{كوارث} تنتظر قطاعات الاقتصاد الإيراني وسط إنكار حكومي لوطأة العقوبات

TT

{كوارث} تنتظر قطاعات الاقتصاد الإيراني وسط إنكار حكومي لوطأة العقوبات

قبل شهر من الآن حضر مساعد الرئيس الإيراني ومدير منظمة التخطيط والموازنة العامة محمد باقر نوبخت، اجتماعاً نظمته غرفة التجارة الإيرانية لمخاطبة التجار ورجال الأعمال الإيرانيين حول الحالة الاقتصادية، وما يواجه الحكومة من تحديات فائفة.
وكان تقرير عن وضع الأسواق في إيران في صلب النقاش الذي انتهى، حسب صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة، بمقاطعة كلمة مساعد الرئيس عندما وصف ما تشهده الأسواق الإيرانية بـ«مشكلة بسيطة تعمل الحكومة على حلها»، وهو ما عده التجار الحاضرون إهانة لهم وتبسيطاً للواقع.
ما جرى في اجتماع غرفة التجارة بإمكانه أن يختصر بوضوح المشهد في إيران: اقتصاد مضروب بالأزمة حتى النخاع من جهة، وحكومة تحاول تبسيط الأمر والتهوين من الكارثة.
بعيداً عن الصورة التي تحاول الحكومة ترويجها عن الاقتصاد الإيراني، فإن الأسواق الإيرانية عند انطلاقة الدفعة الثانية من العقوبات تمر بأوضاع محرجة وفق كثير من الخبراء. حالة يصفها مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية بأسوأ كارثة على مر تاريخ الثورة.
على الصعيد النقدي، فقد تشهد السيولة تضخماً غير مسبوق، إذ ارتفع حجمها خلال فترة حكم روحاني 200 في المائة بمعدل 40 في المائة كل عام، في مؤشر يؤكد الباحثون أنه جاء نتيجة سياسة الحكومة في طبع كميات كبيرة من النقد الإلزامي، مؤكدين أنه يورط الاقتصاد الإيراني في أزمة تمتد لعقود من الزمن.
على صعيد قيمة العملة الوطنية، فقد شهد الريال انهياراً بالمعنى الكامل للكلمة مقابل العملات العالمية، متهاويا من نحو 30 ألف ريال بإزاء الدولار في بداية رئاسة روحاني إلى نحو 150 ألف ريال بإزاء الدولار، ما يعني انخفاضاً بخمسة أضعاف خلال خمسة أعوام. يتوقع الخبراء أن المستقبل القريب سيكون حافلاً بانهيارات سعر الريال الإيراني نتيجة العقوبات ونتيجة السياسات الاقتصادية للحكومة.
أما على مستوى التضخم، فقد شهد العام الإيراني الجاري أسوأ موجات التضخم طيلة التاريخ الإيراني المعاصر على الإطلاق. ففي حين شهدت أسعار المواد الغذائية والألبان طفرة وصلت إلى 300 في المائة منذ مارس (آذار) المنصرم حتى الآن، فإن أرقاما صادرة عن مركز أبحاث البرلمان الإيراني تقدر أن يبلغ التضخم مع نهاية العام الإيراني 63 في المائة إذا استمر الوضع على هذا الشكل.
قطاع العقار يواجه الأسوأ ضمن هذا الانهيار. فقد يشهد هذا القطاع، الذي يغطي 10.5 في المائة من فرص العمل في إيران، الآن ركودا مصحوبا بالتضخم. ففي حين ارتفعت أسعار البيوت خلال شهر سبتمبر (أيلول) نحو 67 في المائة قياسا بالفترة نفسها من العام المنصرم، فإن الركود كان سيد الموقف في معاملات العقار، إذ شهدت انخفاضا بنسبة 28.1 في المائة خلال الفترة نفسها قياسا إلى أغسطس (آب) 2017.
أما على صعيد سوق الأسهم الإيرانية ورغم كل محاولات الحكومة الإيرانية لتوجيه السيولة نحو هذه السوق فقد تركت الحالة الاقتصادية المتأزمة أثرها هناك أيضا، إذ جربت سوق الأسهم انخفاضا وصل إلى 14 ألف نقطة لتفقد السوق نحو 7.5 في المائة من قيمتها خلال أقل من 15 يوما سابقا.
هذه عينات على الورق فقط من وضع السوق الإيرانية قبل تنفيذ أشد موجة من العقوبات تفرض ضد الاقتصاد الإيراني. أما الوضع في الشارع أسوأ بكثير، وهو ما دفع حسب مصادر اقتصادية مقربة من الحكومة نحو 150 ألفا من الإيرانيين للتسجيل في مشاريع استثمارية في بلدان أخرى على رأسها تركيا وجورجيا... ولتسجل إيران أرقاما قياسيا في هروب رؤوس الأموال.
ليس مساعد الرئيس فحسب من يعتقد أن الاقتصاد الإيراني لا يعيش وضعاً كارثياً. الرئيس روحاني نفسه أشار خلال كلمة ألقاها قبل شهر في البرلمان إلى أنه يحلف بالله أن الاقتصاد الإيراني ليس متأزماً وكل ما في الأمر مشاكل بسيطة يمكن تجاوزها بسهولة. روحاني يتحدث عن اقتصاد تجمع مراكز بحوث رسمية ودولية على أنه يجرب نموا سلبيا يصل حتى 5.5 في المائة خلال العام الجاري. لكن السؤال المطروح لروحاني: أين سيتجه بالاقتصاد الإيراني في ضخم العاصفة التي تنذر بها العقوبات الأميركية خلال الفترة المقبلة؟



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.