سلامة يدعو الليبيين لاطلاق مسار إجراء الانتخابات في الربيع المقبل

تقرير أممي: ما يريده الشعب هو حكومة وطنية وتوزيع الثروة بصورة عادلة

صورة أرشيفية تجمع المشير خليفة حفتر وفائز السراج وخالد المشري وعقيلة صالح خلال اجتماع باريس  الذي جرى خلاله الاتفاق على إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تجمع المشير خليفة حفتر وفائز السراج وخالد المشري وعقيلة صالح خلال اجتماع باريس الذي جرى خلاله الاتفاق على إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل (أ.ف.ب)
TT

سلامة يدعو الليبيين لاطلاق مسار إجراء الانتخابات في الربيع المقبل

صورة أرشيفية تجمع المشير خليفة حفتر وفائز السراج وخالد المشري وعقيلة صالح خلال اجتماع باريس  الذي جرى خلاله الاتفاق على إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تجمع المشير خليفة حفتر وفائز السراج وخالد المشري وعقيلة صالح خلال اجتماع باريس الذي جرى خلاله الاتفاق على إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل (أ.ف.ب)

أكد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، أن الليبيين «ضاقوا ذرعاً بالمغامرات العسكرية والمناورات السياسية التافهة»، داعياً إلى عقد مؤتمر وطني يكون أوسع تمثيلاً لليبيين خلال الأسابيع الأولى من سنة 2019، على أن تجرى الانتخابات العامة في الربيع المقبل.
وكان سلامة يتحدث مع أعضاء مجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، أفاد فيها بأن «هذا الملتقى الوطني سيكون منبراً للشعب الليبي، يمكن من خلاله الدفع نحو اتخاد خطوات ضرورية للمضي في العملية السياسية، وإيجاد مسار آمن للخروج من المأزق الحالي، على أن يكون معززا بجدول زمني، وبدعم المجتمع الدولي، وبلا تدخل». مشددا على أن «العملية الانتخابية ينبغي أن تبدأ عقب انعقاد المؤتمر الوطني في الأسابيع الأولى من العام المقبل».
وبخصوص الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي في ليبيا، أوضح سلامة أن «لجنة الترتيبات الأمنية الجديدة لطرابلس الكبرى صاغت خطة أمنية شاملة للعاصمة، اعتمدت من قبل المجلس الرئاسي»، مبرزاً أن «هذه الخطة الأمنية التي تعزز وقف النار قد بدأ تنفيذها بالفعل، وسوف تنسحب بموجبها الجماعات المسلحة من المنشآت الرئيسية، بينما يتم نشر قوات الاحتياط في محيط المدينة». كما أوضح أن «نجاح الخطة في العاصمة يعتبر أمرا بالغ الأهمية، ليس فقط لأنها تضم معظم المؤسسات الحكومية... ولكن أيضاً لأن ما يتحقق في طرابلس يمكن أن يكون نموذجاً يتكرر في مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد».
في سياق ذلك، أشار المبعوث الأممي إلى أن ليبيا التي «تزيد إيراداتها خلال ستة أشهر على 13 مليار دولار، ما تزال تعاني الفقر بشكل متزايد، حيث يستخدم المجرمون العنف والمحسوبية لسرقة المليارات من الخزائن الوطنية»، داعيا إلى «العمل بجد لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، والحيلولة دون وقوع أي انتكاس للمكاسب التي تحققت». وقال بهذا الخصوص إن «الإلغاء التدريجي لدعم المحروقات لصالح التحويل النقدي المباشر يزيد من الدخل الفعلي للأسر الفقيرة، ويحول في الوقت ذاته دون وقوع مليارات الدنانير في أيدي المهربين».
كما تطرق سلامة إلى «ظروف السجون المروعة، التي تعتبر من دوافع الصراع في البلاد». وقال إنه على الرغم من صدور مرسوم يقضي بمراجعة ملفات آلاف الأسرى القابعين في السجون، فإنه لم يتم الإفراج سوى عن 255 سجيناً حتى الآن.
أما بخصوص الانتخابات، فقد أشار سلامة إلى أن «مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة يعتبرانها تهديداً تجب مقاومته». لكن بالنسبة للشعب فإن الانتخابات «وسيلة لتحريره من السلطات المشلولة التي تفقد شرعيتها أكثر فأكثر». ومع ذلك، أكد سلامة «تواصل البعثة بشكل مستمر مع أعضاء كلا المجلسين بغرض التوصل إلى اتفاق حقيقي».
من جانبه، عبر ستيفن هيكي، المنسق السياسي لدى البعثة البريطانية، عن دعم المملكة المتحدة القوي لتوجهات المبعوث الخاص، مضيفاً أنه «لكي يكون المؤتمر الوطني ناجحاً، فإنه من الأهمية بمكان ضمان تمثيل التنوع الكامل في ليبيا، وبمشاركة كبيرة من النساء». كما شدد على ضرورة توسيع وقف النار في طرابلس إلى كل أنحاء البلاد.
بدوره، أكد المندوب الكويتي منصور العتيبي «أهمية حل المجموعات المسلحة للحفاظ على سلاسة العملية الانتقالية»، داعيا إلى «توحيد المؤسسة العسكرية، وتفعيل الأجهزة الأمنية في ليبيا». كما دعا إلى «الإسراع في تنفيذ الخطة الأمنية لتأمين طرابلس»، آملاً في أن «يصل مؤتمر باليرمو إلى نتائج ملموسة على الأرض بما يساهم في تحسين الظروف المعيشية وتوفير الأمن للمواطنين». كما شدد على «ضرورة العمل الجاد للحد من تنامي البؤر الإرهابية التي تستغل الفراغ الأمني والسياسي لتتغلغل في الجنوب الليبي».
من جهته، أبدى فرنسوا دولاتر، المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة «قلقه» من تدهور الحالة الأمنية في ليبيا، مؤكداً دعم بلاده لتوحيد القوات المسلحة الليبية «تحت سلطة مدنية لأن هذه أولوية». وحذر بهذه المناسبة من أن «الذين يهددون استقرار البلاد، ولا سيما من خلال النشاطات الإجرامية، سيتم استهدافهم بنظام العقوبات». ورأى أن «مؤتمر الأسبوع المقبل في باليرمو سيكون فرصة لمشاركة كل أصحاب المصلحة في مثل هذه القضايا».
في السياق ذاته، أفاد نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين بأن «المجلس لم يتمكن في كثير من الأحيان من التحدث بصوت واحد للتغلب على التحديات الخطيرة التي تواجه الاستقرار في ليبيا، ومكافحة أولئك الذين يبتغون مصالحهم الذاتية الضيقة». وتعهد بتقديم الدعم من الولايات المتحدة للتقدم السياسي في ليبيا، عبر الإفادة من زخم مؤتمر باريس، داعيا حكومة الوفاق الوطني إلى الإسراع في إجراء إصلاحات اقتصادية لضمان الشفافية والتوزيع العادل للموارد النفطية.
كما عبر نائب المندوب الروسي الدائم فلاديمير سافرونكوف عن «قلقه العميق لتدهور الوضع الأمني»، معتبراً ذلك «نتيجة للتدخلات التي شهدتها البلاد عام 2011». لكنه شدد على أن «الأمم المتحدة لا تستطيع وحدها مساعدة ليبيا في التغلب على كل التحديات التي تواجهها»، علما بأنه «يجب أن تنسق كل الجهود من قبل الأمم المتحدة». ورأى أنه «يجب أن تستخدم العقوبات بحذر» لأنها «يمكن أن تكون مفيدة في بعض الحالات»، ولكن «يجب التعامل مع حالات أخرى عبر العدالة الوطنية».
إلى ذلك، كشف تقرير أعدته جماعة مفوضة من الأمم المتحدة بعد اجتماعات في أنحاء ليبيا، عن أن الليبيين يريدون بأغلبية ساحقة تشكيل حكومة وطنية تمثل جميع مكونات المجتمع وتوزيع الموارد بصورة عادلة.
وأبرزت النتائج التي توصل إليها تقرير مركز الحوار الإنساني، وهو منظمة غير حكومية، استياء واسع النطاق بين الليبيين من الصراع بين حكومتين وجماعات مسلحة وقبائل ومناطق متنافسة منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011. مشيرا إلى أن قسما واسعا من المشاركين في المسار التشاوري يرون أن الليبيين «محرومون من حكومة تمثلهم وتجمع فرقتهم وتدافع عن مصالحهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.