مصادر يمنية تكشف لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل تسليم عمران

50 دبابة وصواريخ «كاتيوشا» نهبت من معسكر اللواء المدرع

جندي يمني بنقطة تفتيش في الطريق المؤدية الى عمران
جندي يمني بنقطة تفتيش في الطريق المؤدية الى عمران
TT

مصادر يمنية تكشف لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل تسليم عمران

جندي يمني بنقطة تفتيش في الطريق المؤدية الى عمران
جندي يمني بنقطة تفتيش في الطريق المؤدية الى عمران

كشفت مصادر يمنية خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن طبيعة المفاوضات التي خاضتها السلطات اليمنية مع المتمردين الحوثيين، من أجل استعادة السيطرة على محافظة عمران في شمال صنعاء، التي اجتاحها الحوثيون بالقوة المسلحة في الثامن من يوليو (تموز) الحالي. وقال المصدر إن المفاوضات التي جرت بين الحكومة اليمنية وجماعة «أنصار الله» كانت صعبة، لكنها أفضت إلى اتفاقات مهمة لـ«أزمة اجتياح عمران والتي مثلت تهديدا خطيرا على التسوية السياسية ومخرجات الحوار».
وذكرت المصادر أن القيادة السياسية أوكلت إلى لجنة رئاسية برئاسة الوزير حمود عباد، وضمت في عضويتها المشايخ علوي الباشا حسين العواضي من مشايخ مأرب، وعبد الحميد حريز من مشايخ الضالع.. وأن اللجنة الرئاسية «تولت اللجنة مهمة مفاوضات غير معلنة مع قيادة أنصار الله، والتقت بزعيمهم عبد الملك الحوثي، حيث انتقلت اللجنة في طائرة خاصة يوم الجمعة الماضي إلى صعدة وأجرت محادثات مطولة وعادت إلى صنعاء يوم السبت الماضي لتلتقي بالقيادة العسكرية والأمنية والرئيس هادي، وتوصلت اللجنة إلى اتفاق لتسليم جثة العميد حميد القشيبي (قائد اللواء 310 - مدرع)، والتي نقلت إلى صنعاء في اليوم التالي (الأحد الماضي)، مع اثنين من مرافقيه، وسلمت لوزارة الدفاع، حيث كانت (الجثة) محجوزة لدى الحوثيين في منطقة ريدة في عمران».
وقال مصدر يمني، طلب عدم ذكر اسمه، إن «اللجنة بحثت القضايا المتعلقة بانسحاب الحوثيين من عمران وإعادتها إلى حظيرة الدولة وتبادل الأسرى وجثث القتلى بين جميع أطراف المواجهات في عمران واستعادة الأسلحة المنهوبة في أحداث عمران الأخيرة وفق إجراءات يتولاها مختصون من قيادة الجيش وممثل عن الحوثيين». وأضاف المصدر أن «اللجنة التقت زعيم أنصار الله في صعدة وعادت إلى صنعاء بشكل غير معلن لتحاشي المؤثرات التي قد تحول دون استكمال التسوية والتطبيع الذي رعاه رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، ونجح فيه بالتغلب على أزمة كادت تعصف بالبلد وبدأت نتائج نجاح الرئيس في احتواء قضية عمران في التدشين الرسمي الذي عبر عنه الرئيس في زيارته وكلمته التي وجهها إلى مواطنيه من عمران».
وفي ما يتعلق بالأسلحة التي نهبت من معسكر «اللواء 310 – مدرع»، الذي كان يقوده العميد الركن (الصريع) حميد القشيبي، والتي بينها أكثر من 50 دبابة ومنصات إطلاق صواريخ «كاتيوشا» وغيرها من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أبدوا الاستعداد لإعادة ما بحوزتهم من الأسلحة «غير أنهم أكدوا أن معظم الأسلحة ليست بحوزتهم، وأن بعضها جرى تدميره في القصف الجوي للطيران الحربي اليمني، وأن البعض الآخر جرى الاستيلاء عليه من قبل رجال القبائل في محافظة عمران».
واستولى الحوثيون بالقوة المسلحة على محافظة عمران في الثامن من الشهر الحالي، بعد قتال استمر لأكثر من شهرين بينهم وبين من يقولون إنهم ميليشيا تكفيرية تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المشارك في حكومة الوفاق الوطني، وأيضا مع قوات الجيش المرابطة في المنطقة التي تعرف بـ«محور سفيان» العسكري - سابقا، في الوقت الذي يسيطر فيه الحوثيون بصورة كاملة على محافظة صعدة التي تقع في إطار المنطقة العسكرية السادسة التي تضم عمران وصعدة والجوف.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في محافظة الجوف أن اللجنة المكلفة بإنهاء التوتر في الجوف بين «الحوثيين» و«الإصلاحيين» وبعض القبائل التي ينتمي أبناؤها للجيش والتي يرأسها اللواء عوض محمد فريد، قائد قوات الشرطة العسكرية، تمكنت من عقد هدنة مفتوحة بين كل الأطراف. وقالت مصادر خاصة إنه «يبدو أن الحرب في عمران والتسوية الأخيرة عكست نفسها على الأوضاع في الجوف»، فبعد مواجهات دامية وقعت في الجوف ومنطقة مجزر المحاذية للجوف والتابعة لمحافظة مأرب، تؤكد المصادر المحلية في محافظة الجوف أن «اللجنة توصلت إلى شبه اتفاق يقضي بإنهاء المواجهات وانسحاب المقاتلين من كل الأطراف وإعادة المواقع العسكرية التي استولى عليها هذا الطرف أو ذاك إلى الجيش ليتولى تأمينها وتأمين الطريق التي تربط الجوف بالعاصمة صنعاء ومحافظة مأرب حتى مركز المحافظة».
وفي سياق متصل، تقوم لجنة يرأسها أمين العاصمة صنعاء، عبد القادر هلال، بنزع التوتر الشديد الذي يحدث الآن في أرحب ومناطق متاخمة لها من محافظة صنعاء. وقال مصدر محلي في المحافظة، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة أحدثت تقدما، ليل أول من أمس، مع ممثلين للمقاتلين الحوثيين وقبائل أرحب هناك المحسوبين على حزب الإصلاح، ومن المتوقع أن تكون اللجنة قامت بزيارة المواقع شديدة التوتر لإزالتها وتثبيت الوضع إلى ما قبل الحشود الأخيرة التي رافقت سقوط وما بعد سقوط عمران.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.