مفتي سنغافورة: على الأديان مواجهة الرؤى المتطرفة التي تدعو للانعزال

مؤتمر «القيم الدينية» العالمي يوصي ببرامج عملية لنشر ثقافة التعايش

رئيسة سنغافورة خلال استقبال وفد «منتدى تعزيز السلم» أمس («الشرق الأوسط»)
رئيسة سنغافورة خلال استقبال وفد «منتدى تعزيز السلم» أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مفتي سنغافورة: على الأديان مواجهة الرؤى المتطرفة التي تدعو للانعزال

رئيسة سنغافورة خلال استقبال وفد «منتدى تعزيز السلم» أمس («الشرق الأوسط»)
رئيسة سنغافورة خلال استقبال وفد «منتدى تعزيز السلم» أمس («الشرق الأوسط»)

أوصى المؤتمر العالمي «القيم الدينية في عالم التعددية» الذي اختتم أعماله بالعاصمة سنغافورة، أمس، بالتأكيد على الانتقال بالمؤتمر إلى صيغة سنوية دورية لمتابعة الاهتمام بإدارة مشكلات الواقع ضمن منظومة التعايش السلمي، والقيام بإعداد برامج عملية لنشر ثقافة التعايش والوئام. في حين أكد الدكتور محمد فطرس، مفتي سنغافورة، أنه «يتعين على الأديان أن تتعايش بسلام وبشكل متساوٍ في التنمية المشتركة، إلى جانب مواجهة الرؤى المتطرفة التي تدعو إلى الانعزال والتقوقع».
واختتمت فعاليات المؤتمر، الذي شارك فيه ممثلو الأديان ونخبة واسعة من العلماء، الذي نظمه «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، و«المجلس الإسلامي السنغافوري» على مدى يومين.
وأثنت حليمة يعقوب، رئيسة سنغافورة، على دور «منتدى تعزيز السلم» وجهود الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس «منتدى تعزيز السلم» في صناعة ثقافة السلام، وترسيخ قيم التعايش الإنساني السعيد.
وأكدت رئيسة سنغافورة خلال استقبال وفد المنتدى الذي ضم الدكتور حمزة يوسف، نائب رئيس «منتدى تعزيز السلم»، والدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات، أمين عام المنتدى، والسفير الشيخ المحفوظ بن بيه، نائب الأمين العام للمنتدى، مسؤول العلاقات الدولية، أمس، أنها «لا تستغرب على الإمارات مثل هذه المبادرات الطيبة، في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البشرية، حيث يسود الغلو والتطرف الكثير من مناطق العالم».
من جهته، أكد الدكتور الكعبي، خلال فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر، أمس، أن «الدين لم يكن يوماً أداة تخريب ودمار، ولم يكن الله الحكيم ليجعل الدين الذي أنزله رحمة وهداية، مبرراً لذوي النفوس المريضة كي تفسد «حديقة التعددية»، تلك الحديقة التي أرادها الله دليلاً على واحديته ووحدانيته؛ فهي تعددية تسقى بماء واحد، ماء الرحمة والحكمة، وتتغذى بقيم الإنسانية والتعايش».
وقال الكعبي: إن الواقع يستدعي التزام البشرية بمبدأ الدفاع المشترك ووحدة المصير، في عالم انخرقت فيه «سفينة النجاة»، وصار الجميع مهددين بالغرق في طوفان الحقد والكراهية، ونار العنف والعنف المضاد... فمطلوب من العالم ترتيب أولوياته، فالقضية لم تعد تتحمل منطق أنا أو أنت، وأكون ولا تكون؛ فالجميع مهدد، والجميع تحت الضغط، والجميع ملزم بإيجاد الحلول المناسبة والملائمة لطبيعة العصر وتركيبته.
مضيفاً: إن الأديان أمامها تحديات كبيرة تجب مواجهتها؛ لاقتراح حلول إبداعية، تُستثمر فيها مشتركات العدل والتنمية الاقتصادية والسلم الاجتماعي في أبعد الحدود، وهي متطلبات يجب أن تتبوأ أعلى سلم أولويات العالم؛ مع وضوح في الرؤية، يبعد شبح الحروب العبثية... ولن يتحقق ذلك؛ إلا من خلال مقاربات جديدة في علاقة أتباع الأديان فيما بينهم، قوامها القبول بالاختلاف، وتحالف الجميع لخدمة الإنسان.
بينما شدد مفتي سنغافورة على أن هناك تحدياً آخر للأديان، وهو كيفية الاستثمار في بناء مؤسسات المستقبل، وكيف يمكن إعداد علماء يستجيبون للتحديات المقبلة؛ في ظل عولمة غير مسبوقة تقنياً ومعرفياً، مؤكداً أن «الأديان قادرة على أن تشكل مورداً فعالاً في إثراء المشتركات الإنسانية وخدمة الصالح العام في أي مجتمع تعددي؛ شرط أن تعمل معاً... وإذا كنا ملتزمين حقاً ببناء مستقبل أكثر تناسقاً، فيتعين على الأديان أن تتعايش بسلام وبشكل متساوٍ في التنمية المشتركة، إلى جانب مواجهة الرؤى المتطرفة، التي تدعو إلى الانعزال والتقوقع».
ولفت مفتي سنغافورة إلى أنه من أجل تحقيق سلام واستقرار مستدامين، نحتاج إلى العمل بنشاط على تعزيز الوعي المتزايد لدور السلام والدور التصالحي، وبناء قدرات مؤسساتنا ومجتمعاتنا الدينية والاجتماعية... ويتعين على المنظمات المجتمعية الاستعداد لعالم أكثر تعقيداً، معتبراً أن ما نراه من أمثلة ونماذج مثيرة للانقسام والانعزال، إنما هو تذكير أو تأكيد بأن مهمتنا في تطوير وتوسيع «الفضاء المشترك» هي مهمة حرجة وعاجلة للغاية؛ ما يعني أننا في أمس الحاجة إلى الاستفادة من الموارد المضمنة في عمق تقاليدنا الدينية وتسخيرها لحماية «الفضاء المشترك».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.