زعيم الحوثيين يتوسل أتباعه الفارين للعودة

TT

زعيم الحوثيين يتوسل أتباعه الفارين للعودة

ظهر زعيم الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، عبد الملك الحوثي، في خطاب جديد، أمس، محاوِلاً رفع معنويات أتباعه، متوسلاً إلى الفارين من الجبهات للعودة إلى القتال، مع تكرار مزاعمه بأن جماعته تتلقى دعماً إلهياً.
وتعاني الجماعة الحوثية من انهيارات كبيرة في صفوفها، في جبهات الساحل الغربي وصعدة والضالع والبيضاء وحجة، بالتزامن مع فرار المئات من عناصرها من الجبهات، وإحجام السكان القبليين في جميع المناطق الخاضعة لها عن إرسال المزيد من المقاتلين إلى صفوفها.
وظهر الحوثي، أمس، في خطابه (الذي بثته قناة «المسيرة» التابعة للجماعة) مرتبكاً، وقال ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي إنه بدا عليه الذعر لجهة النهاية الوشيكة لجماعته التي بات يستشعرها على وقع الهزائم التي تتكبدها، لا سيما في جبهات الحديدة وصعدة، حيث تتقدَّم قوات الجيش اليمني لتحرير مدينة الحديدة، وتزحف في منطقة مران حيث المعقل الأول للجماعة في محافظة صعدة.
وحاول زعيم الميليشيات في خطابه المرتبك أن يطمئِن أنصاره بأنهم يتلقون دعماً إلهياً في جبهات القتال، متوسلاً إلى المقاتلين الذين فرُّوا من الجبهات للعودة للقتال مجدداً، زاعماً أن فرارهم جاء «لأسباب موضوعية»، لم يكشف عن ماهيتها.
وامتدّ توسل الحوثي إلى القبائل، محاولاً إثارة حميتهم للقتال، وحشد المزيد من أتباعهم باتجاه الساحل الغربي، وإلى جبهات محافظة صعدة التي اعترف بأن جماعته تتلقى فيها خسائر كبيرة، وتحتاج إلى الإسناد بالمزيد من المقاتلين.
ورغم الارتباك والذعر الذي بدا على زعيم الميليشيات، فإنه لم يصدر خطابه بأي رغبة أو جنوح نحو السلام، إذ لا يزال يراهن - كما يبدو - على القوة العسكرية، وعلى الزجّ بمزيد من اليمنيين إلى الموت المحتّم في سبيل الدفاع عن مشروع الجماعة الطائفي المستمَدّ من المناهج الإيرانية الخمينية.
وحذر الحوثي في خطابه أتباعه من التقاعس، ووصف تقدم الجيش اليمني على حساب ميليشياته بأنه «تصعيد كبير»، وبأن الموقف العسكري في غاية التأزم، لا سيما أن جبهة الساحل الغربي تمتد على مساحة شاسعة (على حد زعمه) تصل إلى نحو 200 كيلومتر، وتحتاج إلى المزيد من المقاتلين.
في السياق نفسه أكدت لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في محافظات حجة والمحويت وإب أن مساعي الجماعة من أجل التحشيد والبحث عن المجندين الجدد لاقت فشلاً ذريعاً، بسبب حالة السخط التي تصاعدت في صدور السكان من جميع الفئات ضد حكم الجماعة الانقلابي، وسلوكها القمعي وأفكارها الطائفية.
وفي حين حذَّر ناشطون في مدينة حجة من مخطط حوثي لإطلاق المئات من السجناء للزجِّ بهم في صفوفها، كانت مصادر محلية في محافظة ذمار ذكرت أن عناصر الميليشيات في المحافظة أقدموا قبل أيام على إطلاق العشرات من نزلاء السجون للغاية نفسها، بعد أن تم إخضاعهم لدورات تثقيفية طائفية.
ورجّحت مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن سلسلة اللقاءات التي أجراها، هذا الأسبوع، رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط مع عدد من الشخصيات الخاضعة للجماعة تأتي في سياق سعي الجماعة إلى الإغراء بمناصب رفيعة في حكومة الانقلاب.
ولم تستبعد المصادر أن يكون من بين القرارات المرتقبة للمشاط إطاحةَ عدد من الوزراء الموالين للجماعة في حكومة الانقلاب، وفي مقدّمتهم وزيرها للإعلام، الذي يُتوقع أن يحل مكانه القيادي في الجماعة محمد المقالح، ورئيس وزرائها بن حبتور الذي تسعى إلى تبديله بإحدى الشخصيات الجنوبية الموالية لها.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».