العثماني: الفقر يهدد السلم الاجتماعي في المغرب

شدد خلال المناظرة الوطنية للحماية الاجتماعية على ضرورة دعم المناطق الهامشية

TT

العثماني: الفقر يهدد السلم الاجتماعي في المغرب

قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن تطوير الحماية الاجتماعية للمواطنين تشكل هماً كبيراً لحكومته، وضرورة أساسية لحماية السلم الاجتماعي، معتبراً أن «وجود الفقر لا يهدر فقط كرامة المواطنين؛ بل يضر بالمجتمع، ويمكن أن يهدد السلم الاجتماعي».
وأضاف العثماني، أمس، خلال افتتاح المناظرة الوطنية الأولى للحماية الاجتماعية التي انطلقت أشغالها بمدينة الصخيرات (ضواحي الرباط)، والتي تنظمها الوزارة المنتدبة المكلفة الشؤون العامة والحكامة، على مدى يومين، تحت شعار «جميعاً من أجل منظومة مندمجة ومستدامة للحماية الاجتماعية»، أن الحكومة واعية بوجود فئات تعاني الفقر والهشاشة، مبرزاً أن المناطق النائية والهامشية «لم تستفد من ثمار التنمية، وظلت تعيش نوعاً من التهميش على مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة في قطاع التعليم والصحة والبنيات الأساسية».
في غضون ذلك، شدد العثماني على أن الواقع يؤكد أنه «على الرغم من تحسن الأوضاع وتراجع نسبة الفقر، فإن ما حققناه غير كاف، وما زالت فئات تعاني الفقر والهشاشة»، معتبراً أن بلاده في حاجة إلى «وعي جماعي مشترك، سواء لدى المسؤولين الحكوميين ومختلف مؤسسات الدولة الرسمية، أو القطاع الخاص والمجتمع المدني، ولا بد أن نتكاتف ونتعاون لمعالجة هذا الاختلال في المجتمع».
وأشار العثماني إلى أن البرامج الاجتماعية تحظى بالأولوية في موازنة 2019؛ مبينا أن الحكومة تستهدف توسيع البرامج لتشمل «فئات لم تكن تستفيد في السابق»، مشيداً في الآن ذاته بالمساهمة التضامنية للشركات الكبرى؛ حيث ستساهم الشركات التي تحقق أرباحاً سنوية بقيمة أكثر من 40 مليون درهم (نحو 4 ملايين دولار) بنسبة 2.5 في المائة من الأرباح، وهو ما «يجسد قيمة التضامن بالمغرب».
من جهته تطرق لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف الشؤون العامة والحكامة، إلى الاختلالات التي تؤثر سلباً على نجاعة البرامج الاجتماعية، وذكر منها «انعدام رؤية شمولية موحدة، ذات أهداف واضحة وأولويات محددة، تشكل مرجعاً لكل المتدخلين، مع توزيع واضح للأدوار والمسؤوليات بين مختلف الجهات الفاعلة». معتبراً أن تعدد المتدخلين وغياب التنسيق فيما بينهم، يؤدي إلى تشتت الجهود وتعدد البرامج، التي حددها في نحو 140 برنامجاً، في كثير من الأحيان تكون «فئوية ومصممة ومنفذة بشكل مستقل بعضها عن بعض، ما يؤثر سلباً على فعاليتها وآثارها على الفئات المستهدفة».
كما انتقد الوزير المغربي ضعف نظم الرصد والتقييم، الذي يؤدي إلى «ندرة المعلومات حول المستفيدين من البرامج العمومية والنفقات الفعلية، وأثرها الفعلي على الساكنة المستهدفة».
بدورها، قالت كلاوديا ويدي، سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، إن موضوع تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية يشكل «أحد أهداف الشراكة والتعاون الأساسية، التي تربط الاتحاد الأوروبي بالمملكة المغربية».
كما أشادت ويدي بالخطوات والجهود التي يبذلها المغرب في مجال الحماية الاجتماعية، مشددة على أن «الحماية الاجتماعية عنصر من العناصر الأساسية لتقليص الفقر، ولها وقع إيجابي في تحسين عيش المواطنين، وتصبح عنصراً أساسياً للتنمية وضمان آفاق المستقبل والكرامة لكل الفئات».
وتعهدت الدبلوماسية الأوروبية بأن الاتحاد «سيستمر في دعم المغرب، لتحقيق وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية؛ لأن هذا الموضوع في صلب اهتمامنا، من أجل بلوغ مجتمع تسوده العدالة والمساواة»، لافتة إلى أن بلوغ هذا الهدف يتطلب «تعبئة موارد مادية مهمة، وإرادة سياسية قوية».
أما جيوفانا باربيريس، ممثلة «اليونيسيف» بالمغرب، فقالت إنها على يقين بأن النقاش «سيساعد في تجديد نظام الحماية الاجتماعية وضمان وصولها لمستحقيها»، ونوهت بشجاعة المغرب في مباشرته إصلاح نظام الحماية الاجتماعية، وإعادة النظر فيه لتحقيق تطلع المغاربة إلى مجتمع عادل ومتطور.
وسجلت باربيريس أن المناظرة الوطنية، التي تنظم بدعم من «اليونيسيف» و«الاتحاد الأوروبي»، تعد فرصة للمساهمة في البحث عن «نموذج جديد للحماية الاجتماعية في المغرب، يمس الأسر في مختلف مناحي الحياة»، وأكدت أن الأطفال يشكلون «الفئة الأكثر هشاشة وتعرضاً لمخاطر غياب الحماية الاجتماعية».
يذكر أن المناظرة الوطنية الأولى للحماية الاجتماعية، التي يرتقب أن تنهي أشغالها اليوم الثلاثاء، تعرف مشاركة العشرات من الخبراء من داخل المغرب وخارجه، سيناقشون في ورشات عمل متواصلة الممارسات والتجارب الدولية الفضلى في مجال الحماية الاجتماعية؛ حيث يتوقع أن تصدر عنها توصيات عملية، يمكن أن تساعد المغرب على تجاوز الاختلالات التي يتخبط فيها نظام الحماية الاجتماعية الذي يعتمده.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.