«ضمّادة» خفيفة ومرنة لرصد عمل القلب

تقنية «الجلد الثاني» اليابانية تمهد لثورة في عالم الملبوسات الذكية

مجس إلكتروني رقيق يوضع مثل  ضمادة على الجلد لرصد القلب
مجس إلكتروني رقيق يوضع مثل ضمادة على الجلد لرصد القلب
TT

«ضمّادة» خفيفة ومرنة لرصد عمل القلب

مجس إلكتروني رقيق يوضع مثل  ضمادة على الجلد لرصد القلب
مجس إلكتروني رقيق يوضع مثل ضمادة على الجلد لرصد القلب

أثارت التطورات التي شهدتها سوق التقنيات القابلة للارتداء أخيراً الكثير من الانطباعات الإيجابية، ولكن الجهاز الذي تحدثت عنه دراسة جديدة نشرت في دورية «نيتشر» لا يترك مجالاً لأي منافسة في هذا المجال.
وفي الوقت الذي قدمت فيه ساعة «آبل» الذكية الجديدة ميزة التخطيط القلبي الكهربائي المرخصة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وبينما تسعى شركات أخرى كـ«سامسونغ» إلى إنتاج ساعات ذكية عصرية وأنيقة، سيدفع هذا الجهاز الشركتين إلى الشعور بالخجل من منتجاتهما.

رصد القلب

الجهاز الجديد يتيح إمكانية رصد عمل القلب، لكنه لا يحتوي على أية أسلاك، ولا يتطلب شحناً، كما أنه صغير جداً إلى درجة أنه يمكن لفه حول قلب جرذ.
وقد سارع كينجيرو فوكودا، الباحث الرئيسي في الدراسة والمتخصص في علم المواد الناشئة في مركز «ريكن» الياباني، بالقول إن جهازه يمثّل تطوّراً كبيراً في عالم الأجهزة القابلة للارتداء، إذ إنه يبدو كضماد للجروح أكثر منه ساعة، كما أنّه أرقّ من قطعة من الورق الصلب.
في مقابلة أجراها فوكودا مع موقع «إنفرس» الإلكتروني، قال: «نتوقع متابعة طويلة الأمد لنبض القلب بأقل إزعاج ممكن بعد وصل الجهاز بجسم الإنسان»، شارحاً أن مرونته ووزنه الخفيف يساهمان في تقليل الشعور بالانزعاج بعد وصل الجهاز بالجسم. رغم أن جهاز فوكودا ليس أكثر فعالية من أي تقنية متابعة للصحة القلبية متوفرة حالياً، فإنه يحل المشكلات الأكثر شيوعاً التي تسببها الساعات الذكية، ألا وهي المرونة.
تتحرك الأجسام البشرية بطرق غريبة وغير متوقعة، أي أن الأجهزة التي تراقب معدل نبض القلب على المعصم يمكن أن يصيبها الارتباك أحياناً بسبب حركات غريبة قد يقوم بها المرتدي.
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة: «يتيح هذا الجهاز الشديد الرقة، راحة وملاءمة أكبر من الأجهزة الأخرى القابلة للارتداء كالساعات الذكية. هذا الأمر قد يؤدي إلى متابعة أكثر استقراراً من تلك التي تقدمها الأجهزة التقليدية».
في الاختبارات الأولى، تمكن الفريق البحثي من لف الجهاز حول قلب جرذ، فالتصق بشكل وثيق بسطحه الدائري الرفيع.
وكشف الاختبار أنه وعلى الرغم من الضغط المتفاوت على قلب الجرذ، نجح الجهاز في تسجيل كل دقة قلب بشكل دقيق، ومن ثم نقل البيانات إلى جهاز خارجي. وتجدر الإشارة إلى أنه حتى أقوى أجهزة تخطيط القلب التي تتصل بجسم الإنسان عبر أحزمة لن تستطيع إتمام هذه المهمة.

طاقة شمسية

لقد كان الاختبار على قلب الجرذ سريعاً ولكن المذهل فيه كانت طريقة تشغيله. فقد تمكن الفريق من زراعة خلايا شمسية عضوية صغيرة على الجهاز تستطيع تحويل الضوء إلى كهرباء. أما الفكرة الرئيسية من استخدام هذه الخلايا، فكانت تطوير جهاز قابل للارتداء بشكل دائم دون الاضطرار لنزعه.
يقول فوكودا إن تطوير تقنيات قابلة للارتداء تعمل بالطاقة الشمسية شكل تحدياً كبيراً بالنسبة لبعض الباحثين، بسبب صعوبة التأكد من أن هذه الخلايا الشمسية الضرورية تتلقى الكمية الكافية من الأشعة الشمسية أثناء انحناء أو تمدد الإنسان ومع تغير زاوية الجهاز في مواجهة مصدر الضوء.
ولكن هذا الجهاز الجديد تمكن من حل هذه المشكلة، إذ عمل الباحث على بناء سطح من القضبان النانونية على أجزاء من الخلايا الشمسية التي تمتص الضوء. هذا السطح الخشن مجهرياً ساعد في تخفيف تأثيرات الزوايا الغريبة وغير المباشرة على امتصاص الخلايا للضوء. وذهب فوكودا أبعد من ذلك بقوله إن هذه التقنية تتيح للخلايا الشمسية نوعاً من «الاستقلالية عن زاوية الضوء».
والهدف الأساسي من هذا الجهاز وغيره من الأجهزة التي لا تزال قيد التطوير في مختبر فوكودا، هو صناعة أجهزة قابلة للارتداء تعمل وكأنها طبقة ثانية من الجلد دون الحاجة إلى مظهر أنيق. إلا أنه لا يزال أمام الباحثين مشوار طويل قبل ارتقاء جهازهم إلى المعايير الطبية.
ولكن آمال فوكودا بجهازه كبيرة. ويقول: «لا يعد جهازنا بدقة أكبر في متابعة نشاط القلب من أجهزة التخطيط الكهربائي القلبي التقليدية المستخدمة في الفحوصات الطبية. ولكن في حال تمكنّا من زيادة هذه الدقة، قد نتمكن من الاعتماد على هذه الأجهزة كأنظمة كهربائية قلبية للعناية الصحية والاستخدام الطبي».


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً