«الشبكة اللبنانية» لتبييض أموال الكارتيلات الكولومبية أمام المحكمة في باريس

التحقيق الفرنسي عدّها على درجة عالية من الهيكلية والتنظيم

TT

«الشبكة اللبنانية» لتبييض أموال الكارتيلات الكولومبية أمام المحكمة في باريس

تجري بدءاً من الثلاثاء محاكمة شبكة واسعة لتبييض أموال مخدرات أمام محكمة الجنايات في باريس، في قضية تفتح ملفات تمويل «كارتيل ميديلين» وأنشطة الشبكة اللبنانية لإعادة تحويل أمواله إلى كولومبيا بعد توظيفها في شراء مجوهرات وسيارات فاخرة.
وسيمثل 15 رجلاً يحاكمون بدرجات متفاوتة من المسؤولية عن عمليات جمع أموال مخدرات وتبييضها ضمن عصابة منظمة، أمام محاكمة تستمر حتى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وأبرز المتهمين فيها رجل أعمال لبناني يدعى محمد نور الدين عمره 44 عاماً وينشط في القطاع العقاري وتجارة المجوهرات.
والمديرية الأميركية لمكافحة المخدرات هي التي رفعت القضية إلى القضاء الفرنسي في سياق تحقيق تجريه بشأن شبكة تنشط منذ 2012 بين أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط. وإحدى طرق التبييض التي رصدتها مديرية مكافحة المخدرات تجعل من فرنسا حيث يقيم عدد من المتهمين، مركز تهريب المخدرات في أوروبا، فيتم جمع الأموال الناجمة عن بيع الكوكايين في أنحاء القارة، ثم ترسل إلى لبنان، ومن هناك يعاد تسديدها إلى المهربين الكولومبيين عبر حوالات مالية.
ويعود نظام تحويل الأموال هذا إلى ما قبل المصارف، حيث كان نقل الأموال على طرق الحرير والتوابل يتطلب شبكات متينة تقوم على ضمانات ثقة قديمة. وهنا يبرز دور «الصرافين» الذين كانوا مفصلا أساسيا في شبكة الحوالات المالية؛ إذ يتبادلون ديون زبائنهم وفق نظام لا يترك أي أثر في النظام المصرفي.
وقد فتح تحقيق في باريس في فبراير (شباط) 2015 أدى إلى حملة توقيفات واسعة النطاق في يناير (كانون الثاني) 2016 شملت بشكل شبه متزامن فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا. وبعد بضعة أشهر، أوقفت الولايات المتحدة رئيس الشبكة واسمه محمد عمار ويعرف باسم «أليكس» ويتنقل بين كولومبيا وكاليفورنيا، وأقر بارتباطه بالكارتيلات الكولومبية.
ويصف التحقيق الفرنسي حول «الشبكة اللبنانية» أو قضية «الأرز» كما تعرف، بأنها «شبكة على درجة عالية من الهيكلية والتنظيم» تمكنت من تبييض عشرات ملايين اليوروات في السنة لحساب تاجر المخدرات الكولومبي «إل تشابولين» المسؤول عن إرسال حاويات من الكوكايين إلى أوروبا.
وكان المهربون يعمدون إلى تغيير هواتفهم الذكية بانتظام ويستخدمون لغة مشفرة. وتتضمن الشبكة رؤساء فرق وجباة أموال وناقلين. وفي مرحلة أولى، كان يتم جمع الأموال النقدية الناتجة عن تهريب المخدرات في جميع أنحاء أوروبا من خلال الصرافين، وفي المرحلة الثانية يتم شراء مجوهرات وساعات وسيارات فاخرة، قبل أن يعاد بيعها في مرحلة ثالثة في لبنان وغرب أفريقيا. وأخيرا، يعاد تحويل الأموال المبيضة بهذه الطريقة إلى الكولومبيين من خلال مكاتب الصيرفة.
وسمحت عمليات التنصت على الاتصالات برصد مواقع الشبكة الجغرافية وكشف رموز اللغة المستخدمة بين المهربين، فكانت عبارة «مرسيدس 250» تعني جمع 250 ألف يورو، و«شاحنة» تعني مليون يورو، أما «الفرن»، فكان يعني هولندا، و«الطاحون» بلجيكا.
وأقر المتهم الرئيسي محمد نور الدين بتنظيم عمليات الجباية، لكنه نفى أن يكون على علم بمصدر الأموال. ونفى بشدة أن يكون قسم من الأموال التي تم جمعها مخصصاً لـ«حزب الله» اللبناني، وفق خيط تقصته مديرية مكافحة المخدرات غير أن التحقيق الفرنسي لم يتبعه.
ورأى محامي أحد المتهمين ويليام جولييه الخبير في الملفات الجنائية العابرة للبلدان التي تشارك فيها الأجهزة الأميركية والأوروبية، أنه «إن كان لا بد من هذا التعاون بالطبع، فإنه غالبا ما تفرضه آليات تقوم بالتضخيم أو التشويه بهدف توسيع نطاق التوقيفات والاتهامات قدر الإمكان، مما يؤدي إلى وقوع أفراد ذوي أدوار ثانوية في شباك القمع».
وهو يؤكد أن هذه تحديدا هي حال موكله وهو مقرب من محمد نور الدين، الذي لطالما أكد براءته وقضى 18 شهرا في السجن قبل إطلاق سراحه ووضعه قيد المراقبة القضائية. وجميع المتهمين في هذا الملف لا سوابق لهم.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.