مسعفو غزة لـ {الشرق الأوسط}: نعمل في الجحيم

ينسقون مع الصليب الأحمر.. وعملهم يتطلب معرفة بالجغرافيا

مسعفون ينتظرون دخول بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة أمس لإخلاء الضحايا والمصابين (أ.ف.ب)
مسعفون ينتظرون دخول بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة أمس لإخلاء الضحايا والمصابين (أ.ف.ب)
TT

مسعفو غزة لـ {الشرق الأوسط}: نعمل في الجحيم

مسعفون ينتظرون دخول بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة أمس لإخلاء الضحايا والمصابين (أ.ف.ب)
مسعفون ينتظرون دخول بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة أمس لإخلاء الضحايا والمصابين (أ.ف.ب)

يعيش المسعف أحمد المدهون (31 سنة) تجربته الثانية على التوالي في العمل تحت القصف والاستهداف المباشر للطواقم الطبية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن عايش العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 والتي قتل وجرح فيها المئات من الفلسطينيين.
ويواجه المسعفون في غزة ظروفا صعبة في ظل الغارات الإسرائيلية، ويقولون لـ«الشرق الأوسط» إنهم «يعملون في الجحيم» إذ أن الجيش الإسرائيلي «يتعمد» استهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية التي تهرع لأماكن القصف لانتشال القتلى وإنقاذ الجرحى، وإنه يشن غاراته عدة مرات على المناطق المستهدفة بعد وصول المسعفين إليها.
ويوضح المدهون لـ«الشرق الأوسط» أن «الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة أشد قسوة من الحرب السابقة في ظل الاستهداف الكبير والمتعمد لأماكن تجمع المدنيين وقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين». ويضيف: «جميع المسعفين يشاهدون في كل عملية انتشال للضحايا أو الجرحى وقد تقطعت أمعاؤهم وبترت أطرافهم أو تحولت أجسادهم إلى أشلاء وقطع صغيرة من اللحم».
ويذكر أنهم يعملون في ظروف صعبة خاصة في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي دخولهم الكثير من المناطق التي تشهد الهجمات.
ويضيف: «خلال الحرب الحالية تعرضت ثلاث مرات إلى جانب أحد زملائي لاستهداف مباشر من آليات عسكرية إلى الشرق من حيي الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة، بعدما وصلتنا من غرفة الطوارئ تعليمات للتوجه للمنطقة لإنقاذ بعض الجرحى ونقلهم إلى مستشفى الشفاء». وأشار إلى أن «إطلاق النار حرمنا من الوصول لسبعة مواطنين استهدفهم الاحتلال، ولم يسمح لنا بإنقاذهم ساعات طويلة قبل أن يجري التنسيق عبر الصليب الأحمر للوصول إليهم وانتشالهم ليتبين لنا حينها أن بعضهم قد توفي بعد أن نزفوا الكثير من الدماء وآخرين منهم كانوا أشلاء ولم يتبق منهم سوى اثنان من الجرحى الذين كانوا بحال الخطر وأعلن عن وفاة أحدهم بعد يومين متأثرا بجراحه».
وقتل خلال العملية العسكرية الواسعة على قطاع غزة، مسعف واحد يُدعى فؤاد جابر، فيما أصيب 16 آخرون في غارات إسرائيلية.
ويقول المدهون، الذي استغل دقائق من استراحته التي تقتصر على ثلاث ساعات فقط خلال 24 ساعة للتحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحرب لم تعد تستثني أحدا، نعمل في ظروف شاقة جدا ولم نر أطفالنا وعوائلنا منذ بدء العدوان، ورغم أن الاحتلال يعرف هويتنا فإنه يستهدفنا بشكل متعمد». داعيا منظمة الصليب الأحمر لمضاعفة جهودها في التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي لوقف استهداف الطواقم الطبية.
وحول تحركاتهم الميدانية، يقول المسعف أحمد عبد المنعم (40 عاما) إنه نادرا جدا ما يتلقى المسعفون اتصالات هاتفية خاصة من المواطنين، موضحا أن جميع الاتصالات التي تقدر بالعشرات كل دقيقة نتيجة للأحداث تجري عبر غرفة الطوارئ (101)، والتي بدورها تنقل للطاقم المناوب بالتحرك تجاه مكان الحدث. مشيرا إلى أن جميع طواقم الإسعاف في فترة الحرب القائمة تكون في حالة استنفار على مدار الساعة داخل المستشفيات للتحرك تجاه الأحداث وفقا للتعليمات الصادرة عن غرفة الطوارئ. ويضيف: «نواجه مصاعب كبيرة في التحرك إلى مركز الأحداث كالأحياء التي تتعرض لهجوم عنيف مثل أحياء الشجاعية والتفاح»، مشيرا إلى أن هذه المصاعب تقل درجة وتصبح أفضل أمنا بالنسبة لهم في حال كانت الهجمات الإسرائيلية في مناطق داخل مدينة غزة وليست على أطرافها الشرقية التي تنفذ فيها عملية برية.
ويشير إلى أن دخولهم للأحياء السكنية القريبة من قوات الاحتلال وتركز فيها على عملياتها يجري الدخول إليها بالتنسيق عبر منظمة الصليب الأحمر الدولي.
ويتحدث عبد المنعم عن مصاعب أخرى مثل تناثر ركام المنازل المدمرة على الطرق مما يعرقل التحرك. ولفت إلى أنهم يتخطون كل الصعاب وقطع الطرق بالبحث عن شوارع وأزقة بإمكانهم الدخول عبرها لنقل المصابين، مشيرا إلى أن ذلك «يتطلب منا معرفة بجغرافيا المناطق التي نذهب إليها لكي نستطيع الوصول للمواطنين».
وقال: إن «جميع المسعفين على الرغم مما يشاهدونه من مشاهد مروعة حين ينقلون أشلاء مقطعة تماما، ورغم مشقة العمل فإنهم يحافظون على صيامهم ويكتفون بالإفطار على الماء واللبن وفي بعض الأحيان يتمكنون من تناول ساندويتش وجبات سريعة ليسد بعضهم رمقه في ظل هذه المعاناة التي يعيشونها».
ووفقا لإحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن الهجوم الإسرائيلي على غزة أدى إلى مقتل الصيدلاني أنس أبو الكاس واثنين من موظفي الوزارة هما عطا حبيب ومحمد العرعير، في حين استهدفت خمسة مستشفيات بشكل مباشر ودمرت 11 سيارة إسعاف وتضررت مراكز رعاية مختلفة.
ويقول الناطق باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة لـ«الشرق الأوسط» إن الطواقم الطبية وخاصة المسعفين يبذلون جهودا كبيرة في تقديم خدماتهم للمواطنين والعمل على إنقاذ المصابين رغم المس المباشر بهم من قبل قوات الاحتلال. وأوضح أن العمل يتابع من إدارة الطوارئ التي توجه سيارات الإسعاف تباعا مع الأحداث والتي تتعامل أيضا بدورها مع البلاغات التي تصلها من المواطنين عبر الرقم المجاني (101) والذي يُعد الطريقة الوحيدة للتواصل بين المواطن الذي يعاني من أي مشكلة صحية وبين إدارة وحدة الطوارئ التي توجه طواقم الإسعاف تجاه مركز البلاغات.
وأشار إلى أن وحدات الإسعاف تعاني من أزمة حادة في نقص الوقود ما يزيد من المصاعب والمعاناة التي يتعرض له المسعفون، مناشدا كل الجهات الدولية والأممية للتدخل من أجل إنقاذ القطاع الصحي وخاصة أقسام الطوارئ. واختتم مطالبا بالضغط على إسرائيل لوقف استهدافها المباشر للكوادر الطبية.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.