لبنان: لقاء بين سليمان والنائب رعد.. والانتخابات الرئاسية «الحاضر الأبرز»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا رئيس كتلة حزب الله البرلمانية أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا رئيس كتلة حزب الله البرلمانية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: لقاء بين سليمان والنائب رعد.. والانتخابات الرئاسية «الحاضر الأبرز»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا رئيس كتلة حزب الله البرلمانية أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا رئيس كتلة حزب الله البرلمانية أمس (دالاتي ونهرا)

التقى أمس الرئيس اللبناني ميشال سليمان برئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد، بعد «شبه القطيعة» والـ«هجوم الكلامي المتبادل غير المباشر» بين الطرفين، على خلفية مشاركة الحزب في القتال في سوريا إلى جانب النظام، ومن ثم تأليف الحكومة، لا سيما بعد المعلومات التي أشارت إلى إمكانية إقدام سليمان على تشكيل حكومة بالاتفاق مع الرئيس المكلف تمام سلام بمعزل عن التفاهم مع الأفرقاء السياسيين بهدف عدم تسليم البلاد إلى الفراغ أو إلى الحكومة المستقيلة، إذا لم تحصل الانتخابات، خصوصا في ظل العجز عن تأليف حكومة بعد أكثر من ثمانية أشهر على استقالة الحكومة الحالية.
وفي حين أعلنت رئاسة الجمهورية في بيان لها، أن اللقاء ارتكز على التشاور في التطورات السياسية والحكومية الراهنة إضافة إلى المواقف من القضايا المطروحة داخليا وإقليميا وأهمية الحفاظ على الاستقرار الداخلي لمواجهة الاستحقاقات المقبلة بتضامن وهدوء، أكدت مصادر سليمان لـ«الشرق الأوسط» «أن اجتماع أمس يأتي ضمن اللقاءات الدورية بين الطرفين، وللتأكيد على أن العلاقة بينهما مستمرة، وإن كانت غير تحالفية»، مشيرة إلى أن الاختلاف في وجهات النظر حيال بعض القضايا المحلية والإقليمية لم يتبدد إنما هذا الأمر لا يعني القطيعة، بل التواصل مستمر وسيبقى كذلك.
وأوضحت المصادر، أنه تم التطرق خلال اللقاء إلى ثلاثة أمور أساسية، أهمها رفض الطرفين للفراغ في منصب رئاسة الجمهورية وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، إضافة إلى مؤتمر «جنيف 2» المتعلق بسوريا والتحضيرات له، لافتة إلى أن حزب الله وكما سبق أن أعلن قبل ذلك، لا يزال متمسكا بموقفه في تأليف الحكومة، وبصيغة «9 - 9 - 6»، أي توزيع الحقائب الوزارية بالتساوي بين فريقي «8 آذار» و«14 آذار» فيما يحصل الوسطيون، أي سليمان وسلام والنائب وليد جنبلاط، على ست حقائب.
وكان حزب الله قد حذر الأسبوع الماضي، على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم، من تشكيل حكومة جديدة ترعى الانتخابات الرئاسية «حتى لو لم تحصل على الثقة»، وفق الدعوة التي وجهها سليمان، وعد قاسم، أن «هذا الأمر مخالف للدستور»، لأنها «منعدمة الوجود القانوني»، عادا أن «مثل هذا المسار يدخل البلد في النزاع والانقسام والفوضى».
كذلك، كان لرئيس الحكومة المكلف تمام سلام، موقف أمس، داعيا القوى السياسية إلى تفهم بعضها بعضا والترفع عن الحسابات الفئوية، ورأى في رسالة له إلى اللبنانيين بمناسبة الأعياد، أن الانكفاء على الذات والتمترس خلف العصبيات الفئوية والاستمرار في تعطيل المؤسسات، هي وصفة لاستمرار الشلل ولخراب المجتمع وتحلل الدولة، عادا أن المخرج الذي لا يملك اللبنانيون غيره، يكمن في الانفتاح والتفهم والحوار، وفي انعقاد الإرادات على الوصول إلى حلول تنقذ الوطن وتحفظ مستقبل أبنائه وحقهم في حياة حرة كريمة.
مع العلم، أن خلاف حزب الله - سليمان، كان قد بدأ يتفاعل إثر توجيه الأخير انتقاداته للحزب بسبب تورطه في القتال منذ أشهر عدة، عادا أن هذا التدخل يؤدي إلى توتر في لبنان ورفضه فيما بعد اتهامات أمينه العام حسن نصر الله، للمملكة العربية السعودية بالتورط في تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، الشهر الماضي. وآخر «رسالة» وجهها سليمان إلى الحزب كانت في الذكرى الـ70 لاستقلال لبنان، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، منتقدا «استقلال أطراف لبنانية عن منطق الدولة»، وتخطى الحدود والانخراط في نزاع مسلح. وعد أنه لا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال إذا ما قررت أطراف أو جماعات لبنانية بعينها الاستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر. وطالب بتحييد لبنان عن التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية، والانسحاب فورا من الصراع الدائر في سوريا.
في المقابل، كان الحزب يواصل باستمرار توجيه تحذيراته الضمنية إلى الرئيس سليمان من خطورة تشكيل حكومة حيادية يصفها بحكومة الأمر الواقع التي لا تضم ممثلين للحزب فيها أو لا توفر لفريق «8 آذار» الثلث المعطل. وكان آخرها ما جاء على لسان نصر الله، في احتفال تأبين القيادي حسان اللقيس، الأسبوع المقبل، داعيا إلى تشكيل حكومة سياسية جامعة، وليس الهروب إلى حكومة حيادية تحت أي عنوان من العناوين، متوجها بالكلام إلى سليمان والرئيس المكلف تمام سلام، من دون أن يسميهما، بالقول «الشجاع الجريء، هو الذي يشكل حكومة وحدة وطنية، شاء من شاء وأبى من أبى».
كذلك، كان سليمان قد تعرض لانتقادات من عدد من حلفاء حزب الله، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بسبب إرساله مذكرة إلى الأمم المتحدة ضمنها، «الخروقات، والاعتداءات ضد الأراضي اللبنانية من كل الأطراف المتصارعة في سوريا».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.