مسؤول فلسطيني: ماكرون لا ينوي تكرار تجربة مؤتمر السلام

التحفظ الفرنسي يتعارض مع مساعي عباس لإيجاد آلية رعاية دولية متعددة الأطراف

TT

مسؤول فلسطيني: ماكرون لا ينوي تكرار تجربة مؤتمر السلام

نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن تكون فرنسا قد طرحت أفكاراً رسمية على الجانب الفلسطيني بشأن الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام. وقال مجدلاني: «لا توجد مبادرة فرنسية، ولا توجد أفكار رسمية تم طرحها على الجانب الفلسطيني حتى الآن».
وجاءت تصريحات مجدلاني على خلفية تقارير حول نية فرنسا ملء الفراغ إذا تأخرت الولايات المتحدة في تقديم خطتها للسلام التي يرفضها الفلسطينيون.
وكان نائب المستشار الدبلوماسي في الرئاسة الفرنسية أوريليان ليشفليير، زار الضفة الغربية وإسرائيل الأسبوع الماضي، مما عزز التوجه الفرنسي.
لكن مجدلاني أكد أن زيارة المسؤول الفرنسي استهدفت بحث دعوة سيوجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإلى عدد من دول العالم، لحضور مؤتمر دولي في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بمناسبة مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى. وأضاف: «للأسف لم يحدث أي تقدم في الموقف الفرنسي بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو تقديم مبادرة جديدة لرعاية مؤتمر دولي للسلام».
وتابع: «الرئاسة الفرنسية السابقة خطت خطوة عملية باتجاه لعب دور في عملية السلام في الشرق الأوسط عام 2016 عندما دعت إلى مؤتمر دولي عقد على مرحلتين في باريس، لكن من الواضح أن ماكرون لا يتطلع إلى تكرار التجربة السابقة، وهو ربما يفكر بطريقة مختلفة، ونحن ننتظر اتخاذه خطوات عملية بدعم فعلي لحل الدولتين، ودعم جهود إحلال السلام».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاول إقناع ماكرون بلعب دور بديل للولايات المتحدة، عبر عقد مؤتمر دولي للسلام، تنتج عنه آلية دولية متعددة لرعاية المفاوضات.
ونشرت «الشرق الأوسط» سابقا أن خطة عباس لم تلق تجاوبا في الدول الكبيرة، لخشيتها من التصادم مع الولايات المتحدة.
وينسف حديث مجدلاني تقريرا إسرائيليا حول نية باريس التدخل في العملية السياسية. وكان دبلوماسي إسرائيلي كبير قال لأعضاء في «الكنيست» خلال جلسة عُقدت خلف أبواب مغلقة: «في حال لم يقم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بطرح خطته للسلام الإسرائيلي - الفلسطيني في الشهر المقبل، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيطرح اقتراحا خاصا به».
وقال ألون أشوبيز، وهو المدير السياسي في وزارة الخارجية، للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في «الكنيست» إن «فرنسا تنتظر إجراء انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ولكن إذا لم يقم ترمب بعرض خطته، التي طال انتظارها، في الأسابيع الأولى بعد الانتخابات، فإن ماكرون سينشر صيغته الخاصة به».
ونقلت أقوال أشوبيز في تقريرين للقناة العاشرة وشبكة «حداشوت» الإسرائيليتين، اللتين اقتبستا أقوال أعضاء كنيست حضروا الجلسة.
وذكرت التقارير أن ماكرون أوعز لوزارة خارجيته في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي، بدراسة أفكار جديدة لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأن الرئيس الفرنسي كان قد لمح لترمب بأنه إذا لم تقم الولايات المتحدة بالمضي قدماً، فإن باريس ستفعل ذلك. وذكر التقريران أن مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية، يقضيان وقتا طويلا في مناقشة خطة ماكرون المحتملة.
وكان ترمب التقى ماكرون على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وحينها أبلغ الرئيس الأميركي نظيره الفرنسي بأنه على استعداد لأن يكون «قاسيا» مع إسرائيل في مفاوضات السلام، مضيفا: «لقد أعطيت الكثير لنتنياهو. قمت بنقل السفارة إلى القدس... نعطي إسرائيل 5 مليارات دولار في السنة. يمكنني أن أكون قاسيا مع نتنياهو حول خطة السلام، تماما مثلما كنت قاسيا مع الفلسطينيين».
وينتظر الفلسطينيون الآن ما ستتضمنه الخطة الأميركية للسلام، رغم الرفض المسبق لها بسبب إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.
وتتوسط دول في محاولة لإقناع عباس بالتروي وانتظار مبادرات أميركية مغرية في الخطة المرتقبة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.