضمنها نقل الانتحاريين وإخفاؤهم».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».