إسرائيل تقر قانوناً يعاقب أصحاب الأعمال الفنية عن النكبة

كما كان متوقعاً، بدأت الأغلبية اليمينية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في إقرار سلسلة قوانين تستهدف تعميق سياسة التمييز ضد المواطنين العرب، ومعاقبتهم على حفظ تراثهم الوطني، بحجة عدم الولاء، وهي بذلك تهدم الأسس الديمقراطية وتعاقب الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين.
ففي ختام بحث استمر حتى منتصف الليلة قبل الماضية، الاثنين - الثلاثاء، جرى سن المشروع المعروف باسم «قانون الولاء في الثقافة»، بالقراءة الأولى، بأغلبية 55 نائباً مقابل 44 عارضوه. وينص القانون، الذي طرحته وزيرة الثقافة والرياضة اليمينية المتطرفة، ميري ريغيڤ، على تخفيض حجم الدعم المالي المقدم من وزارتها إلى هيئات ترفض حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية ديمقراطية، وتحرض على العنصرية والعنف والإرهاب، وتدعم الصراع المسلح الموجه ضد إسرائيل.
كما يطال تقليص الدعم عن المؤسسات التي تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية، أو تظهر أي مظاهر استذكار لها، أو مظاهر حداد، وتعمل على تحقير رموز الدولة العبرية، في اليوم الذي تعتبره الحكومة «عيد استقلال».
ويهدف هذا إلى منح وزيرة الثقافة والرياضة، المعروفة بمواقفها العنصرية والعدائية تجاه العرب، صلاحيات في منع الميزانيات الممنوحة للمؤسسات الثقافية المختلفة الوطنية، مثل المسارح والجمعيات الثقافية، التي تقيم نشاطات ثقافية فلسطينية، بدعوى أنها «تمس بالاعتراف بدولة إسرائيل»، بحسب معايير الائتلاف الحكومي اليميني.
وقد سادت الجلسة حوارات صاخبة وشتائم متبادلة، بين نواب اليمين من جهة ونواب اليسار والوسط المعارضين من جهة أخرى. وقال النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، في كلمته: «لا نستغرب من فاشية القانون الذي طرحته الوزيرة العنصرية ريغيڤ.
إنها تريد الولاء في الثقافة لمكتب رئيس الوزراء ولحكومة اليمين الفاشي.
الفكر ذاته والخط ذاته، يربط بين ما يعرف بـ(قانون الولاء بالثقافة) العنصري، وبين قانون القومية (الأبرتهايدي). بل ويمكننا أن نقول إن قانون الولاء في الثقافة هو تطبيق مباشر لقانون القومية، الذي يهدف لمحاربة كل ما هو خارج عن الإجماع اليهودي الصهيوني».
وأضاف عودة: «اقتراح القانون العنصري هو خطوة كبيرة في محاربة الحيّز الديمقراطي والتدهور نحو الفاشية. في محاربة الفن نحو العنصرية. في محاربة النقد نحو الخنوع. بحسب القانون، من يناهض الاحتلال هو مخالف للقانون، من يُبدع فناً ناقداً سيُحارب، من ينظم شعراً ثورياً سيُمسي مجرماً. لا يا أيها العنصريون. لن نكون موالين لإملاءات شأنها أن تقمع الحريات، ولن نكون موالين لفكركم الفاشي، بل نكون موالين للديمقراطية والثقافة النقدية والإبداع. سنخوض نضالاً واسعاً من أجل الفكر الحرّ والثقافة والإبداع، أمور يصعب على الوزيرة العنصرية ريغيڤ فهمها».
كما صادق الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، وبأغلبية 53 نائباً ومعارضة 9 نواب فقط، على قانون تبكير موعد الإفراج عن المساجين، بهدف تنفيذ قرار المحكمة العليا لخفض الاكتظاظ في السجون. لكن القانون الذي صودق عليه يستثني الأسرى الذين أدينوا في المحاكم العسكرية في الضفة الغربية أو بمخالفات أمنية. وسيتم بموجب التعديل القانوني تقليص عدة أشهر من فترة اعتقال جميع السجناء الذين يقضون عقوبات بالسجن تصل لمدة تقل عن أربع سنوات.
ومن المتوقع أن يدخل القانون، حيز التنفيذ في الـ20 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويؤدي فوراً إلى الإفراج عن أكثر من 700 سجين جنائي، لكنه يستثني السجناء المدانين في قضايا أمنية، ويقصدون بذلك الأسرى الفلسطينيين. وقد صيغت النسخة الجديدة من القانون، بعد ما نشرته صحيفة «هآرتس»، في حينه، بأنه سيتم إطلاق سراح 300 سجين فلسطيني قبل بضعة أشهر من تاريخ إطلاق سراحهم المقرر، كجزء من عملية الإفراج.
ويعني استثناء الأسرى الأمنيين من الإفراج المبكر، بقاء الاكتظاظ على حاله في الأجنحة الأمنية.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد أردان، «أنا فخور أنه على الرغم من أن الموقف المبدئي لوزارة القضاء هو أنه من المستحيل التمييز بين الإرهابيين والسجناء الجنائيين الذين يعودون إلى المجتمع الإسرائيلي، إلا أن موقفي الراسخ أدى، في النهاية، إلى اعتراف الكنيست بهذا المبدأ المهم».
وقال عضو الكنيست عيساوي فريج (ميرتس) لأعضاء الكنيست: «بعد ثلاثة وعشرين عاماً من اغتيال رابين، كل فتاة عربية تكتب شيئاً على (فيسبوك) تزعجكم أكثر بكثير من يغئال عمير، أو أي قاتل يهودي آخر. هذه هي الرغبة في الانتقام من كل عربي أينما كان. المغتصبون والقتلة اليهود ليسوا أفضل من المدونين العرب أو رماة الحجارة. السجين هو سجين. هذا ليس رادعاً، إنه انتقام، وهذا القانون أيضاً هو انتقام. إنه اضطهاد عنصري ولذلك لا مكان له».