ماكرون يطالب بجيش أوروبي تحسباً لروسيا والصين والولايات المتحدة

حذر من «قوى متسلطة تعود إلى الظهور وتعيد التسلح عند تخوم أوروبا»

ماكرون في شمال فرنسا أمس (إ.ب.أ)
ماكرون في شمال فرنسا أمس (إ.ب.أ)
TT

ماكرون يطالب بجيش أوروبي تحسباً لروسيا والصين والولايات المتحدة

ماكرون في شمال فرنسا أمس (إ.ب.أ)
ماكرون في شمال فرنسا أمس (إ.ب.أ)

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا منذ وصوله إلى السلطة العام الماضي إلى تشكيل قوات عسكرية أوروبية مشتركة، قال إن على أوروبا أن تحد من اعتمادها على القوة الأميركية، ولا سيما بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من اتفاق للحد من الأسلحة النووية وقع في الثمانينات. وطالب ماكرون أن إنشاء «جيش أوروبي حقيقي» للدفاع عن القارة بوجه قوى مثل روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة، في مقابلة أجرتها معه إذاعة «أوروبا 1» صباح أمس الثلاثاء في سياق أسبوع من المراسم في الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى. وقال ماكرون إن «علينا أن نحمي أنفسنا تجاه الصين وروسيا، وحتى الولايات المتحدة الأميركية». وتابع ماكرون كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية «حين أرى الرئيس ترمب يعلن انسحابه من اتفاقية كبرى لنزع السلاح أبرمت بعد أزمة الصواريخ في أوروبا في الثمانينات، من يكون الضحية الرئيسية؟ أوروبا وأمنها». وأكد في المقابلة التي سجلت مساء الاثنين في فردان بشمال شرقي فرنسا فيما يجول الرئيس على أنحاء فرنسا للمشاركة في مراسم مختلفة «لن نحمي الأوروبيين ما لم نقرر أن يكون لنا جيش أوروبي حقيقي». وقال إنه بمواجهة «روسيا عند حدودنا التي أظهرت أن بإمكانها أن تشكل تهديدا إننا بحاجة إلى أوروبا تتولى الدفاع عن نفسها بشكل أفضل، بمزيد من السيادية، من دون أن تكتفي بالاعتماد على الولايات المتحدة».
وبدوره دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، إلى الحوار مع روسيا في ظل التوترات المتجددة. وقال ستولتنبرغ في مقابلة مع صحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونغ» الألمانية الصادرة أمس الثلاثاء: «لا نريد تصادما مع روسيا، بل نريد حوارا».
وفي المقابل، ذكر ستولتنبرغ أنه لا ينبغي للغرب أن يكون ساذجا، ويتعين عليه الظهور على نحو موحد في مواجهة موسكو، وقال: «تعلمنا من ساسة ألمان مثل هيلموت شميت وفيلي برانت إبان الحرب الباردة أنه يتعين علينا الحوار مع روسيا... ورغم كافة التوترات السياسية ننجح في إيجاد حلول سياسية مع روسيا».
وذكر ستولتنبرغ أن الخطر الأكبر الذي يهدد السلام اليوم هو عدم قدرة السياسة الدولية على التنبؤ، وقال: «على عكس الحرب الباردة لم يعد بمقدورنا اليوم التركيز على تهديد واضح»، موضحا أنه في ذلك الحين كانت هناك كتلة شرقية شيوعية متعادية مع الغرب، وقال: «اليوم نواجه تحديات كثيرة أكثر تعقيدا»، وذلك في إشارة منه إلى الإرهاب وازدياد
الموقف العدواني لروسيا والهجمات السيبرانية والدعاية الكاذبة. وقال ستولتنبرغ: «تعلمنا جميعا من التاريخ الأوروبي أن تكلفة الحرب أعلى بكثير من تكلفة السلام».
وأسس الاتحاد الأوروبي صندوقا دفاعيا بعدة مليارات اليورو العام الماضي بهدف تطوير قدرات أوروبا العسكرية وجعل القارة أكثر استقلالية على الصعيد الاستراتيجي. كما تزعمت فرنسا جهودا لإنشاء قوة من تسعة بلدان تكون قادرة على التحرك سريعا لتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة وعمليات إجلاء من مناطق حرب وتقديم الإغاثة عند وقوع كوارث طبيعية.
وقال ماكرون في المقابلة: «السلام في أوروبا هش» مضيفا: «تعرضنا لمحاولات تسلل في الفضاء الإلكتروني وعدة تدخلات في ديمقراطياتنا»، في إشارة واضحة إلى روسيا. كذلك حذر من «قوى متسلطة تعود إلى الظهور وتعيد التسلح عند تخوم أوروبا». وقال إن «السلام والازدهار اللذين نعمت بهما أوروبا لسبعين عاما هما في حقبة ذهبية من تاريخنا»، محذرا بأن «ذلك استثناء وليس القاعدة». وأضاف: «على مدى آلاف السنين، لم يستمر هذا لمثل هذا الوقت الطويل».
وفي سياق متصل أفاد مركز أبحاث بريطاني في تقرير جديد صدر يوم الاثنين وصدق عليه مدير سابق لجهاز الاستخبارات الداخلية (إم آي 5)، بأن ما يصل إلى نصف عدد المغتربين الروس الذين يعيشون في لندن «مخبرون».
وقال التقرير الذي أعده آندرو فوكسال لمركز أبحاث هنري جاكسون سوسايتي: «وفقا لمصادر استخباراتية، لدى روسيا ما يصل إلى 200 ضابط في المملكة المتحدة يتعاملون مع ما يزيد على 500 عميل». وزعمت الدراسة أن ما يصل إلى نصف عدد المغتربين الروس الذين يقدر عددهم بنحو 150 ألف شخص يعيشون في لندن هم مخبرون لموسكو أو كانوا كذلك. وقال، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «روسيا منخرطة في كل أنواع الأنشطة المرتبطة بالإجراءات الفعالة... بما في ذلك التجسس. ويبدو أن المملكة المتحدة غير مجهزة بشكل كاف للتعامل مع هذه الأمور». وقال ريتشارد ديرلاف، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية (إم آي 6): «سنتحقق بشكل جيد من تحذيرات التقرير».
وأضاف: «يجب أن يستفيق الغرب للتهديد الذي يشكله (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين وديكتاتوريته الفاسدة والوحشية». وقال فوكسال: «لقد استندت سياسة بريطانيا الأمنية لفترة طويلة على الافتراض الساذج بأن روسيا تخلت عن عقلية الحرب الباردة... ويبين هذا التقرير أن أنشطة التجسس الروسية لا تزال بنفس الجرأة التي كانت عليها في أي وقت مضى».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».