حكومة عبد المهدي على كف التناقضات بسبب الفياض و«الاجتثاث»

الصدر مصر على رفض رئيس الحشد السابق... و«حزب الله» يتدخل بقوة

TT

حكومة عبد المهدي على كف التناقضات بسبب الفياض و«الاجتثاث»

لم يتزحزح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن موقفه حيال رفضه ترشيح فالح الفياض (رئيس «الحشد الشعبي» ومستشار الأمن الوطني السابق) لمنصب وزير الداخلية. المحاولات التي بذلت حتى الآن لإقناعه بتغيير موقفه لم تفلح، في وقت لا تملك كتلة «البناء»، وبالذات «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري، أي خيار بديل عن الفياض يمكن أن ينهي أزمة الصدر.
المعلومات التي تداولتها وسائل إعلام محلية عراقية، أمس، أفادت بأن مسؤول الملف العراقي في «حزب الله» اللبناني، محمد الكوثراني، أبلغ القيادات الشيعية بضرورة دعم فالح الفياض لمنصب وزير الداخلية. وطبقاً لقيادي في تحالف «البناء»، فإن التحالف «بجميع مكوناته أبلغ رئيس مجلس الوزراء بتمسكه بتسنم فالح الفياض حقيبة وزارة الداخلية وقصي السهيل حقيبة وزارة التعليم العالي، وأنه لن يسمح بتدّخلات كتلة (سائرون) لعرقلة تمرير مرشحيهم لهاتين الوزارتين». وأوضح أن «زعيم تحالف (سائرون) مقتدى الصدر يعترض ويرفض ترشيح الفياض للمنصب، وأبلغ رئيس الوزراء بوجود فيتو منه عليه، فيما يصر زعيما (دولة القانون) نوري المالكي و(الفتح) هادي العامري على الفياض». وأشار إلى أن «مسؤول الملف العراقي في (حزب الله) اللبناني الشيخ محمد الكوثراني أبلغ القوى الشيعية ضرورة تمرير الفياض ليكون وزيراً للداخلية، وذلك بدعم من قيادات إيرانية وروسية رفيعة المستوى ومن الرئيس السوري بشار الأسد الذي يرتبط بعلاقة خاصة مع الفياض».
في سياق ذلك، أكد وزير الداخلية السابق وعضو البرلمان الحالي عن كتلة «الفتح» محمد سالم الغبان تمسك كتلته بالفياض بوصفه مرشحاً وحيداً للداخلية. وقال الغبان لـ«الشرق الأوسط»، إن «(فتح)، و(بدر) على وجه التحديد، خولت السيد عادل عبد المهدي في اختيار الوزراء، وهو (عبد المهدي) من اختار الفياض وزيراً للداخلية التي احتسبت ضمن استحقاق تحالف (الفتح) ونحن كنا بصدد التصويت له». وأضاف أنه «لا يوجد مبرر قانوني أو غيره لوضع فيتو من طرف آخر (في إشارة إلى الصدر) لرفض استيزاره، ولهم عدم التصويت عليه»، مبيناً أن «عبد المهدي لم يستبدل الفياض، وإذا لم يفعل سوف نصوت لصالحه».
وبينما يستمر الخلاف الشيعي - الشيعي حول المرشح لوزارة الداخلية، والسني - السني حول وزارة الدفاع، فإنه وطبقاً لمصدر كردي، فإن عدداً من الوزراء الذين تم التصويت عليهم وعدداً آخر ممن لا يزالون ينتظرون التصويت، تتوارد أخبار عن شمولهم بـ«الاجتثاث» بتهمة الانتماء إلى «حزب البعث» المحظور. وينتظر البرلمان العراقي رد هيئة المساءلة والعدالة بشأنهم. الكرد من جانبهم حسموا أمرهم بشأن الوزارة المتبقية لهم، حيث أصبحت وزارة العدل من حصة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، حيث تم ترشيح خالد شواني لشغلها. وبذلك تكون «العدل» قد خرجت من المكون المسيحي، حيث رُفضت مرشحته للمنصب، وتم استهدافها بقسوة.
في غضون ذلك، انتقد «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الطريقة التي شكل بموجبها عبد المهدي حكومته. وقال القيادي في الائتلاف عن محافظة نينوى محمد نوري العبد ربه، إن ائتلافه سيراجع موقفه من الحكومة «بسبب التعامل الازدواجي في تشكيلها، وسنطالب بوزارة، كما اختارت بقية الكتل وحتى الآن لم نطرح أي اسم، وسنتفاوض مع عبد المهدي ونتكلم معه بكل صراحة في ذلك». وأضاف العبد ربه أن ائتلافه أعطى «لعبد المهدي وزارات وخولناه بالاختيار لكنه منحها لكتل أخرى، ولن نقبل بهذا التقسيم، فإما أن تكون الكابينة محاصصة أو فضاءً وطنياً»، مبيناً أن «عبد المهدي اختار من 4 - 5 وزارات من الـ14 اسماً، والوزارات التسعة البقية تم فرضها من قبل الكتل السياسية». واستبعد أن «يُعيد عبد المهدي المرشحين نفسهم للوزارات المؤجلة في جلسة البرلمان المقبلة، وهو يعرف أن المرشحين الثمانية سيتم تغييرهم».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.