اليمين الأوروبي يختار زعيمه... وعين «الشعبوي» أوربان على المفوضية

TT

اليمين الأوروبي يختار زعيمه... وعين «الشعبوي» أوربان على المفوضية

يجتمع اليمين الأوروبي في هلسنكي يومي الأربعاء والخميس المقبلين، لاختيار زعيمه تمهيداً للانتخابات الأوروبية، وعلى وقع انقسام حول وجود الشعبوي المجري فيكتور أوربان في صفوفه.
وسيصوت النواب الـ758 من «الحزب الشعبي الأوروبي»، الذي يعدّ حالياً أول قوة في البرلمان الأوروبي ويضم في صفوفه «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و«حزب الجمهوريين» الفرنسي، في اقتراع سري الخميس للاختيار بين المرشحين.
والفائز قد يصبح الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية خلفا لجان كلود يونكر. وهذا المنصب سيكون موضع مساومة بعد الانتخابات الأوروبية في 26 مايو (أيار) المقبل، إضافة إلى رئاسة مجلس أوروبا والبرلمان الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية. وهي مساومة يفترض أن يضطلع فيها «الحزب الشعبي الأوروبي» بدور أساسي.
وسيتنافس على هذا المنصب في هلسنكي البافاري مانفرد ويبر الخبير في المؤسسات الأوروبية والذي يفتقر إلى خبرة حكومية في ألمانيا، والفنلندي ألكسندر ستوب الذي تولى أرفع المناصب السياسية في بلاده.
والمرشحان متناقضان كل التناقض؛ الأول في الـ46 من العمر وينتهج أسلوباً تقليدياً بعيداً عن الأضواء ويطور شبكاته بتحفظ، والثاني في الخمسين من العمر ويتكلم عدة لغات ويعتمد أسلوباً أكثر ليونة وهو منفتح على الإعلام.
ويتوقع أن يفوز ويبر العضو في «الاتحاد المسيحي الاشتراكي» في بافاريا على ستوب العضو في الحزب المحافظ والليبرالي الفنلندي.
وتلقى الألماني ويبر زعيم «الحزب الشعبي الأوروبي» في البرلمان الأوروبي دعم ميركل والمستشار النمساوي سيباستيان كورز ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. وسيكون موقع فيكتور أوربان وحزبه داخل «الحزب الشعبي الأوروبي» في ظل اتهامهما بعدم احترام القيم الأوروبية خصوصا حول استقبال المهاجرين، أحد موضوعات المداخلة الوحيدة بين المتنافسين مساء الأربعاء.
وقالت كريستين فيرجي، الخبيرة في «مركز جاك دولور الأوروبي»، إن «أمام ويبر كل الفرص للفوز لأنه حاصل على الأصوات الألمانية (88 صوتا)، وكذلك لقدرته على التعامل مع التوترات الداخلية لـ(الحزب الشعبي الأوروبي)». وينتمي ستوب إلى الجناح الليبرالي الأقلوي في «الحزب الشعبي الأوروبي»، في حين أن ويبر في وسط هذا الكتلة. وكان الفنلندي أكثر حدة من الألماني حيال التطرف الشعبوي لفيكتور أوربان. وستوب واثق بفوزه، وقال في حديث لصحيفة «سودويتشي تسايتونغ» الألمانية: «وكأن ألمانيا تتنافس مع فنلندا في مباراة لكرة القدم». وحتى وإن أصبح ويبر زعيم «الحزب الشعبي الأوروبي» في الانتخابات الأوروبية، فمن غير الأكيد أن يصبح رئيس المفوضية الأوروبية. ويتوقع أن يتراجع نفوذ «الحزب الشعبي الأوروبي» و«الاشتراكيين الديمقراطيين» الأوروبيين أمام الشعبويين من اليمين واليسار؛ بحسب استطلاعات الرأي.
وسيتأثر «الاشتراكيون الديمقراطيون» جراء رحيل النواب الأوروبيين البريطانيين بسبب «بريكست» وهذه لن تكون حال «الحزب الشعبي الأوروبي» لأن النواب المحافظين هم داخل كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين.
وقالت فيرجي: «ستخسر أكبر كتلتين تقليديتين على الأرجح غالبية الـ55 في المائة التي تتمتعان بها حاليا في البرلمان الأوروبي، وستضطران إلى تشكيل تحالفات». والتحالفات قد تفتح المجال أمام شخصية جديدة قادرة على تشكيل غالبية في البرلمان. ويتم تداول اسم المفوضة الأوروبية المكلفة المنافسة مارغريت فيستاغر العضو في ائتلاف الليبراليين والديمقراطيين الأوروبيين. ويفتح مؤتمر هلسنكي باب التنافس لمرشحي كل الأحزاب السياسية الأوروبية قبل انتخابات مايو المقبل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم