مشاهدات ستة أيام مع حكم تنظيم «دولة الخلافة» في الرقة السورية

إيصالات ضرائب و«جزية» على المسيحيين.. وأمير الكهرباء سوداني والمستشفى بإدارة أردني ورئاسة مصري

صورة أرشيفية لمسيرة استعراضية لعناصر تنظيم داعش في مدينة الرقة (أ.ب)
صورة أرشيفية لمسيرة استعراضية لعناصر تنظيم داعش في مدينة الرقة (أ.ب)
TT

مشاهدات ستة أيام مع حكم تنظيم «دولة الخلافة» في الرقة السورية

صورة أرشيفية لمسيرة استعراضية لعناصر تنظيم داعش في مدينة الرقة (أ.ب)
صورة أرشيفية لمسيرة استعراضية لعناصر تنظيم داعش في مدينة الرقة (أ.ب)

بعدما تعرض مصنعه للقصف في مدينة حلب (شمال سوريا)، لم يعد أمام رجل الأعمال إلا خياران قاتمان؛ إما البقاء في المنزل ويجازف بحياته في الغارة الجوية المقبلة، أو الفرار مع مئات الآلاف من الفارين الآخرين إلى معسكر اللاجئين في تركيا.
بدلا من ذلك، أخذ ما تبقى له من أموال واتجه شرقا صوب مدينة الرقة المجاورة، وهي العاصمة الفعلية للقوة الجهادية الأسرع نموا في العالم. ووجد هناك درجة من النظام والأمن غير موجود مثلها في باقي أجزاء سوريا.
وقال رجل الأعمال الذي ذكر اسمه الأول فقط، قدري، إنه في الوقت الذي يشرف فيه على عشرات العمال في مصنع ملابس الأطفال الجديد الذي يمتلكه في الرقة «سوف يستمر القتال في سوريا، وعلينا أن نعيش حياتنا».
قبل وقت طويل من اجتياح المتطرفين للعراق واستيلائهم على مساحة كبيرة من الأراضي، سيطرت الجماعة التي تعرف الآن ببساطة باسم «الدولة الإسلامية» على معظم مدينة الرقة، التي يقطنها نحو مليون نسمة، وأقاموا مقرا لهم في عاصمة المدينة. ومن خلال الإدارة الاستراتيجية والقوة الغاشمة، بدأت الجماعة في فرض رؤيتها للدولة التي تمزج التفسيرات الأصولية للإسلام مع الجوانب العملية للحكم.
وفي الوقت المناسب، حصلت على احترام مفاجئ من بعض المواطنين الذين أنهكتهم الحروب، مثل قدري، الذي سوف يقبل بأي سلطة يمكنها استعادة ما يشبه الحياة الطبيعية. أما المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في حلب، مع المقارنة، فلا تزال يعصف بها نقص الغذاء وانتشار الجريمة. غير أن هناك جانبا قاتما للحكم الإسلامي، وهو حالات الإعدام العلنية والقواعد الاجتماعية الصارمة التي تركت الكثيرين في ذلك المجتمع الذي عاش التسامح يوما ما في قلق بالغ إزاء المستقبل.
في مدينة الرقة، يحافظ ضباط المرور على التقاطعات بلا مشاكل، والجريمة نادرة الحدوث، ويصدر جباة الضرائب الإيصالات. لكن تعرضت تماثيل الأسود التي تعد معلما من معالم حديقة الرشيد إلى التدمير لأنها عدت تجديفا بالدين. والأماكن العامة مثل ميدان العماسي، الذي كان محلا لتقابل الشبان والفتيات في الصباح والمساء، ضربت حوله الجدران بالأسوار الحديدية التي تعلوها الرايات السوداء للدولة الإسلامية. وفقد الأشخاص المتهمون بالسرقة أيديهم في حالات البتر العلنية.
وقال مدرس بالمعاش من الرقة: «ما أراه في الرقة يثبت أن للدولة الإسلامية رؤية واضحة من حيث إقامة الدولة بكل ما تحمل الكلمة من معاني».
إن أسلوب حكم الدولة الإسلامية في الرقة يوفر رؤية واضحة لما تحاول الدولة فعله حال تحركها لترسيخ قبضتها على الأراضي التي تشمل الحدود السورية - العراقية. وقضى موفد من صحيفة «نيويورك تايمز» ستة أيام في الرقة وأجرى مقابلات مع عشرات السكان. ولم تذكر هوية الموفد ولا هوية من تقابل معهم من أجل حمايتهم من انتقام المتطرفين الذين تتبعوا وقتلوا أولئك الذين يعدونهم مناوئين لمشروعهم.
بالنسبة للذين يدخلون الرقة، فإن الدولة الإسلامية تجعل من الواضح تماما من يسيطر على زمام الأمور.
عند المدخل الجنوبي للمدينة، كانت المدينة تستقبل الزوار بلوحة شاهقة من الفسيفساء تمثل الرئيس بشار الأسد وهارون الرشيد، الخليفة الذي حكم العالم الإسلامي من الرقة في القرن التاسع. وحاليا هناك لوحة سوداء شاهقة تحيي الدولة الإسلامية ومن تطلق عليهم «شهداءها» المزعومين الذي قتلوا وهم يقاتلون لأجلها.
يضم مجلس مدينة الرقة لجنة الخدمات الإسلامية، والمكتب السابق لوزير المالية يحتوي على المحكمة الشرعية والشرطة الجنائية، وتتمركز شرطة المرور في المدرسة الثانوية الشرعية الأولى، وتحول بنك الائتمان في الرقة إلى هيئة الضرائب حاليا، حيث يجمع الموظفون 20 دولارا كل شهرين من أصحاب المحلات لقاء خدمات الكهرباء، والمياه، والأمن. ويقول الكثيرون إنهم يتسلمون إيصالات ممهورة بشعار الدولة الإسلامية وتعد الرسوم أقل مما تعودوا سداده لحكومة الأسد.
يقول أحد الصائغين في مدينة الرقة من محله الصغير أثناء تسوق إحدى النساء لشراء قطع ذهبية بالأموال التي أرسلها لها زوجها من الخارج: «أشعر أنني أتعامل مع دولة محترمة، وليست مجموعة من اللصوص».
تعد الرقة حالة اختبار للدولة الإسلامية التي فرضت نفسها تحت صفة السلطة المطلقة في تلك المدينة على نهر الفرات في وقت مبكر من هذا العام. وقد أثبتت الجماعة بالفعل براعتها العسكرية، من حيث هزيمة الميليشيات الأخرى في سوريا وكذلك الجيش العراقي. ولكن كان هنا في ذلك المحور الزراعي حيث أتيح لها الوقت لتحويل عقيدتها إلى واقع، وهو المشروع الذي لا يبدو أنه سينتهي قريبا نظرا لعدم وجود قوة عسكرية قادرة على زحزحته.
قال أحد عمال الإغاثة الذين سافروا إلى الرقة إن صفوف الدولة الإسلامية ممتلئة بالشباب الصغير المتحمس، والكثير منهم أجانب يغلب عليهم الشغف بالعنف أكثر من شغفهم بالحكم. ولإبقاء الأمور على منوالها، فقد دفعت أو هددت الدولة العمال المهرة للبقاء في وظائفهم في حين عينت عليهم مشرفين موالين لها لضمان الامتثال للقواعد الإسلامية.
وأضاف عامل الإغاثة، الذي تحدث من دون ذكر هويته حتى لا يتضرر عمله: «لا يمكنهم فصل جميع الموظفين وجلب موظفين جدد لتشغيل المستشفى، لذا فقد غيروا المدير بشخص يفرض القواعد والأنظمة الخاصة بهم».
وقد أغلقت كنائس الرقة الثلاث، التي كانت في يوم ما مأوى الأقلية المسيحية بالمدينة. وعقب الاستيلاء على أكبر الكنائس الكاثوليكية الأرمينية في المدينة، أزالت الدولة الإسلامية الصلبان من عليها، وعلقوا مكانها الرايات السوداء على الواجهات وحولوها إلى مركز إسلامي يعرض أفلام الفيديو للمعارك والعمليات الانتحارية من أجل تجنيد المقاتلين الجدد.
أما المسيحيون الباقون فلا يزالون يدفعون «جزية» تبلغ بضعة دولارات. وعندما يمر ضباط الشرطة الدينية بالدولة الإسلامية للتأكد من إغلاق جميع المحال أثناء الصلوات، لا بد للمسيحيين من الامتثال كذلك.
وقد حظرت الشرطة الدينية التدخين في الأماكن العامة من السجائر والشيشة - وهي خطوة قللت من الحياة الاجتماعية في المدينة، مما دفع بالمقاهي للإغلاق. كما أنهم يتأكدون من أن النساء يغطين رؤوسهن ووجوههن في الأماكن العامة.
وقال أستاذ جامعي من الرقة إن مسلحي الدولة الإسلامية قد أوقفوا أخيرا حافلة متجهة إلى دمشق حينما وجدوا امرأة واحدة على متن الحافلة غير مغطاة بشكل كاف. فأوقفوا الحافلة لمدة ساعة ونصف الساعة حتى ذهبت المرأة إلى بيتها وغيرت ملابسها، على حد تعبير الأستاذ الجامعي.
بمزيد من البراغماتية، تمكنت الدولة الإسلامية من الحفاظ على المواد الغذائية في المتاجر، والحفاظ على المخابز ومحطات الوقود عاملة، غير أنها واجهت مشاكل كبيرة من حيث مياه الشرب والكهرباء، وهي الأزمة التي تستمر لمدة 20 ساعة يوميا.
قد يدركون أن المتطرفين الشبان لديهم جاذبية نحو العنف الطائفي أكثر من امتلاكهم للمهارات المهنية، حيث طلب أبو بكر البغدادي، أمير الجماعة، من الأطباء والمهندسين السفر إلى الرقة، في خطاب صوتي أخير له، للمساعدة في بناء دولته الإسلامية التي أعلنت حديثا، حيث قال: «إن هجرتهم إلينا هي واجب إسلامي حتى يتمكنوا من تلبية حاجات المسلمين الشديدة».
وتبدو تلميحات تلك التعبئة الدولية جلية في الرقة، حيث غالبا ما يكون المسلحون عند نقاط التفتيش من جنسيات سعودية، أو مصرية، أو تونسية، أو ليبية. وأمير هيئة الكهرباء في الرقة من السودان، وإحدى المستشفيات يديرها أردني تحت قيادة رئيسه المصري، طبقا للسوريين الذين يعملون تحت إدارتهما.
عقب تقدم الدولة الإسلامية في العراق الشهر الماضي، مضى الأردني إلى الموصل للمساعدة في تنظيم المستشفى هناك قبل العودة إلى الرقة. وقال أحد موظفيه: «كانت يتحدث بتألق وبريق لامع في عينيه، يقول إن خلافة الدولة الإسلامية التي بدأت في الرقة سوف تنتشر لتشمل المنطقة بأسرها».
* خدمة «نيويورك تايمز»



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».