أهالي حي التضامن قرب دمشق قلقون من مصادرة النظام لبيوتهم المدمرة

مدنيون يسيرون في حي التضامن وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يسيرون في حي التضامن وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
TT

أهالي حي التضامن قرب دمشق قلقون من مصادرة النظام لبيوتهم المدمرة

مدنيون يسيرون في حي التضامن وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
مدنيون يسيرون في حي التضامن وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)

بعد سيطرة القوات الحكومية على حي التضامن في جنوب دمشق، ظن النازحون منه أن عودتهم قريبة. لكن آمالهم تبدّدت مع اعتبار لجنة رسمية العدد الأكبر من منازله غير صالحة للسكن، ذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من حي التضامن.
ويعتبر الحي من أبرز مناطق البناء العشوائي في دمشق، ما يفاقم من الصعوبات التي يواجهها سكانه، في ظل عزم السلطات إخضاع الحي للتنظيم بحسب القانون رقم 10 الذي يسمح للحكومة بإقامة مشاريع عمرانية في منطقة معينة، على أن يُعوَّض أصحاب الممتلكات بحصص إذا أثبتوا ملكياتهم خلال عام من إعلانها منطقة تنظيمية.
في العام 2015، استولى تنظيم داعش على القسم الجنوبي من حي التضامن الملاصق لمخيم اليرموك، بعدما كانت فصائل معارضة سيطرت عليه في العام 2012، وتمكنت القوات الحكومية مع مقاتلين من أبناء الحي انضموا إلى صفوف قوات الدفاع الوطني، من طرد التنظيم في مايو (أيار) بعد معارك وغارات عنيفة.
وتعرض القسم الذي كان تحت سيطرة التنظيم لدمار كبير، وفق مسؤولين محليين. وتخضع مداخله لإجراءات أمنية مشددة، وتقتصر الحركة داخله على من بقي فيه أصلاً. ولم يسمح عناصر أمن لفريق من وكالة الصحافة الفرنسية بالدخول إليه.
على بعد أمتار من آخر نقطة أمنية يمكن الوصول إليها، تسدّ أكوام من الركام الطريق المؤدي إلى عمق الحي بينما استحالت أبنية طبقات مكدسة فوق بعضها. وتتوسط فجوة كبيرة مئذنة جامع جراء قصف أصابه.
ويقول المحامي عثمان العيسمي (55 عاماً) النازح من حي التضامن منذ سنوات إلى ضواحي دمشق: «بعد انتهاء العمليات العسكرية، دخلت الحي وكنت أتوقع دماراً كبيراً. لكنني وجدت زجاج بيتي المؤلف من أربع طبقات محطما فقط. فلِمَ لا أعود إلى منزلي، أنا والآلاف غيري من السكان؟».
وأثار إعلان لجنة كلفتها محافظة دمشق مسح الأضرار أنه لا يمكن للنازحين العودة إلى منازلهم قبل انتهاء عملية تصنيفها للتأكيد ما إذا كانت صالحة للسكن أم لا، احتجاجات واسعة. وشكل الأهالي لجنة تعقد اجتماعات متتالية مع محافظة دمشق، بعدما تبيّن لها أن عدداً كبيراً من المنازل المصنفة غير صالحة للسكن لم تتضرر كثيرا جراء المعارك.
ويوضح أبو محمد، وهو اسم مستعار لأحد النازحين من الحي، أنه تفقد منزله الواقع في القسم الجنوبي من الحي، ولم يجد «طلقة رصاص واحدة» فيه، «جلّ ما في الأمر أنه نُهب». ويقع منزله في كتلة أبنية تم تصنيفها غير صالحة للسكن، على حد قوله.
على صفحة على موقع «فيسبوك» تحمل تسمية «مهجري حي التضامن»، كتب أحدهم «من حقنا عودتنا إلى بيوتنا وأملاكنا وكدّ آبائنا». ونشر آخر صورة للحي مع تعليق: «لن نسكت حتى نسكن».
حتى العام 1967، كانت المنطقة عبارة عن بساتين فرّ إليها آلاف النازحين من جنوب البلاد بعد احتلال إسرائيل لهضبة الجولان. وغضّت دمشق الطرف عن البناء العشوائي الذي سرعان ما توسع مع توافد عائلات من محافظات عدة قصدوا العاصمة للعمل أو التعلم وفضلوا الإقامة فيها. وتضاعفت مساحة الحي تدريجياً. ومع توسّع المعارك منذ العام 2012، انخفض عدد سكان الحي من نحو 250 ألفاً إلى 65 ألفاً، بينهم 25 ألفاً نزحوا من أحياء مجاورة، وفق مختار الحي.
وقسّمت محافظة دمشق حي التضامن الذي يقدر عدد منازله بـ25 ألفاً إلى ثلاث مناطق جغرافية، تمّ مسح الأضرار في الأولى ويكاد ينتهي في الثانية.
ويقول رئيس اللجنة المكلفة من المحافظة مسح الأضرار فيصل سرور: «زرنا حتى الآن عشرة آلاف منزل، وأصدرنا تقارير عن صلاحية 2500 منها للسكن مقابل عدم صلاحية ألف أخرى». ويرجح سرور أن تكون الغالبية الساحقة من منازل المنطقة الثالثة غير صالحة للسكن، «كونها شكلت مناطق الاشتباكات وهي منطقة أنفاق ومفخخات».
وتعمل اللجنة على ترقيم المنازل الصالحة للسكن وختمها بالشمع الأحمر، على أن يستلمها أصحابها بعد تقديم وثائق تثبت ملكيتهم لها.
وستخضع المنطقة في وقت لاحق لإعادة التنظيم وفق القانون رقم 10، ما يعني أن مصير الأبنية الصالحة وغير الصالحة، عندما يبدأ تنفيذ المخطط العمراني، الهدم.
ويثير هذا القانون انتقادات واسعة. وأعربت منظمات حقوقية عن خشيتها من ألا يتمكن كثيرون من إثبات ملكياتهم، بسبب عدم تمكنهم من العودة إلى مناطقهم أو إلى سوريا، أو لفقدانهم وثائق الملكية.
ويزيد واقع البناء العشوائي من التعقيدات في حي التضامن حيث عشرة في المائة فقط من الملكيات نظامية، وفق محافظة دمشق، ما يعني أنه ليس لدى غالبية الأهالي صكوك ملكية مسجلة في الدوائر العقارية بل إفادات سكن مكّنتهم من الاستفادة من خدمات البنى التحتية وتسديد الضرائب.
وتميّز دمشق في عملية التنظيم بين الأحياء ذات البناء النظامي وتلك العشوائية. وفي الحالة الأخيرة، لن يحصل السكان على أسهم كونهم لا يملكون الأرض.
ويوضح سرور: «لن تُرمى الناس في الشوارع بل ستُمنح بدل سكن أو سكناً بديلاً».
لكن بالنسبة إلى أبو محمد، «ما يحصل ظلم لمواطنين سوريين صبروا لسنوات واختاروا الوقوف مع الدولة».
ويستغرق وضع مخطط تنظيمي للحي بين أربع وخمس سنوات، وفق سرور. وفي الفترة الفاصلة عن تلك المرحلة، يؤكد مختار حي التضامن أحمد إسكندر أن «الدولة جادة في أن تعيد المواطن إلى منزله بأمان» ولكن بعد تأهيل البنى التحتية والخدمية.
وبعدها يمكن لمن يجد منزله مختوماً أن يراجع الجهات المعنية «ويستعيده بشكل عادي بعدما يثبت ملكيته».
ويقول المختار الذي تتصدر مكتبه الواقع عند طرف الحي، صورة كبيرة للرئيس بشار الأسد مرتدياً بزة عسكرية ونظارات شمسية، «على غرار كافة المناطق الخاضعة للتنظيم، لن يحدث ذلك في يوم وليلة».



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.