حماس تعد تعليق رحلات دولية إلى مطار بن غوريون «انتصارا كبيرا»

ضربة للاقتصاد والسياحة الإسرائيليين بعد تمديد حظر الطيران وتوسيعه

لائحة تظهر الطائرات الملغاة والمتأخرة بمطار بن غورويون في تل أبيب أمس (أ.ب)
لائحة تظهر الطائرات الملغاة والمتأخرة بمطار بن غورويون في تل أبيب أمس (أ.ب)
TT

حماس تعد تعليق رحلات دولية إلى مطار بن غوريون «انتصارا كبيرا»

لائحة تظهر الطائرات الملغاة والمتأخرة بمطار بن غورويون في تل أبيب أمس (أ.ب)
لائحة تظهر الطائرات الملغاة والمتأخرة بمطار بن غورويون في تل أبيب أمس (أ.ب)


وصفت حركة حماس أمس قرار شركات الطيران الدولية وقف تسيير رحلاتها إلى إسرائيل لدواع أمنية بعد سقوط صاروخ أطلق من قطاع غزة قرب مطار تل أبيب بأنه بمثابة «انتصار كبير للمقاومة». وعد سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة في بيان صحافي أن «نجاح حماس في إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي هو انتصار كبير للمقاومة وتتويج للفشل الإسرائيلي وتدمير لهيبة الردع الإسرائيلية».
وأعلنت شركات الطيران الرئيسية، الأميركية والأوروبية، خلال اليومين الماضيين وقف رحلاتها إلى تل أبيب، بعد سقوط صاروخ على بلدة قريبة من مطار تل أبيب. وباتت الشركات الجوية أكثر حذرا بعد إسقاط طائرة ركاب كانت تحلق في منطقة النزاع في أوكرانيا. وأعلنت مجموعة النقل الجوي الألمانية لوفتهانزا أمس عن تمديد تعليق رحلاتها مع تل أبيب في إسرائيل لمدة 24 ساعة أي طوال اليوم. وقال المجموعة في بيان «في الوقت الحالي ليست هناك معلومات جديدة موثوقة بما يكفي لتبرير استئناف حركة النقل». ويطال هذا التعليق الجديد 20 رحلة كان يفترض أن تغادر اليوم من فرانكفورت وميونيخ وكولونيا وزيوريخ وفيينا وبروكسل إلى تل أبيب، أي مجمل رحلات مجموعة لوفتهانزا وفروعها جرمانوينغز وطيران النمسا والكيران السويسري وبراسل ايرلاينز. وأضاف البيان «بالتعاون الوثيق مع السلطات المعنية تجري لوفتهانزا حاليا تقييما للظروف الأمنية في مجمل الشبكة الجوية».
وأعلنت الهيئة الأوروبية لسلامة النقل الجوي مساء أول من أمس أنها ستوصي مجمل الشركات الأوروبية، بتفادي مطار تل أبيب الدولي حتى إشعار آخر. ومددت الوكالة الاتحادية الأميركية للطيران المدني لمدة 24 ساعة جديدة أمس حظر رحلات شركات الطيران الأميركية إلى تل أبيب بسبب «الوضع المنذر بالخطر» في إسرائيل وقطاع غزة. وهي المرة الأولى التي يتخذ مثل هذا القرار منذ حرب الخليج عام 1991.
وانضمت «الخطوط الملكية الأردنية» والخطوط التركية إلى الحظر أمس، إذ أعلنتا تعليق رحلاتهما إلى تل أبيب. وقال المتحدث باسم الشركة التركية «قررنا تعليق الرحلات إلى تل أبيب فترة 24 ساعة لأسباب أمنية». ويذكر أن شركات «اليطاليا» الإيطالية و«كي إل إم» الهولندية و«إير فرانس» الفرنسية انضمت إلى كبرى الشركات الأميركية «ديلتا» و«أميريكان إير لاينز» و«يونايتد» بتعليق الطيران إلى تل أبيب. وفيما عد وزير النقل الإسرائيلي أنه «ما من داع» لوقف الرحلات، أشارت صحيفة «هآرتس» على موقفها الإلكتروني إلى أن الأثر النفسي لهذا القرار سيكون كبيرا على الإسرائيليين وكذلك على الاقتصاد الإسرائيلي على المدى البعيد.
ورأى خبراء أن النزاع الجديد بين إسرائيل وقطاع غزة يصيب السياحة الإسرائيلية في الصميم كما يتضح من إلغاء عشرات الرحلات إلى تل أبيب منذ أول من أمس، لكن بقية مرافق الاقتصاد تبدو صامدة بفعل اعتيادها على الصدمات.
وقدر رئيس اتحاد وكالات السياحة الإسرائيلية عامي ادغار تراجع العائدات في فصل الصيف بما بين 30 و40 في المائة.
وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية: «سبق وواجهنا وقعا سلبيا في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وإذا توقفت الرحلات إلى إسرائيل فالوضع سيتدهور أكثر بكل تأكيد». ولفت ادغار إلى «أن السياحة الإسرائيلية كانت في أوج الازدهار، وجاءت العملية (العسكرية في غزة) لتضع حدا لذلك. لا نعلم حتى الآن إلى أي مستوى سيصل حجم (هذا التدهور)».
وتقدر نسبة الحجوزات في الفنادق بـ30 في المائة مقابل 70 إلى 80 في المائة خلال فصل الصيف عادة عندما لا يكون هناك نزاع. وفضلا عن غياب الزوار الأجانب وبخاصة الحجاج المسيحيين إلى الأماكن المقدسة، فإن ما عزز هذا الاتجاه هو استدعاء عشرات آلاف عناصر الاحتياط في الجيش ما انعكس سلبا على السياحة الداخلية.
وعد شامويل تسوريل من اتحاد الفنادق الإسرائيلي «أن الخسائر في عائدات الصناعة السياحية بمجملها ستبلغ بين يوليو وسبتمبر (أيلول) 2.2 مليار شيقل (ما يعادل 644 مليون دولار)، 500 مليون شيقل تعود للفنادق».
وسارعت السلطات الإسرائيلية من جهتها بالرد فورا على إعلان شركات الطيران وسلطات الطيران الغربية وقف الرحلات الجوية إلى تل أبيب بعد سقوط صاروخ على بعد بضعة كيلومترات من المدرجات.
فأعلنت إسرائيل زيادة رحلات شركة العال الإسرائيلية وفتح مطار أوفدا على بعد 60 كيلومترا من إيلات في الجنوب، كما سعت حكومة بنيامين نتنياهو إلى إقناع القادة الأجانب بأن مطار بن غوريون الدولي آمن ومحاط بالحماية بمنظومة «القبة الحديدية» الدفاعية الجوية الفعالة التي يقدر الجيش نسبة نجاحها بـ90 في المائة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.