مجلس حقوق الإنسان يقرر تشكيل لجنة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية في غزة

طالب بوضع الفلسطينيين تحت «حماية دولية فورية»

رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ف.ب)
رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

مجلس حقوق الإنسان يقرر تشكيل لجنة للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية في غزة

رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ف.ب)
رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس (أ.ف.ب)

قرر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس تشكيل لجنة دولية لها صفة عاجلة للتحقيق بشأن «كل الانتهاكات» المرتكبة في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث قتل أكثر من 685 فلسطينيا حتى الآن، تمهيدا لمحاكمة المسؤولين عنها.
وتبنى المجلس الذي يعد 47 عضوا القرار الذي طرحته فلسطين، بغالبية 29 صوتا بينها الدول العربية والإسلامية التي انضمت إليها الصين وروسيا ودول أميركا اللاتينية ودول أفريقية، بينما عارضت الولايات المتحدة وحدها القرار وامتنعت 17 دولة عن التصويت.
وبين الدول الـ47 الأعضاء في المجلس، وحدها الولايات المتحدة عارضت القرار. وقالت الممثلة الأميركية لدى مجلس حقوق الإنسان كيث هاربر: «نعمل بشكل مكثف لضمان الوقف الفوري للأعمال العدائية، لكن هذا القرار لن يساعدنا».
وفي المقابل امتنعت عن التصويت كل الدول الأوروبية الممثلة في المجلس وبينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وكذلك فعلت اليابان.
وكانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي دعت إلى إجراء تحقيق حول جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل في غزة. ونددت أيضا بالهجمات العشوائية التي تشنها حركة حماس ضد مناطق مدنية في إسرائيل.
والقرار الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان بعد نحو سبع ساعات من المناقشات يدين «الانتهاكات المعممة والمنهجية والفاضحة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية» الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ 13 يونيو (حزيران) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، «ولا سيما الهجوم العسكري الأخير الذي شنته إسرائيل في قطاع غزة (...) وشمل هجمات دون تمييز وغير متكافئة (...) والتي يمكن أن تشكل جرائم دولية»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. ويطلب القرار «إرسال لجنة تحقيق مستقلة ودولية بصورة عاجلة» للتحقيق حول هذه الانتهاكات، ويدعو المحققون إلى وضع لائحة بـ«الانتهاكات والجرائم المرتكبة» و«تحديد هوية المسؤولين عنها» بهدف محاكمتهم و«وضع حد للإفلات من العقاب».
ويطلب القرار من جهة أخرى وضع الفلسطينيين تحت «حماية دولية فورية». ويدعو إلى «الوقف الفوري للهجمات العسكرية الإسرائيلية» و«وضع حد للهجمات ضد المدنيين بما في ذلك المدنيون الإسرائيليون».
ويطلب القرار أيضا من سويسرا بصفتها الدولة المؤتمنة على اتفاقيات جنيف - النصوص الأساسية للقانون الإنساني - تنظيم مؤتمر طارئ حول الوضع في الأراضي المحتلة. وقد وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة بهذا المعنى في التاسع من يوليو (تموز) إلى برن.
وجاء ذلك بعدما تبادلت إسرائيل والفلسطينيون الاتهام بارتكاب جرائم حرب في غزة خلال الجلسة، وقال الجانبان إن ما قاما به خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة يتسق مع أحكام القانون الدولي.
وحث وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي القوى الكبرى على وضع حد لما يصفه بـ«حصانة إسرائيل». وقال المالكي، وسط تصفيق الكثير من السفراء المشاركين في الاجتماع، إن «إسرائيل ترتكب جرائم مشينة. إسرائيل تدمر أحياء سكنية بالكامل. ما تقوم به إسرائيل (...) هو جريمة ضد الإنسانية وينتهك معاهدات جنيف». وأضاف: «إسرائيل القوة المحتلة تستهدف منذ 16 يوما أطفالا ونساء ومسنين وتحرمهم من حقهم في الحياة من خلال هذه الضربات. وحصل توغل بري (...) وسيؤدي إلى جرائم ضد مدنيين فلسطينيين وعمليات اغتيال متعمدة لمدنيين». وتابع أن «إسرائيل تدمر أحياء سكنية بشكل كامل. لقد هدمت 2500 منزل وقوضت البنى التحتية، كما تستهدف القوات الإسرائيلية المراكز الطبية في غزة».
في المقابل، اتهم السفير الإسرائيلي لدى المجلس افياتار مانور حماس بارتكاب «جرائم حرب عندما تطلق قذائف وصواريخ» على مدنيين و«تبني أنفاقا لمهاجمة قرى» وتخبئ ذخيرة داخل مدارس.
وشدد مانور على أن «حماس تتحمل كامل مسؤولية سقوط ضحايا في غزة وعلى عباس أن يحل الحكومة ليثبت إرادته في إحلال السلام».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم