استمرار المعارك حول مطار طرابلس.. وتصاعد القتال في بنغازي

برلمان ليبيا الجديد يواجه أزمة صلاحيات دستورية وسياسية

استمرار المعارك حول مطار طرابلس.. وتصاعد القتال في بنغازي
TT

استمرار المعارك حول مطار طرابلس.. وتصاعد القتال في بنغازي

استمرار المعارك حول مطار طرابلس.. وتصاعد القتال في بنغازي

بينما استمرت مساعي الحكومة الانتقالية في ليبيا دون جدوى لوقف الاشتباكات الدامية بين ميليشيات مسلحة في محيط منطقة مطار العاصمة طرابلس، علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس النواب الجديد المنتخب يواجه أزمة دستورية تتعلق بصلاحياته الرئاسية.
وقال بيان لمكتب عبد الله الثني، رئيس الوزراء الليبي، إن حكومته واصلت أمس جهودها لوقف الاقتتال في المنطقة المحيطة بمطار طرابلس الدولي، مشيرا إلى أنها عقدت اجتماعات مع مختلف فئات المجتمع ونشطائه، بالإضافة إلى اجتماع استمر حتى ساعات صباح أول من أمس ضم الثني وأعضاء مجلس النواب عن مدينة طرابلس ووزيري الاتصالات والثقافة وعددا من شباب المدينة ونشطائها. وأوضح البيان أنه تم خلال هذا الاجتماع تدارس جملة من المقترحات التي من شأنها وقف الاقتتال وتجنيب السكان المدنيين ويلاته، وكذلك طرق توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من الاشتباكات الجارية في منطقة قصر بن غشير وما حوله.
وكان الثني قد حذر من عواقب الوضع الخطير الذي تمر به ليبيا نتيجة التجاوزات التي تقوم بها بعض المجموعات المسلحة، ويذهب ضحيتها مواطنون أبرياء في طرابلس وبنغازي. وأكد الثني خلال اجتماعه في طرابلس مع سفراء إيطاليا وفرنسا وبريطانيا على ضرورة دعم الشركاء الدوليين للعملية السياسية في ليبيا، خصوصا بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، وتحديد موعد أول جلسة للبرلمان الجديد في الرابع من الشهر المقبل. وقال بيان للحكومة إن السفراء أعربوا عن قلقهم الشديد مما يجري في طرابلس، ولفتوا إلى أن الأعمال الحربية أدت إلى كارثة إنسانية في العاصمة التي حرمت الماء والغداء والوقود عن المواطنين.
وناشد الثني جميع الأطراف المتقاتلة التوقف الفوري عن الاقتتال، احتراما لحرمة دم المؤمن بالنظرِ لهول الفاجعة وارتفاعِ عدد الضحايا. ودعا الثني في كلمة تلفزيونية مساء أول من أمس قيادات وأعيان ووجهاء مدينتي مصراتة والزنتان، وجميع المدن الليبية، للمبادرة مع الحكومة لرأب الصدع ولمّ الشمل وإصلاح ذات البين قبل الوصول بالبلاد إلى نقطة اللاعودة والدخول في حرب طاحنة لا مُبرِّرَ لها تأتي على الأخضر واليابس.
من جهتها أكدت المحكمة الجنائية الدولية، أمس، إمكانية قيام ليبيا بمحاكمة عبد الله السنوسي، رئيس الاستخبارات في عهد القذافي، ورفضت استئنافا ضد قرارها السابق بتجنب تقديمه للمحاكمة في لاهاي.
وأيدت محكمة الاستئناف، التابعة للمحكمة، حكما صدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 قال إن ليبيا «راغبة وقادرة حقا» على التحقيق في جرائم ضد الإنسانية، يتردد أنها ارتكبت من قبل مساعد القذافي. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد وجهت في عام 2011 اتهامات للسنوسي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لدوره في قمع تمرد عام 2011 الذي أنهى حكم القذافي.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس النواب الجديد في ليبيا، والذي سيتسلم السلطة الشهر المقبل، يواجه أزمة دستورية قد تجعله برلمانا بلا أي صلاحيات، على غرار تلك التي كان يتمتع بها المؤتمر الوطني العام الذي يستعد للرحيل. وقال عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من أن مجلس النواب يمكنه تسلم كامل سلطة المؤتمر، فإن هناك إشكالا دستوريا يتعلق بأن سلطة المجلس ستكون تشريعية محضة. وأضاف «هو (مجلس النواب) سلطة تشريعية فقط، والمؤتمر سلطة سيادية عليا ولديه صلاحيات رئاسية».
من جهة أخرى، شهدت مدينة بنغازي في شرق ليبيا، أمس، ما وصفته وكالة الأنباء الرسمية بالهدوء الحذر بعد اشتباكات عنيفة دارت رحاها أمس بمحيط معسكر الصاعقة بمنطقة بوعطني. وأكد مصدر بالقوات الخاصة وفاة اثنين جراء اشتباك مسلح مع القوات المسيطرة على معسكر اللواء «319»، مشيرا إلى أن القوات تستعد للهجوم عليه في أي لحظة لدحر الجماعات المسلحة بداخله. ونفى المصدر سيطرة الجماعات المسلحة على معسكر 21 التابع لها، مؤكدا أن أعداد كبيرة من الثوار جاءت من كل مدن شرق ليبيا لمشاركتها حربها ضد من سمتهم «الإرهابيين» في إشارة إلى تنظيم أنصار الشريعة والمتحالفين معه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم