«عسكري الدرك» يعيد المصريين إلى أزمنة الستينات

وزير الداخلية طالبهم بمواجهة الخروج عن القانون

«عسكري الدرك» يعيد المصريين إلى أزمنة الستينات
TT

«عسكري الدرك» يعيد المصريين إلى أزمنة الستينات

«عسكري الدرك» يعيد المصريين إلى أزمنة الستينات

«هاه.. مين هناك».. عبارة تقليدية، لكنها تعيد المصريين إلى ستينات القرن الماضي، وتحديدا إلى صورة «عسكري الدرك» بعصاه القديمة الشهيرة وصفارته التي لا تفارق فمه، مترجلا أو على دراجته يصيح بعبارته الشهيرة هذه، والتي تعيد إلى مسامع قطاع كبير من المصريين وهم يتابعون أفلام الأبيض والأسود، شخصية عسكري الدرك، التي تناوب على تجسيدها آنذاك ثلة من الممثلين المرموقين على رأسهم فنان الكوميديا إسماعيل ياسين.
بعد كل هذه السنوات يعود «عسكري الدرك» مجددا إلى أرض الواقع، ويفرض نفسه بعد ما عانته البلاد أخيرا من فراغ واضطراب أمني، في أعقاب أحداث الثورة المصرية، في 25 يناير (كانون الثاني) 2011، و30 يونيه 2012، وما رافقها من أحداث شغب واقتحام للسجون، وأعمال سطو على بنوك ومحلات ذهب، وقطع طرق وبلطجة وفوضى وتحرش في الشارع، وغيرها من الأعمال الإرهابية التي أصبحت تقض مضاجع المصريين في معظم المحافظات.
تحت هذا الضغط الشعبي والأمني، قرر وزير الداخلية المصري اللواء محمد إبراهيم عودة عسكري الدرك مرة أخرى إلى شوارع العاصمة، وهو ما استقبله المصريون بفرح شديد، وذلك لشعورهم بأن ثمة إجراءات أمنية حازمة تسعى وبشدة لعودة الأمن إلى الشارع المصري من جديد.
وقام وزير الداخلية، بجولة أمنية مفاجئة صباح أمس، لمتابعة الأداء الأمني، في الشارع، بعدة مناطق بمحافظتي القاهرة والجيزة، وتفقد الوزير خلالها تجربة عسكري الدرك، والتي جرى تنفيذها ببعض مناطق القاهرة، ووجه باستنفار الجهود في مواجهة كافة صور الخروج عن القانون، وحسن معاملة المواطنين وتقديم الخدمات الأمنية لهم في سهولة ويسر.
كما شدد اللواء محمد إبراهيم خلال جولته على ضرورة المتابعة الميدانية لجميع المستويات الإشرافية والقيادية، واستمرار اليقظة لجميع الخدمات الأمنية وأعمال الحراسة أثناء العمل، حتى تكون القوات جاهزة للتصدي لأي محاولات للخروج عن القانون بكل قوة.
وتؤثر الأعمال الإرهابية والتفجيرات علي الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد وعلى عدد كبير من القطاعات الصناعية والتجارية ومنها قطاع السياحة الذي تأثر بشكل كبير جدا، في الآونة الأخيرة، وهو ما يؤكده فيليب حنا أحد تجار منطقة خان الخليلي بحي الحسين التاريخي بالقاهرة قائلا: «طيلة الثلاث سنوات التي أعقبت أحداث الثورة المصرية كنت أعاني وغالبية تجار السلع في خان الخليلي من حالة الكساد الكبيرة التي خيمت على السوق بشكل عام وذلك بسبب تأثره بحركة السياحة التي كانت على وشك أن تندثر ولكن تحسن الوضع بشكل كبير في أعقاب تولي الرئيس السيسي قيادة البلاد».
ويتفاءل فليب بالأيام القادمة، قائلا إنها ستتحسن أكثر فأكثر مع الإجراءات الأمنية الجديدة التي تسعى لحفظ الأمن في الشارع المصري ومنها عودة عسكري الدرك من جديد.
يضيف فيليب وكأنه يتذكر شيئا لقد عايشت عسكري الدرك فترة الستينات من القرن الماضي وفي نفس المكان ونفس الحي وكانت له وظائف محددة ينتهي دوره عندها، ولا يتخطاها، فهو يؤدى وظيفة محددة له مدى العمر، ويستمر في رتبته حتى انتهاء خدمته، كما أن هذا النظام أخذته مصر عن النظام الإنجليزي من أيام الاحتلال، مثلها في ذلك مثل وظيفة «كونستابل» المرور وخفير النظام، ومعاون الإدارة الذي كان يعمل على حل القضايا بين المتخاصمين في أقسام الشرطة قبل وصولها للمحاكم وكان من خريجي كلية الحقوق.
ويعود ارتباط كلمة (الدرك) للعصر العثماني بمصر، فهم الذين أدخلوا قوة الدرك لحفظ الأمن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومن وقتها ارتبط اسم عسكري الدرك بتعريف رجل الشرطة في كثير من الأقطار العربية، حتى بعد انتهاء الخلافة العثمانية واستقلال الدول العربية عن المستعمر الأجنبي، كما هو شائع في الأردن والجزائر، والمغرب وتونس.
كما يعود عسكري الدرك إلى الشارع المصري من جديد ولكن بشكل متطور يتواكب مع متطلبات العصر الحديث حيث سينتشر على هيئة نقاط شرطة صغيرة موزعة في نطاق المربعات السكنية، يتم تجهيزها بأحدث أجهزة الاتصالات والانتقال، وبما يحقق الانتقال السريع إلى مكان الوقائع والبلاغات، وكذلك تعقب المجرمين والمتحرشين بالشارع المصري، وكما يقول اللواء محمد قاسم، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة: «من المقرر نشر عسكري الدرك في شوارع وميادين العاصمة بدءا من الأسبوع الحالي، للمساعدة في دعم الأمن بالعاصمة، المساعدة في شعور المواطنين بالأمان»، مضيفا: «سيتم نشر عسكري الدرك بشكل كامل في مناطق الزمالك وقصر النيل كمرحلة أولى تعقبها مناطق جديدة في مراحل قادمة في العاصمة والمحافظات، حثي نضمن عودة الأمن إلى الشارع المصري بشكل كامل كما كان في الماضي».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.