فرن لبناني يديره موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة

يعدون الخبز الألماني والحلويات وسط أجواء من الفرح والتعاون

موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة يحضرون الخبز والحلويات (جمعية مصان)
موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة يحضرون الخبز والحلويات (جمعية مصان)
TT

فرن لبناني يديره موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة

موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة يحضرون الخبز والحلويات (جمعية مصان)
موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة يحضرون الخبز والحلويات (جمعية مصان)

كثيرا ما نسمع عن حملات إنسانية لدعم قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنها تقتصر بالعادة على بعض الأنشطة والتبرعات المادية البسيطة التي قليلا ما تلفت انتباهنا.
أما مركز «مصان» الذي يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان، فلم يقف عند تنظيم مبادرات صغيرة أو ورشات عمل للتوعية بحقوق المعوقين، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وأسس أول فرن يعمل داخله موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقط.
وأطلق المركز اسم «سنبلة» على الفرن الذي يديره ويعمل داخله أشخاص يعانون من تأخر عقلي، إيمانا منه بإمكانات ذوي الاحتياجات الخاصة وطاقتهم المميزة، وحقهم في عيش حياة طبيعية كريمة.
بدأت قصة الفرن الفريد من نوعه، بعدما تواصل القيمون على المركز مع جمعية ألمانية اسمها «الخبز ضد العوز»، وتمكنوا عبرها من تنفيذ فكرة افتتاح فرن يدعم قدرات وإمكانات ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان.
ويوضح مدير عام مركز «مصان»، علي شرف الدين، لـ«الشرق الأوسط»، أن المركز تواصل مع الجمعية عن طريق بعض الأصدقاء، واستطاع عبرها تأمين جميع المعدات التي يحتاج إليها الفرن.
ويضيف: «أرسلت الجمعية لنا 3 أشخاص قاموا بتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة هنا على كيفية تحضير الخبز الألماني على أنواعه، كما أنهم ساهموا بتدريب أكثر من خباز لبناني على التعامل مع المعوقين، بغية تدريب أشخاص آخرين يعانون من حالات مشابهة بالمستقبل».
ويعمل حاليا في الفرن فريق مؤلف من خمسة أشخاص، جميعهم معوقون، ويتقاضى ثلاثة منهم أجرا عاديا كأي شخص يعمل داخل فرن بلبنان، كما أنهم يستفيدون من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مثل أي موظف لبناني، حسبما أكد شرف الدين.
أما الموظفان الآخران، فهما بمثابة مساعدين لزملائهما بالفرن، وغالبا ما يتم تبديلهما، حيث يحاول المركز إعطاء الفرصة لأكبر عدد من المعوقين للعمل في الفرن وعيش التجربة الفريدة.
ويشير شرف الدين إلى أن موظفي الفرن يقدمون للزبائن يوميا أنواعا عدة من الخبز الألماني والفطائر والحلويات المحضرة وسط أجواء من الفرح والتعاون.
ويروي أيضا ردود فعل الناس عندما يدخلون الفرن ليجدوا أشخاصا معوقين يعملون داخله، ويقول: «معظم الزبائن يفرحون لرؤية ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يصنعون لهم الخبز والحلويات، وعادة ما يقوم السكان والمارة بتصويرهم وتشجيعهم والتصفيق لهم. إلا أنه يبقى هناك البعض ممن لا تعجبهم الفكرة، فيرحلون».
ويستضيف الفرن من فترة لأخرى طلابا معوقين جددا، ويتم تدريبهم على كيفية العجن والخبر واستخدام السكاكين والأدوات الحادة بطريقة سليمة، ليختار القيمون على مركز «مصان» بينهم أشخاصا جددا للعمل معهم.
كما أن المركز يتواصل دائما مع جمعيات ومنظمات تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان، ويشارك معهم في نشاطات ترفيهية وتدريبية.
ويؤكد شرف الدين أن جميع عائدات وأرباح فرن «سنبلة» تعود لصندوق المركز المخصص للاهتمام بأصحاب الاحتياجات الخاصة، ولمساعدتهم على الاندماج بالمجتمع أكثر فأكثر.



اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
TT

اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)
يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)

تمكن فريق دولي، بقيادة جامعة جنيف السويسرية (UNIGE)، يضم البروفيسور ستين وويتس من جامعة باث في المملكة المتحدة، من تحديد 3 مجرات فائقة الكتلة، تعرف بـ«الوحوش الحمراء»، كل منها تقريباً بحجم مجرة ​​درب التبانة، ويعتقد أنها تجمعت بالفعل خلال أول مليار عام بعد الانفجار العظيم.

وتشير نتائج الباحثين إلى أن تكوين النجوم في الكون المبكر كان أكثر كفاءة وسرعة مما كان يعتقد سابقاً، ما يشكل تحدياً للنماذج الفلكية الحالية حول تكوين المجرات.

جرى الاكتشاف المذهل، المنشور اليوم (الأربعاء) في دورية «نيتشر» (Nature)، بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، وهو جزء من برنامج «فريسكو - جيمس ويب» (JWST FRESCO).

شرع البرنامج في تحليل عينة كاملة من مجرات خطوط الانبعاث (ELGs)، تتميز بالانبعاثات الضوئية القوية، بشكل منهجي خلال أول مليار سنة من تاريخ الكون. وتظهر خطوط الانبعاث هذه كخطوط ساطعة عند أطوال موجية محددة، وتبرز على خلفية أغمق من الطيف الكوني.

ووفق النتائج، مكّن وجود خطوط الانبعاث الفريق البحثي من تحديد المسافات إلى المجرات في العينة المدروسة بدقة.

وفي المقابل، سمحت المعرفة الدقيقة بالمسافات وقوة خطوط الانبعاث للباحثين بقياس كمية النجوم الموجودة داخل المجرات بشكل موثوق. وقد برزت المجرات الثلاث في صور التليسكوب بهذا الشكل بسبب محتواها الكبير من النجوم.

وقال البروفيسور وييتس، المؤلف المشارك لدراسة «نيتشر» ورئيس كرسي هيروكو شيروين في علم الفلك خارج المجرات في قسم الفيزياء بجامعة باث: «إن العثور على 3 وحوش ضخمة من هذا القبيل بين العينة يشكل لغزاً محيراً».

وأوضح، في بيان، صادر الأربعاء: «يميل كثير من العمليات التي تحدث أثناء تطور المجرات إلى إدخال خطوة تحدّ من سرعة تحويل الغازات الكونية إلى نجوم، ومع ذلك يبدو أن هذه الوحوش الحمراء قد نجحت بطريقة أو بأخرى في التهرب بسرعة من معظم هذه العقبات».

وحتى خروج نتائج الدراسة الجديدة إلى النور، كان يُعتقد أن جميع المجرات تشكلت تدريجياً داخل هالات كبيرة من المادة المظلمة. وتلتقط هالات المادة المظلمة الغاز (الذرات والجزيئات) وفق الجاذبية. وعادةً ما يتحول 20 في المائة من هذا الغاز، على الأكثر، إلى نجوم في المجرات.

ومع ذلك، تتحدى النتائج الجديدة هذا الرأي، حيث تكشف أن المجرات الضخمة في الكون المبكر ربما نمت بسرعة وكفاءة أكبر مما كان يُعتقد سابقاً.

جرى التقاط كل هذه التفاصيل في دراسة «فريسكو» (FRESCO) من خلال تقنيات «التحليل الطيفي» باستخدام كاميرا الأشعة تحت الحمراء التابعة للتلسكوب «JWST»، وهي طريقة تسمح بالتقاط الضوء لجميع الأجسام في مجال الرؤية وتفكيكه إلى أطوال موجية مكونة له. وهذا يجعلها طريقة ممتازة لقياس المسافات الدقيقة والخصائص الفيزيائية للمجرات.

لقد سمحت قدرات «جيمس ويب» غير المسبوقة لعلماء الفلك بدراسة المجرات بشكل منهجي في الكون البعيد المبكر، ما يوفر رؤى حول المجرات الضخمة والمغطاة بالغبار.

ومن خلال تحليل المجرات المدرجة في مسح «فريسكو»، وجد العلماء أن معظم المجرات تتناسب مع النماذج الحالية. لكنهم وجدوا 3 مجرات ضخمة بشكل مدهش، مع كتل نجمية مماثلة لمجرة درب التبانة اليوم.

ووفق نتائج الدراسة، فإن هذه المجرات تشكل النجوم بكفاءة تقدر بضعف كفاءة المجرات ذات الكتلة الأقل من نفس الفترة الزمنية أو المجرات العادية في أوقات لاحقة من تاريخ الكون. ونظراً لمحتواها العالي من الغبار، الذي يمنح هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً في صور «جيمس ويب»، فقد تم تسميتها بالوحوش الحمراء الثلاثة.

وهو ما علّق عليه الدكتور مينجيوان شياو، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة والباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة جنيف، بقوله: «إن نتائجنا تعيد تشكيل فهمنا لتكوين المجرات في الكون المبكر».