عمران تعود لقبضة الحكومة اليمنية بعد اتفاق بانسحاب متمردي الحوثي

هادي زارها بشكل مفاجئ وأعلنها مقرا لقيادة المنطقة العسكرية السادسة بدلا عن صنعاء وإطلاق خطة إعمار

يمنيون يشاركون في تشييع القائد اليمني العميد حميد القشيبي في عمران أمس (إ.ب.أ)
يمنيون يشاركون في تشييع القائد اليمني العميد حميد القشيبي في عمران أمس (إ.ب.أ)
TT

عمران تعود لقبضة الحكومة اليمنية بعد اتفاق بانسحاب متمردي الحوثي

يمنيون يشاركون في تشييع القائد اليمني العميد حميد القشيبي في عمران أمس (إ.ب.أ)
يمنيون يشاركون في تشييع القائد اليمني العميد حميد القشيبي في عمران أمس (إ.ب.أ)

عادات محافظة عمران إلى قبضة الحكومة اليمنية، بعد اتفاق لم يعلن عن تفاصيله، قضى بانسحاب قوات جماعة الحوثي من المدينة التي استولوا عليها منذ الثامن من يوليو (تموز) الحالي. وزار الرئيس عبد ربه منصور هادي مدينة عمران بشكل مفاجئ أمس، ورفع العلم على مبنى محافظتها، معلنا عودة الحياة إلى طبيعتها. ودعا هادي آلاف المواطنين الذين نزحوا من ديارهم إلى العودة إليها، كما أعلن المدينة مقرا للمنطقة العسكرية السادسة.
وقال الرئيس اليمني «لا مكان بعد اليوم للغة الرصاص.. والحوار هو البديل الوحيد لحل مشاكل اليمنيين»، وأعلن عن خطة لإعادة إعمار المدينة التي دمرتها الحرب بقيمة 5 مليارات ريال يمني (الدولار يساوي 220 ريالا يمنيا)، ووعد بتطبيق قرارات مؤتمر الحوار وإخضاع كل مناطق البلاد لسيطرة الدولة بما فيها محافظة صعدة.
وقام هادي بزيارة مفاجئة إلى مدينة عمران بصحبة عدد من الوزراء والمسؤولين وعقد لقاء موسعا في مبنى المجمع الحكومي بمحافظ المحافظة وأعضاء السلطة المحلية، وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة هادي إلى عمران تمت عقب تسليم الحوثيين للمدينة في ضوء مساع قامت بها شخصيات سياسية وقبلية بارزة بين الطرفين، وأشارت المصادر إلى أن قرارا كان اتخذ بإشراك كافة قوات الجيش لاستعادة المدينة إن لم يقم الحوثيون بالانسحاب منها وتسليم كافة المؤسسات الحكومية وغيرها إلى السلطات المحلية، وذكرت المصادر أن الوساطة التي لعبت دورا في تطبيع الأوضاع في عمران، ما زالت تحاول مع المتمردين الحوثيين من أجل تسليم الأسلحة الثقيلة التي تم الاستيلاء عليها من معسكر اللواء 310 – مدرع المرابط هناك.
وأعلن الرئيس هادي «أن هناك اتفاقا كاملا على الانسحاب من المحافظة من كافة الأطراف والجماعات المسلحة وبسط نفوذ الدولة وقيام السلطة المحلية بواجبها في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية». وأشار الرئيس إلى أن المبادرة الخليجية كانت ثمرة للتوافق الذي ارتضاه أبناء اليمن سبيلا للخروج إلى بر الأمان عقب الأحداث التي شهدتها اليمن عام 2011. وقال: إن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني أكدت على ضرورة نزع السلاح وعدم المواجهة بين أبناء الشعب الواحد وتغليب مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح، كما أنها رسمت خريطة طريق لمستقبل اليمن الجديد ووضعت الحلول لمختلف قضاياه ومنها القضية الجنوبية وقضية صعدة. «ولهذا فقد اتفقت مختلف القوى والأطراف والمكونات المشاركة في المؤتمر بأن الصراع ولغة السلاح لا تصنع الحلول بل إنها تجلب معها المزيد من المعاناة ومضاعفة الجراح والفرقة والشتات».
وأضاف أن زيارته إلى عمران «تعد رسالة إلى كافة أبناء الشعب اليمني بأن محافظة عمران تنعم بالأمن والاستقرار وبداية لتنفيذ خطة إعادة تطبيع الأوضاع في المحافظة من خلال إعادة الخدمات في مختلف القطاعات التي تضررت جراء الأحداث التي شهدتها وخاصة الكهرباء والمياه والصحة والتعليم»، ودعا كافة المواطنين الذين نزحوا عن المحافظة إلى العودة إلى ديارهم، كما دعا إلى «ضرورة تضافر كافة الجهود والاتجاه نحو البناء والتنمية وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مشرقة».
وقال: «يكفي الشعب اليمني صراعات وحروب ويكفي معاناة من ويلاتها منذ 50 عاما حيث إنها لم تثمر سوى المزيد من الدمار والماسي وعرقلة مسيرة التنمية»، وخصصت القيادة اليمنية مبلغ خمسة مليارات ريال يمني لإعادة إعمار محافظة عمران التي دمرتها الحرب.
وأعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي عن تحويل مقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة إلى محافظة عمران بدلا من العاصمة صنعاء وتحديدا الفرقة الأولى مدرع التي كانت تحوي مركز القيادة. وتضم المنطقة العسكرية السادسة محافظات عمران وصعدة والجوف، وهي المنطقة التي تسلم مقاليدها، أخيرا، اللواء محمد يحيى الحاوري في آخر قرارات تعيين في المؤسسة العسكرية اليمنية.
وأكد الرئيس اليمني أن «هناك اتفاقا كاملا على الانسحاب من المحافظة من كافة الأطراف والجماعات المسلحة وبسط نفوذ الدولة وقيام السلطة المحلية بواجبها في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية». ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن هادي قوله إن «هناك ثوابت وطنية يجمع عليها كافة أبناء الوطن بمختلف توجهاتهم متمثلة في النظام الجمهوري والوحدة والنهج الديمقراطي ومخرجات الحوار الوطني الشامل بما يحقق الأهداف الوطنية المنشودة لصنع الغد الأفضل والمستقبل المشرق»، مطالبا كافة القوى والأطراف بالتنافس بالبرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تفيد المجتمع والمواطنين.
وأضاف هادي «علينا اعتبار ما حدث في عمران درسا من الماضي يستلهم منه الجميع الدروس والعبر وإغلاق هذه الصفحة والبدء بصفحة جديدة والسير مع الإجماع الوطني صوب بناء اليمن الجديد الذي يتطلع إليه الجميع من خلال تغيير منظومة الحكم لتواكب المتغيرات الجديدة المرتكزة على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وبما يحفظ حقوق كافة المواطنين ويحقق تطلعاتهم في المساواة والعدالة والحكم الرشيد»، مؤكدا أن «الشعب اليمني يتوق إلى الأمن والاستقرار والسلام والتوجه صوب بناء اليمن الجديد المبني على العدالة والمساواة والوئام بين كافة مكوناته»، وأن «المبادرة الخليجية كانت ثمرة للتوافق الذي ارتضاه أبناء اليمن سبيلا للخروج إلى بر الآمان عقب الأحداث التي شهدتها اليمن عام 2011».
من ناحية أخرى، شيع مئات الآلاف من اليمنيين، أمس، في ميدان السبعين العميد حميد القشيبي، قائد «اللواء 310 – مدرع»، الذي لقي حتفه على يد المتمردين الحوثيين عقب اجتياحهم لمحافظة عمران قبل نحو أسبوعين، وحسب تقديرات لوسائل إعلام محلية، فقد شارك في التشييع قرابة مليون شخص ورفعوا هتافات وشعارات تندد بالحوثيين وتعدد مناقب العميد القشيبي الذي كان من الضباط الذين فجروا ثورة 26 سبتمبر عام 1962، في شمال اليمن.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.