رحيل رائد السيمفونية الليبية الهادي الشريف

ودّعت ليبيا الموسيقار الفنان الهادي عبد السلام الشريف، رائد السيمفونية العالمي، بعد رحلة طويلة مع المرض، عن عمر ناهز 83 سنة. ونعت الأوساط الفنية والسياسية في البلاد، أمس، الراحل، الذي يوصف بأنه أول من ألف سيمفونية ليبية، وأطلق عليها «أنغام من الصحراء»، ليثري بذلك الحركة الفنية بأعماله وإبداعاته.
وقال المطرب الليبي إدريس المغربي، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الساحة الفنية الليبية والعالمية افتقدت الشريف، أول من أنجز سيمفونية ليبية، ونعتبره قدوة لنا»، مشيراً إلى أن «أعماله تميزت بالإبداع والفن الأصيل، ونترحم على روحه الطاهرة».
وذهب الإعلامي الليبي عز الدين عبد الكريم، إلى أن «أنغام من الصحراء» ظهرت عام 1980، واحتوت على إحدى عشرة مقطوعة سيمفونية ليبية، التي عزفتها فرقة لندن «سيمفوني كونسيرت أوركسترا».
وأضاف عبد الكريم في نعيه للشريف، أمس: «ذكريات جميلة عشتها بشكل شخصي مع هذا المبدع؛ فقد كنت أكاد أطير فرحاً وأنا أستمع إلى أعماله»، مشيراً إلى أن الراحل «قرر الوقوف أمام واحدة من أكبر الفرق السيمفونية لتعزف أعماله الكلاسيكية، ليقول للعالم: (نحن الليبيين التائهين بين الصحارى والوديان، السهول والجبال، نمتلك أحاسيس ورِقّة وفهماً وعلماً والأكثر تطلعاً)».
ولفت عبد الكريم إلى أن «أعمال الشريف، تتناغم في خصائصها مع تلك التي سادت في أزمان بيتهوفن وموزارت، وشوبارت، وشوبان، وسترافينسكي وتشايكوفسكي؛ فأولئك مبدعون حقاً، لكنهم ليسوا استثناءً بشرياً»، مستكملاً: «سيكون الأمر أكثر مدعاة للانبهار حينما نفيق على تناقض المفارقات التي تجمع بين فيينا وطرابلس مثلاً».
و«أنغام من الصحراء» لحّنتها ووزّعتها وعزفتها أوركسترا لندن السيمفونية، بقيادة الفنان البريطاني فيفيان دون، مدير الموسيقى البحرية الملكية آنذاك، كما احتفى الجمهور بأعماله خلال عرضها في قاعة «ألبرت هول» في لندن.
وقسّم الشريف «أنغام من الصحراء» إلى إحدى عشرة مقطوعة موسيقية، يستهلها بـ«الخيول العربية»، و«صرخة القائد صلاح الدين»، مروراً بـ«جرمة»، و«عتاب»، و«إلى روح أمي»، من ثم «ناهد حبيبتي ابنتي»، و«رقصة الخريف»، و«جمال طرابلس»، و«همسات النسيم»، و«الغروب في الصحراء»، وانتهاء بـ«عروس البادية».
وووري الشريف الثرى، مساء أول من أمس، في منطقة سوق الجمعة، بالعاصمة طرابلس، في حضور لافت من أصدقائه وتلاميذه.
وعاش الراحل طفولته في مدينة طرابلس، حيث ولد عام 1935، وتلقى تعليمه في «باب تاجوراء» بسوق الجمعة في طرابلس، ثم مدرسة الظهرة، وتخرج في كلية الشرطة وانضم إلى قسم الموسيقى عازفاً من ثم مدرباً وآمراً حتى تقاعده من الخدمة. نال درجة الماجستير من الكلية الملكية البريطانية للموسيقى.