انطلاق فعاليات مؤتمر «أديبك 2018» في أبوظبي اليوم

انطلاق فعاليات مؤتمر  «أديبك 2018» في أبوظبي اليوم
TT

انطلاق فعاليات مؤتمر «أديبك 2018» في أبوظبي اليوم

انطلاق فعاليات مؤتمر  «أديبك 2018» في أبوظبي اليوم

تنطلق اليوم (الاثنين)، فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) 2018، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت رعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وسط نمو كبير في أعداد الشركات المشاركة وحضور واسع من كبار صانعي القرار والخبراء.
وتشارك في المعرض، الذي تستضيفه شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) حتى 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، نحو 2200 شركة عارضة بزيادة تبلغ 8 في المائة، مقارنة بدورة عام 2017، بينها 42 شركة نفط وطنية وعالمية، فيما تقيم 29 دولة أجنحة تستضيف فيها شركات وهيئات ومؤسسات حكومية وخاصة، بزيادة قدرها 16 في المائة على دورة العام الماضي من الحدث.
ومن المقرر أن يتحدث خلال مؤتمر «أديبك» الاستراتيجي، الذي تتواصل جلساته على مدى 4 أيام، أكثر من 100 من الوزراء وكبار الرؤساء التنفيذيين، ما يمثل زيادة بنسبة 25 في المائة مقارنة بالدورة السابقة من الحدث، وذلك في دلالة على الدعم الكبير الذي يحظى به من أرفع المستويات.
وقال جان - فيليب كوسيه، نائب الرئيس لدى شركة «دي إم جي للفعاليات»، الجهة المنظمة لمعرض ومؤتمر «أديبك»، إن الحدث شهد زيادة ملموسة في الحجوزات هذا العام، معتبراً ذلك «انعكاساً للنظرة الإيجابية القائمة حالياً لمستقبل القطاع، ولجهودنا الرامية إلى ضمان أن يظلّ الحدث محافظاً على قدرته على معالجة المخاوف الراهنة لدى بعض الأطراف في القطاع».
وأضاف: «تأتي الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، ومن جميع أنحاء سلسلة القيمة في قطاع النفط والغاز إلى (أديبك)، للعثور على فرصٍ جديدة، وكثير منها يأتي ممثَّلاً بفريق القيادة الأساسي إلى هنا للتحدث حول الأعمال التجارية ومناقشة الأعمال الثنائية».
ويناقش برنامج مؤتمر «أديبك» التوجهات والتحديات الناشئة، بوصفه منبراً لقطاع النفط والغاز العالمي، ويتيح للأطراف المشاركة فيه الانخراط في الحوار وممارسة الأعمال التجارية والحصول على الحلول والاستراتيجيات الإبداعية التي من شأنها أن ترسم ملامح هذا القطاع في السنوات المقبلة.
وتقام خلال مؤتمر «أديبك» هذا العام، في خطوة جديدة، 3 جلسات مغلقة تقتصر المشاركة فيها على المدعوين من كبار التنفيذيين، لتشكّل لقادة القطاع منتدى خاصاً ينخرطون خلاله في حوار مفتوح بهدف تبنّي التغيير ووضع استراتيجيات لمساعدتهم في التغلب على التحدّيات المهمّة.
ويُنتظر أن تؤدي اجتماعات المائدة المستديرة هذه، التي ستنعقد بشراكة استراتيجية مع مجموعات استشارية عالمية مثل «أكسنتشر» و«برايس ووترهاوس كوبرز» و«إيه تي كيرني»، إلى نتائج من المقرر نشرها في أعقاب الحدث.
وتشتمل فعاليات المؤتمر على 10 جلسات لقادة الأعمال تختص بأعمال الغاز والتكرير والبتروكيماويات وأعمال الاستكشاف والتطوير والإنتاج وجلستي إحاطة صباحيتين على مستوى الرؤساء التنفيذيين تُعنيان بالشؤون المالية والاستثمارية، و6 جلسات تُعنى بالإدراج والتنوّع في الطاقة، و11 جلسة حوارية للتنفيذيين، فضلاً عن 9 أخرى تقنية تختصّ بصناعات المصب.
أما للمهنيين والخبراء، فيستضيف برنامج المؤتمر التقني 111 جلسة تعرض 748 ورقة عمل وملخصاً. وقد تمّ قبول هذا العدد القياسي من أوراق العمل والملخصات من بين 2829 مشارَكة كانت تقدّمت بها 541 شركة من 58 دولة حول العالم.
جدير بالذكر أن معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) يقام بدعم من وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية وغرفة أبوظبي، ودائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.