كيف أثّر «إنستغرام» على صورة الموضة؟

الأسود تراجع لصالح النقشات المتضاربة والألوان الصاخبة

من عرض «غوتشي» الأخير  -  من عرض «دولتشي آند غابانا» الأخير  -  من عرض «دولتشي آند غابانا» لربيع وصيف 2016
من عرض «غوتشي» الأخير - من عرض «دولتشي آند غابانا» الأخير - من عرض «دولتشي آند غابانا» لربيع وصيف 2016
TT

كيف أثّر «إنستغرام» على صورة الموضة؟

من عرض «غوتشي» الأخير  -  من عرض «دولتشي آند غابانا» الأخير  -  من عرض «دولتشي آند غابانا» لربيع وصيف 2016
من عرض «غوتشي» الأخير - من عرض «دولتشي آند غابانا» الأخير - من عرض «دولتشي آند غابانا» لربيع وصيف 2016

وسائل التواصل غيّرت الكثير من حياتنا، كما أثّرت كثيراً على أذواقنا وعلى الموضة بشكل عام. فبعد أن كانت لها، أي الموضة، مواسم أربعة تجري وراء أبواب مغلقة لا يدخلها سوى النخبة، أصبحت مفتوحة للعالم 24 ساعة في اليوم وكل يوم. ما إن تفتح صفحة «إنستغرام» حتى تهاجمك صورة آخر خطوط الموضة، ومنتجات لم تكن لتثير الانتباه لولا ظهور مدوِّنة أو شخصية معروفة بها.
وبعيداً عن تأثيرها على التسويق والترويج، وانفتاحها على الغير، فإنها أيضاً لعبت دوراً كبيراً في تغيير شكل الموضة وألوانها في العقد الأخير. فاللون الأسود مثلاً توارى عن الأنظار بعض الشيء، رغم أنه لا يزال الأكثر مبيعاً. السبب أنه قد يبدو رائعاً في أرض الواقع ويخدم المرأة شكلاً، لكنه لا يبدو كذلك في الصور مقارنةً بالنقشات المتضاربة والألوان الصاخبة، بدليل التصاميم التي يقدمها كل من «غوتشي» و«دولتشي آند غابانا». فرغم غرابتهما ومبالغاتهما يحققان الأرباح والإقبال. هذه النقشات والألوان تُعطي صورة أكثر إثارة. وعلى هذا الأساس أصبح جيل الألفية يختار إكسسواراته وأزياءه. يضع نصب عينيه دائماً أنه سينشرها على صفحات «إنستغرام»، وهذا يعني أنه يحتاج إليها أن تعكس صورة جذابة تستوقف من يراها.
أمر انتبه إليه المصممون وصناع الموضة، خصوصاً من يتخصصون في أزياء السفر، ربما لأننا في السفر نكون أكثر انطلاقاً وتحرراً من القيود. ماركة «ثري غريسيز لندن» مثلاً انطلقت في عام 2015 بمجموعة خاصة بملابس النوم، لكنها بعد قراءة ذكية للسوق توسعت إلى ملابس العطلات، مثل القفطان المصنوع من القطن والفساتين الحريرية وملابس البحر وما شابهها. خطوة أكدت نجاحها، إذ إن مبيعاتها تتضاعف من عام لآخر.
ولا يقتصر الأمر على «ثري غريسيز لندن» فحسب، وإنما يشمل أسماء أخرى مثل «لوب شارمان» و«رود ريزورت» و«زيمرمان» و«ماريسيا» وغيرها. هذه الأخيرة مثلاً انطلقت منذ 10 سنوات لكنها نمت بنسبة 399 في المائة في الأعوام الثلاث الماضية.
ما توصل إليه صناع الموضة أن السفر أصبح جزءاً من الثقافة العامة، ولم يعد ترفاً تحتكره فئة معينة. كما أنه أصبح تجربة اجتماعية، الهدف منها قد يكون المغامرة والاكتشاف أو فقط الاستجمام والراحة، لكنه في كل الحالات يحتاج إلى أناقة وألوان. فقبل حزم الحقيبة، يتم انتقاء الأزياء والإكسسوارات بعناية ونصب الأعين الصور التي سيتم التقاطها ثم نشرها عبر «إنستغرام» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.
وبما أن هذه الشريحة من الزبائن، وأغلبهم من الشباب، باتوا يُخصصون ميزانية لا يستهان بها لتجارب السفر، لم يكن بإمكان صناع الموضة سوى الانصياع لطلباتهم. فقد خلص بحث أجرته مؤسسة مالية إلى أن 97 في المائة من هؤلاء ينشرون صورهم وأخبارهم في أثناء السفر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع إقدام ثلاثة من كل أربعة على نشر صورة على الأقل في اليوم.
من ناحيتها، قالت فلورنسيا كافالو، إحدى مؤسسات «غولدن إيديت»، وهو موقع تسوق إلكتروني متخصص في ضروريات العطلات الصيفية، إن «زبونات الموقع يُخططن لمظهرهن مسبقاً. وقبل شراء أي منتج، يتخيلن الصور التي سوف ينشرنها عبر (إنستغرام) وشبكات التواصل الاجتماعي».
جدير بالذكر أن مبيعات ملابس العطلات في المتاجر اقتصرت في وقت مضى على ملابس السباحة والبحر. أما اليوم، فقد توسعت لتشمل كل شيء يخطر على البال من قبعات الرأس وأزياء النهار والمساء إلى الأحذية. وفي الوقت الذي بدأت فيه سوق ملابس السباحة التي تقدر قيمتها بـ20.4 مليار دولار بالتباطؤ، إذ حققت نمواً بمقدار 1.9 في المائة، بدلاً عن 3.3 في المائة بين عامي 2012 و2017، تبعاً لمؤسسة «يورومونيتور إنترناشونال»، فإن ملابس العطلات وإكسسواراتها كانت بمثابة طوق النجاة لصناع الموضة، لأنها فتحت باباً جديداً للنمو.
موقع «نيت أبورتيه»، مثلاً أعلن أن مبيعات ملابس البحر والمنتجعات، والتي تتمثل في ملابس كاملة، ارتفعت هذا الصيف بشكل ملحوظ. لهذا ليس غريباً أن يطرح المصممون وبيوت الأزياء على أنفسهم حالياً ثلاثة أسئلة أساسية: هل يمكن ارتداؤها من الشاطئ إلى المطعم لتناول الغداء أو العشاء؟ ما مدى سهولة حملها في حقيبة السفر؟ وأخيراً وليس آخراً، هل يتجاوز أسلوبها وخاماتها تغيرات الفصول، بحيث يمكن استعمالها في أي مكان وزمان؟
فالطبيعة تختلف من مكان إلى آخر، كذلك الطقس والعادات والأساليب، الأمر الذي يفرض التنوع والمرونة في الوقت ذاته. ناتالي كينغام، مديرة قسم المشتريات في «ماتشز فاشن»، علّقت على هذا الأمر بقولها إن الزبون الحالي لا يمانع في صرف مبلغ محترم على أزيائه على شرط أن تخدمه وتمنحه الرضا أينما كان.


مقالات ذات صلة

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق للحبّ أشكال عدّة (أ.ب)

سنجاب مشهور على «إنستغرام» في قبضة شرطة نيويورك

شكاوى مجهولة عدّة حول «بينوت» جلبت ما لا يقل عن 6 ضباط من «وكالة حماية البيئة» إلى منزل لونغو بالقرب من حدود بنسلفانيا في مدينة باين الريفية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم «قانون السلامة عبر الإنترنت» من شأنه أن ينهي عصر التنظيم الذاتي لوسائل التواصل الاجتماعي (أ.ف.ب)

قوانين أوروبية جديدة لمواجهة المحتوى الضار عبر الشبكات الاجتماعية

نشرت آيرلندا، الاثنين، قواعد ملزمة تهدف لحماية مستخدمي منصات مشاركة الفيديو بالاتحاد الأوروبي؛ بما فيها «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» من المحتوى الضار.

يوميات الشرق لقطة من فيديو تُظهر الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج (إنستغرام)

الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج في كاليفورنيا (فيديو)

أظهر مقطع فيديو جديد قيام الأمير البريطاني هاري بممارسة رياضة ركوب الأمواج في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تطرد موظفين استخدموا قسائم الوجبات المجانية لشراء سلع منزلية

ذكرت تقارير أن شركة «ميتا»، مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام»، طردت نحو 24 موظفاً في مكاتبها في لوس أنجليس لاستخدامهم رصيد وجبات بقيمة 25 دولاراً لشراء سلع أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.