الجزائر: الإفراج عن ضباط موقوفين في قضية فساد

TT

الجزائر: الإفراج عن ضباط موقوفين في قضية فساد

أفرج القضاء العسكري الجزائري، مساء أمس، عن 6 ضباط كبار وضعوا في الحبس الاحتياطي منذ أسبوعين، لاتهامهم في شبهات فساد مرتبطة بقضية كبيرة أسقطت عدداً كبيرا من المسؤولين المدنيين العسكريين، بعضهم سُجن وبعضهم الآخر أُبعد من منصبه.
وقال مسؤول في القضاء المدني لـ«الشرق الأوسط» إن اللواء مناد نوبة، القائد السابق للدرك الوطني، واللواء حبيب شنتوف، القائد السابق للناحية العسكرية الأولى (وسط)، واللواء سعيد باي، القائد السابق للناحية الثانية (شرق)، واللواء عبد الرزاق شريف، قائد الناحية العسكرية الرابعة سابقاً (جنوب)، والمدير السابق للمصالح المالية بوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور، زيادة على عقيد في جهاز الشرطة بولاية وهران بغرب البلاد، غادروا السجن العسكري بالبليدة الواقع جنوب العاصمة.
وأوضح المسؤول نفسه الذي طلب عدم نشر اسمه أن الضباط الستة استفادوا من إفراج بناء على طعن تقدموا به إلى القاضي العسكري، من داخل سجنهم، بغرض إلغاء أمر إيداعهم الحبس الاحتياطي. وأضاف أن قرار الإفراج صدر عن «غرفة الاتهام» بـ«مجلس الاستئناف العسكري»، وهو هيكل جديد بالقضاء العسكري، استحدث الصيف الماضي، بمناسبة تعديل قانون القضاء العسكري، يتيح للعسكريين المتابعين التقاضي «على درجتين» تماماً كما هو الحال في القضاء المدني.
وأشار المصدر إلى أن قاضي التحقيق العسكري وضعهم تحت الرقابة القضائية، وأبقى على تهم الفساد ضدهم في انتظار تحديد تاريخ محاكمتهم. وتفيد معلومات بأن المتابعين الستّة يُحقق معهم في مزاعم بالتورط في «استغلال الوظيفة والمنصب» لتسهيل عمليات عقارية ضخمة، لفائدة مستورد لحوم حمراء محبوس بتهم المتاجرة بالمخدرات الصلبة، يدعى كمال شيخي المعروف بـ«البوشي».
على صعيد آخر، تلقت آلاف المؤسسات التعليمية في الجزائر تعليمات «صارمة» من وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت، تمنع ارتداء النقاب بالنسبة للنساء المدرَسات والعاملات في الإدارات بالمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية. يأتي ذلك بعد 15 يوماً من بدء تطبيق التدابير نفسها من جانب وزارة الداخلية، في الشركات والإدارات التي تتبع للوظيفة العمومية. وأصدرت بن غبريت أوامرها بهذا الخصوص في 27 من الشهر الماضي، وتم تعميمها خلال الأسبوع الجاري على كل المدارس. وتتضمن الوثيقة، التي نشرت أمس على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، بأن «مسؤولي قطاع التربية (التعليم) ملزمون بتطبيق تعليمة المديرية العامة للوظيفة العمومية، المتعلقة بواجبات الموظفين والأعوان العموميين في مجال اللباس في أماكن العمل»، من دون ذكر بوضوح بأن الأمر يتعلق بالنقاب.
وأكدت الوزيرة أنها «حريصة على ضرورة التقيّد بقواعد ومقتضيات الأمن بأماكن العمل، وتتطلب تحديد هوية الموظفين والأعوان العموميين بصفة آلية ودائمة، والالتزام بتجنب الأفعال والتصرفات والمظاهر التي تتنافى مع طبيعة المهام والوظائف التي يضطلعون بها». وفي خطاب موجه إلى مديري المدارس، قالت بن غبريت: «يتعين على الجميع إسداء التعليمات اللازمة لضمان الإعلام بمضمون التعليمة ومتابعة تنفيذها».
واللافت أن عدم الإشارة بوضوح إلى أن النقاب ممنوع بالمدارس، يهدف إلى تفادي إثارة حساسية التيار الإسلامي المنتشر بقوة في المؤسسات والإدارات التعليمية. وتخوض بن غبريت منذ أن وصلت إلى الوزارة قبل 5 سنوات، صراعاً قوياً مع رموز هذا التيار المتواجدين بنقابات القطاع. وازداد هذا الصراع حدَة منذ سنة، على إثر حذف مادة الشريعة الإسلامية من مقررات نهاية التعليم الثانوي. ويتهم الإسلاميون بن غبريت بـ«محاولة تغريب المنظومة التعليمية» و«طمس معالم البعد الإسلامي في الهوية الجزائرية من مقررات التعليم».
ولا يعرف بالأرقام عدد المنقبات في قطاع التعليم، لكن «ظاهرة النقاب» سواء في المدارس أو الإدارة الحكومية وفي الأقسام الإدارية بالبلديات، محدودة. وإن وجدت فهي بالمناطق الداخلية المعروفة بطابعها المحافظ وبمظاهر التديَن في الحياة العامة المحلية.
يشار إلى أن بن غبريت عرفت بنشاطها ضمن حزب يساري معاد للإسلاميين، مطلع تسعينيات القرن الماضي. وتحظى بسند قوي من طرف الرئاسة، رغم هزات كثيرة عاشها قطاعها في عهدها، وأخطرها تسريب مواضيع البكالوريا عام 2016. كما يعيب عليها التيار الإسلامي والمحافظ وقطاع من المنتسبين للتعليم، أنها لا تجيد الحديث باللغة العربية، بينما تتواصل بطلاقة بالفرنسية.
وعلى عكس التعليمات غير المباشرة للوزيرة، صدرت أوامر وزير الداخلية نور الدين رزهوني، بشكل صريح، بمنع «كل لباس يعرقل ممارسة الموظفين لمهامهم، خاصة النقاب الذي يمنع منعا باتا في أماكن العمل». وكرد فعل، صرَح جلول حجيمي رئيس نقابة الأئمة، بأن الحكومة «مطالبة بالتوقف عن ممارسة التضييق على الحريات الشخصية، لأن ذلك، يفتح المجال لإثارة العواطف وإدخال المجتمع في دوامة من الفتن والنعرات». ودعا حجيمي إلى «إصدار أوامر بمنع اللباس الفاضح داخل مقرات العمل بالقطاع العام، لما يسببه من تفسخ لقيم المجتمع الجزائري». وانتقدت صحف معروفة بتوجهاتها الإسلامية هذه القرارات بشدَة.
إلى ذلك، بحث رئيس الوزراء أحمد أويحيى، مع نظيره الإيطالي جويسبي كونتي، الهجرة السرية ومحاربة الإرهاب في ليبيا والساحل الأفريقي والتعاون الاقتصادي بين البلدين. ويزور المسؤول الإيطالي الجزائر حالياً بـ«دعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، حسب وكالة الأنباء الجزائرية. والتقى كونتي مع وزير الخارجية عبد القادر مساهل ووزير الطاقة مصطفى قيتوني، وبحث معهما «ترقية الحوار السياسي رفيع المستوى بين الجزائر وإيطاليا، واللتين تربطهما معاهدة صداقة وحسن جوار وتعاون، الموقعة بالجزائر في 27 يناير (كانون الثاني) 2003».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».