الجيش اليمني يتوغل في أحياء الحديدة متجاوزاً ألغام الميليشيات

قوات الجيش اليمني لدى اقتحامها أحد المواقع الحوثية في الحديدة أمس (أ.ف.ب)
قوات الجيش اليمني لدى اقتحامها أحد المواقع الحوثية في الحديدة أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يتوغل في أحياء الحديدة متجاوزاً ألغام الميليشيات

قوات الجيش اليمني لدى اقتحامها أحد المواقع الحوثية في الحديدة أمس (أ.ف.ب)
قوات الجيش اليمني لدى اقتحامها أحد المواقع الحوثية في الحديدة أمس (أ.ف.ب)

أحكمت قوات الجيش اليمني الحصار على الميليشيات الحوثية في مدينة الحديدة، وسط انهيار واسع في صفوف الجماعة وتقدم للجيش في الأحياء السكنية من ثلاث جهات وبامتداد محيط المدينة الذي يتجاوز 20 كيلومتراً.
تزامن ذلك، مع تجدد المعارك ضد الميليشيات في جبهات حجة والجوف وصعدة، مخلفةً عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجماعة الموالية لإيران التي باتت أوضاعها الميدانية تشهد تعقيدات كبيرة بسبب تناقص مخزون مقاتليها وهروب المئات منهم إلى صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها.
وفي هذا السياق، أفادت «ألوية العمالقة» التابعة للقوات الحكومية ضمن القوات المشتركة التي تتولى عمليات تحرير المدينة وتأمينها، بأنها سيطرت، أمس، على مجمع إخوان ثابت الذي يحتوي على مؤسسات وشركات مهمة، كالشركة اليمنية لتصنيع الألبان والمعلبات التي كانت تتخذ منها ميليشيات الحوثي متاريس واقية لها.
وأكد المركز الإعلامي لقوات ألوية العمالقة، أن القوات تواصل تقدمها في أحياء مدينة الحديدة بقيادة قائد جبهة الساحل الغربي العميد عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، تمهيداً لبسط سيطرتها الكاملة على مدينة الحديدة.
وذكر المركز أن قوات العمالقة كبّدت ميليشيات الحوثي خسائر فادحة بالعدة والعتاد داخل مدينة الحديدة، وفشلت الميليشيات في عرقلة تقدم القوات من خلال زرع الألغام وحفر الخنادق في محيط المدينة، ونصب الحواجز الإسمنتية، ونشر القناصة على أسطح المباني العالية.
كانت القوات الحكومية قد نجحت الجمعة، في تحرير مستشفى «22 مايو» الواقع شرق المدينة بجوار شارع الخمسين عقب معارك ضارية قامت خلالها الجماعة الحوثية بنسف أجزاء من المستشفى، ما أحدث فيه دماراً واسعاً، في الوقت الذي أكدت القوات الحكومية مصرع ستة قناصين كانوا متمركزين في مباني المستشفى.
وأجبرت المعارك الضارية منذ أيام في محيط المدينة من الجهات الجنوبية والغربية والشرقية، عناصر الميليشيات على الانسحاب إلى الأحياء السكنية التي نصبوا فيها العشرات من مدافع الهاون وآلياتهم الثقيلة والقيام بإطلاق القذائف العشوائية من وسط الأبنية المتنوعة التي يتمترسون فيها.
ودفعت الميليشيات أكثر من 300 ألف من سكان المدينة إلى النزوح بعد أن سيطرت على منازلهم وحوّلتهم إلى دروع بشرية، في حين أكد المركز الإعلامي لقوات ألوية العمالقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة منذ أمس فرضوا قيوداً أمام المدنيين الذين يرغبون في مغادرة المدينة من المنفذ المتبقي الوحيد المعروف بطريق الشام.
وحسب مصادر في الجيش اليمني تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، طلبت الجماعة الحوثية في صنعاء من كبار قادتها الموجودين في المدينة المغادرة وترك عملية القتال للمجندين الجدد الذين كانت قد استقطبتهم الجماعة من أبناء القبائل ومن أتباعها الطائفيين في مناطق حجة والمحويت وإب وذمار.
وأفاد المركز الإعلامي لقوات العمالقة بأن قوات الجيش تمكنت من نزع عشرات الألغام المزروعة في المناطق المحررة من المدينة، بخاصة في محيط مستشفى «22 مايو» الذي كانت الجماعة قد حولته إلى ثكنة عسكرية، فضلاً عن استعادة القوات كميات من الأسلحة والذخائر.
وحسب مراقبين لسير المعارك في محيط المدينة، تسعى القوات اليمنية بإسناد من قوات التحالف الداعم للشرعية إلى فرض حصار مطبق على المدينة وتحاشي التوغل السريع إلى أحيائها الداخلية حرصاً على أرواح المدنيين، مع اعتماد استراتيجية قضم المواقع التي يتمركز فيها الحوثيون تدريجياً وصولاً إلى تحرير كامل أجزاء المدينة.
وبثت ألوية العمالقة صوراً لآثار قيام الميليشيات الحوثية بتفخيخ ونسف مسجد «إخوان ثابت» قبل الفرار منه الجمعة الماضي، وذلك بعد أن كانت قد حوّلته إلى ثكنة عسكرية على غرار تحويلها جميع المباني العامة والخاصة في محيط المدينة إلى أماكن لمسلحيها وقناصتها.
على صعيد متصل بالشأن الميداني، أفاد المركز الإعلامي التابع للمنطقة العسكرية الخامسة في محافظة حجة، بأن قوات الجيش تمكنت من إحباط هجوم للميليشيات غربي مديرية مستبأ وقرب منطقة مثلث عاهم، وهو مفترق طرق استراتيجي يربط بين حرض ومستبأ وحيران المحررة من جهة الجنوب.
وأدت المعارك إلى مقتل وجرح العشرات من المهاجمين الحوثيين الذين لاذوا بالفرار مخلّفين سبعة من عناصرهم في أسْر القوات الحكومية التي تسعى إلى تطهير محيط مثلث عاهم وخنق مما تبقى من عناصر الجماعة الموجودين في مديرية حرض الحدودية وبخاصة في بعض مناطقها الشمالية الغربية.
وفي الوقت الذي استمرت فيه المعارك على مشارف مديرية دمت شمالي الضالع بين كر وفر، أطلقت قوات الجيش بمحافظة الجوف، مساء الجمعة، عملية عسكرية واسعة تهدف إلى تحرير ما تبقى من مديرية برط العنان من ميليشيات الحوثي الانقلابية، طبقاً لما أفاد به الموقع الرسمي للجيش اليمني.
ونقل الموقع تأكيدات لرئيس عمليات لواء الحسم العقيد محمد الواصلي، قال فيها: «إن قوات اللواء تمكنت من تحقيق المرحلة الأولى للعملية التي تكللت بالسيطرة على وادي الظهرة، وقطع الخط الرابط بين تواثنة ونبيعة ووادي الظهرة الذي كانت تتخذه الميليشيا خط إمداد رئيسياً لها».
وأوضح أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية ساندت قوات الجيش في العمليات، واستهدفت بعدة غارات جوية تعزيزات ومواقع الميليشيا، وكبّدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وأوضح العقيد الواصلي أن العملية التي تم إطلاقها في مديرية برط العنان غرب الجوف، ستواصل مهامها القتالية حتى تطهير المديرية بالكامل من الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران.
إلى ذلك، أفادت المصادر العسكرية اليمنية الرسمية، بأن قوات الجيش المرابطة في مديرية الظاهر ومناطق الملاحيظ غربي صعدة، تمكنت من فرض حصار محكم على المئات من عناصر ميليشيات الحوثي في مواقع تمركزهم في جبهة مران.
وذكرت المصادر أن قوات لواء العروبة نفّذت خلال الأيام الماضية أكبر عملية التفاف ناجحة على مواقع ومناطق تمركز الميليشيات في مران بامتداد 15 كيلومتراً، حيث امتدت العملية من عقبة مران حتى عقبة شدا غربي مديرية رازح، وسقط خلالها العديد من القرى والمرتفعات الجبلية إضافة إلى سقوط أكثر من 200 حوثي بين قتيل وجريح.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».