لندن ترفض حدوداً جمركية تُفقدها السيادة في آيرلندا الشمالية

وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت (يمين) مع سفير بريطانيا في باريس إدوارد لولين (أ.ب)
وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت (يمين) مع سفير بريطانيا في باريس إدوارد لولين (أ.ب)
TT

لندن ترفض حدوداً جمركية تُفقدها السيادة في آيرلندا الشمالية

وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت (يمين) مع سفير بريطانيا في باريس إدوارد لولين (أ.ب)
وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت (يمين) مع سفير بريطانيا في باريس إدوارد لولين (أ.ب)

قبل أقل من خمسة أشهر من الموعد الذي من المنتظر أن تغادر فيه بريطانيا الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس (آذار) 2019، ما زالت قضية الحدود الجمركية بين آيرلندا الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، وجمهورية آيرلندا، التي هي جزء من الاتحاد الأوروبي، المعضلة الرئيسية التي تواجه مفاوضات انفصال بريطانيا عن التكتل الأوروبي، رغم ادعاء حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي بأنها أنجزت 95 في المائة من اتفاق الخروج.
وأفادت رسالة من رئيسة الوزراء تيريزا ماي اطلعت عليها صحيفة «تايمز»، بأن الاتحاد الأوروبي يريد فرض حدود جمركية في البحر الآيرلندي بين آيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لانسحاب بريطانيا من التكتل. وفي الرسالة، قالت ماي، إنها لن تسمح بتقسيم بين إقليم آيرلندا الشمالية وبريطانيا. وقالت أرلين فوستر، زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي في آيرلندا الشمالية، التي تتمتع بعشرة أصوات في برلمان ويستمنستر كافية لإبقاء تيريزا ماي بالحكم، إن الرسالة دقت أجراس الإنذار. وقال جيفري دونالدسون، وهو مشرّع من الحزب الوحدوي الديمقراطي في آيرلندا الشمالية الذي يدعم حكومة الأقلية المحافظة بقيادة ماي في عمليات التصويت الرئيسية في البرلمان البريطاني، في تغريدة على «تويتر»: «يبدو أننا نسير باتجاه عدم التوصل لاتفاق».
وقال ليو فارادكار، رئيس وزراء آيرلندا، الأربعاء: إن فرص توقيع اتفاق حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تتلاشى. وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد اتخذوا قراراً مبدئياً في قمة لهم بتحديد يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لتوقيع اتفاق مع لندن بشأن الخروج من الاتحاد. وقال فارادكار لصحافيين عقب اجتماع في هلسنكي مع رئيس وزراء فنلندا يوها سيبيلا «أعتقد أنه مع مرور كل يوم تصبح إمكانية عقد قمة خاصة في نوفمبر أقل ترجيحاً». وقال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، إنه بحث الثلاثاء في اتصال هاتفي مع ماي المضي قدماً بمفاوضات الخروج. ويحدد توسك ما إذا كانت قمة أوروبية ستعقد لإقرار اتفاق مع بريطانيا.
وتعمل ماي للتوصل إلى اتفاق انسحاب يحظى بتأييد في بروكسل وحزبها المنقسم بشدة وبين أعضاء الحزب الديمقراطي الوحدوي الذين لا يريدون أن تعامل آيرلندا الشمالية بشكل مختلف عن باقي المملكة المتحدة.
الاتحاد الأوروبي يريد أن تبقى الحدود مفتوحة بين إقليم آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا، على أن يكون هناك حدود جمركية في المياه الآيرلندية بين الاتحاد وبريطانيا؛ وهذا يعني من الناحية العملية فصل الإقليم عن باقي جسم المملكة المتحدة، وهذا ما ترفضه لندن وتعتبره تنازلاً في موضوع السيادة؛ مما يعني أن بريطانيا قد تصل إلى نقطة الصفر، أي 29 مارس المقبل، دون اتفاق. وفي حالة قبول لندن بشروط بروكسل فإن البرلمان قد يصوت ضد خطة ماي ويسقط مشروع الخروج برمته. وقال متحدث باسم مكتب رئيسة الوزراء ماي: إن الرسالة تحدد التزام ماي بعدم قبول أي وضع تقسم فيه أراضي المملكة المتحدة إلى منطقتين جمركيتين.
وفي حالة عدم الوصول إلى اتفاق دعت أحزاب سياسية ومجموعة من رؤساء الشركات البريطانية، الخميس، إلى استفتاء آخر على مغادرة الاتحاد الأوروبي وفقاً للشروط التي تأمل رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالتفاوض عليها أو البقاء في أكبر شريك تجاري لبريطانيا. ودعا زعماء شركات ضخمة لها ثقلها في سوق العمل إلى استفتاء و«تصويت للشعب» على الاتفاق النهائي الذي ستتوصل إليه ماي.
وذكر المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا، أمس (الجمعة)، أن الاقتصاد البريطاني حقق نمواً بوتيرة أسرع خلال الربع الثالث من العام الحالي، مقارنة بالربع السابق عليه. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا بنسبة 6.‏0 في المائة خلال الربع الثالث مقابل زيادة نسبتها 4.‏0 في المائة في الربع الثاني. وجاء معدل النمو متفقاً مع توقعات خبراء الاقتصاد، وعلى أساس سنوي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا بنسبة 5.‏1 في المائة خلال الربع الثالث. وجاءت هذه النسبة متفقة مع توقعات خبراء الاقتصاد، الذين لا يريدون خروجاً من الاتحاد ربما يقوض فرص النمو ويدخل بريطانيا في ركود.
وتصر ماي على أن بلادها ستخرج من الاتحاد الأوروبي في مارس، لكنها ستواجه معركة في البرلمان البريطاني في الأسابيع المقبلة لإقرار اتفاق محتمل مع الاتحاد القصد منه تسهيل الخروج والحد من الاضطراب الذي سينجم عنه. وفي يونيو (حزيران) 2016، وافق 17.4 مليون شخص، أو 51.9 في المائة من الناخبين، على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في حين أيد 16.1 مليون، أو 48.1 في المائة، البقاء.
ومن جانب آخر، قالت محكمة العدل الأوروبية في بيان، الأربعاء، إن قضاتها سينظرون يوم 27 نوفمبر دعوى بشأن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لبحث ما إذا كان بإمكان بريطانيا سحب قرارها بالخروج من الاتحاد بشكل منفرد. وأقامت محكمة اسكوتلندية الدعوى أمام محكمة العدل الأوروبية، وهي أعلى محاكم الاتحاد الأوروبي، بعد أن أقام مواطنون معارضون لخروج بريطانيا دعوى أمامها طلبوا فيها إصدار حكم يوضح تفسير البند 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي الذي أخطرت بريطانيا الاتحاد بمقتضاه بأنها ستخرج منه بعد عامين. وليس واضحاً متى ستصدر محكمة العدل الأوروبية حكماً نهائياً في الدعوى. وقالت متحدثة باسم حكومة ماي، إنها تبحث استئناف قرار المحكمة الاسكوتلندية إقامة الدعوى أمام محكمة العدل الأوروبية في المحكمة العليا البريطانية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».