استمراراً للضغوط التي تعيشها قيم العقار المحلي منذ بداية العام الجاري، مثّل قطاع التأجير السعودي للقطاع السكني أكثر الأفرع نشاطاً مقارنةً بالعمليات العقارية المحلية، حيث يتصدر الآن الحركة على كل الأفرع الأخرى مع سريان نظام «إيجار» الذي بدأت وزارة الإسكان إجراءات تطبيقه على مرحلتين، واستغل القطاع التأجيري انحسار حركة البيع والشراء إلى مستويات كبيرة لأمور مختلفة أهمها فجوة الأسعار بين العرض والطلب والقرارات الحكومية الرامية لاحتواء أسعار العقار وأهمها فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، ونجاح برنامج «سكني» بانتظام مراحله، وهو ما فرض واقعاً جديداً في السوق.
وأكد عقاريون وجود انخفاض في قيم معروض الإيجار في ما يخص السكني منها، بمعدلات معقولة، إلا أن تميزها يأتي بعد سلسلة طويلة من انفلات الأسعار وارتفاعها على مراحل، حيث يتراوح الانخفاض ما بين 15% و20% كمتوسط عام، يختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، مما يعكس واقعاً للعقار السعودي في ما يخص التأجير الذي يشهد انخفاضاً في القيمة بعد موجة من الارتفاعات لما يزيد على عقد، وهو ما يترجم الجهود الحكومية التي تُبذل للسيطرة على أسعار الأفرع العقارية المختلفة.
وقال راشد التميمي المدير العام لشركة «مستقبل الإعمار العقارية القابضة»، إن هناك انخفاضاً في قيمة عروض الإيجار يقابله توجه كبير في المنافسة للظفر بالطلبات الموجودة والتي تشهد تنافساً كبيراً بين السماسرة، الذين أصبحوا يركزون على عمولتهم في عمليات التأجير بضغط من حركة المؤشر العقاري والإصلاحات الاقتصادية، موضحاً أن الوسطاء يسعون لاقتناص الأرباح في ظل الاعتماد الكبير على ذلك انعكاساً لضعف حركة البيع والشراء.
وقال إنه من المتوقع أن تقود حركة التأجير في السعودية القطاع خلال هذه الفترة، وهو ما تشير إليه الحركة الحالية للسوق التي تنتشر فيها عروض التأجير بشكل ملحوظ في محاولة للالتفاف على نقص الحركة التي تطغى على السوق وإغراء بعض الملاك بتحويل استثماراتهم نحو التأجير عوضاً عن البيع لإنعاش الحركة.
وزاد التميمي بأن الطلب على جميع الأفرع العقارية المختلفة يشهد تضاؤلاً ملحوظاً، وهذا ما يؤكده المؤشر العقاري لقيم وعدد الصفقات، إلا أن ذلك لم ينعكس بتاتاً على نشاط فرع التأجير السكني الذي يعيش نشوة كبيرة في ظل انتظار ما ستؤول إليه الأسعار الجديدة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية خصوصاً المختصة بالعقار، لافتاً إلى أن هذه الحركة تدفع بالمؤشر العام العقاري وتعد مصدراً جيداً في تحقيق الأرباح، إلا أنها غير مجزية بشكل كبير كما الحال مع البيع والشراء، وهو ما يعتمد عليه المستثمرون العقاريون الذين يرون أن الاتجاه الحالي للسوق يشير نحو الاستثمار التأجيري أو العمل كوسطاء عقاريين، وأن الانخفاض ولو بنسب بسيطة هو مؤشر إيجابي لما ستكون عليه السوق مستقبلاً.
وارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 1.1%، مقارنةً بارتفاعه الأسبوع الماضي بنسبة 5.7%، ليستقر عند مستوى 5060 صفقة عقارية، كما ارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 1.9%، مقارنةً بارتفاعه الأسبوع المنصرم بنسبة 5.1%، ليستقر عند 5271 عقاراً مبيعاً.
وفي شأن متصل، قال محمد العليان الذي يمتلك شركة «العليان للاستثمارات العقارية»، إن هناك انخفاضاً من ناحية أسعار التأجير عن السنوات المعتادة خصوصاً ذروة أدائه 2014. ويختلف التفاوت في السعر باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، بسبب تنافس السماسرة والزيادة المطردة في عروض الإيجار خصوصاً في الأحياء الجديدة التي تشهد نمواً كبيراً في ما يتعلق بقطاع الإيجار الذي أصبح توجهاً كبيراً في ظل تضاؤل عمليات البيع والشراء، لافتاً إلى أن للقرارات الحكومية دوراً كبيراً في شمول القطاع بالانخفاض كحال عمليات البيع والشراء، وأن الحكومة تسعى للسيطرة على العقار وإعادته إلى وضعه الطبيعي منذ عام 2008، من التصاعد المفاجئ الذي يعد أحد أكبر مصادر التضخم استهلاكاً حسب إحصاءات حكومية.
وأضاف أن «نشاط حركة التأجير يعد الملاذ الأول في جني الأرباح خلال هذه الأيام بالتحديد، إذ يعد المتنفس الوحيد في تحقيق الإيرادات»، مستطرداً بأن الاهتمام باستئجار المنشأة يخضع لمقاييس مختلفة عند البحث والاستقرار، حيث يعد قرب المنشأة من الخدمات الحكومية، خصوصاً المدارس، سبباً كافياً لارتفاع قيمتها، مشيراً إلى أن هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق بالتحديد خلال الفترة الحالية تسيطر على جميع القطاعات الأخرى منذ أعوام.
وسجل متوسط أسعار جميع الأفرع العقارية انخفاضاً سنوياً مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث انخفض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 11.4%، ثم انخفض متوسط الأسعار السوقية للفيلات السكنية بنسبة 10.1%، ثم انخفض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية بنسبة 2%.
وحول تأثير قرار «إيجار» على الأسعار، أكد بندر التويم الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة، أن السوق السعودية بحاجة ماسّة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي لطالما عانى من العشوائية، حيث إن ما يميز «إيجار» أنه سيقوم بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصاً أن السوق حجمها كبير ومترامي الأطراف وتفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، الذي يسير حالياً بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة التي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة، موضحاً أن السيطرة على السوق بالقرارات أجدى من دخول الحكومة كمنافس ومطور.
وعن دور المشروع في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد التويم أنه سيكون حاجزاً في طريق مَن وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، مضيفاً: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتاً إلى أن «إيجار» سيحد من التحايل والتملص من دفع الإيجار، وهو ما كان يؤرق عدداً من ملّاك الوحدات السكنية التي حتى وقت متأخر كانوا يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، التي لم تكن هناك مرجعية واضحة للتعاطي معها وإيجاد الحلول السريعة لها، وهو ما سيسهم في ازدهار القطاع العقاري كاملاً.
وبرنامج «إيجار» هو نظام يهدف إلى تطوير منظومة القطاع الإسكاني والعقاري في السعودية بشكل متوازن من خلال إيجاد حلول مستدامة لتحديات السوق العقارية تحفظ حقوق جميع الأطراف المعنية بالعقد الموحّد للإيجار السكني. وتعد الشبكة الإلكترونية لخدمات الإيجار من أهم تلك الحلول التي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين أطراف العملية التأجيرية (المستأجر، المؤجر، الوسيط العقاري)، والتي تحتوي على مجموعة من الخدمات الإلكترونية التي ستسهم في تهيئة قطاع الإيجار.
انحسار التضخم العقاري ينعكس إيجاباً على حركة تأجير المساكن في السعودية
نسب الانخفاض تراوحت بين 15 و20 % وتختلف حسب الموقع والحجم وتاريخ البناء والتجهيزات
انحسار التضخم العقاري ينعكس إيجاباً على حركة تأجير المساكن في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة