قلق لبناني حيال تحذير غوتيريش من خطورة دور «حزب الله» وسلاحه

خبراء يربطون مساعدات «سيدر» بوقف انخراط الحزب في حرب اليمن

TT

قلق لبناني حيال تحذير غوتيريش من خطورة دور «حزب الله» وسلاحه

أثار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي حذّر فيه من تنامي دور «حزب الله» في الداخل والمنطقة، اهتماماً لبنانياً واسعاً لما يحمله من رسائل بالغة الدلالة، خصوصاً لجهة ربطه بين المساعدات الدولية للبنان، والتزام الأخير سياسة النأي بالنفس، وتشديده على التهديد الإقليمي والعالمي الخطير الذي يشكله الحزب، من خلال الدعم العسكري الذي يقدّمه للحوثيين في اليمن، وفي وقت التزمت القيادات السياسية اللبنانية الصمت وآثرت الترقّب، يؤكد خبراء أن وضع لبنان على خريطة الاهتمام الدولي مشروط بمدى الإصلاح السياسي والاقتصادي، ووقف انخراطه إلى جانب إيران في صراعات المنطقة.
وأعلن غوتيريش في تقرير سلمه إلى مجلس الأمن الدولي، أن «(حزب الله) اللبناني قادر على جر بلاده إلى الحرب»، داعياً إلى نزع سلاحه، معتبراً أن هذا الحزب «هو أشد الميليشيات تسلحاً في لبنان». وتساءل عن «قدرة الدولة اللبنانية على ممارسة سيادتها في ظل تعزيز ترسانة (حزب الله) العسكرية».
وتعترف القوى السياسية اللبنانية بأن الدولة عاجزة عن مواجهة مشروع «حزب الله»، واعتبر عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، أنه «لا قدرة للبنان المخطوف من قبل الحزب بقوة السلاح على أن يخرج من دائرة الخطر»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا حلّ إلا بعودة (حزب الله) إلى لبنانيته، أو ألا يكون في لبنان». وقال: «نحن في عين العاصفة، ولا شيء يرحمنا سوى أن يتعاطف المجتمع الدولي مع لبنان، ويتعاطى معنا كدولة مخطوفة تحتاج إلى عناية وإلى جهود كبيرة لتحريرها من خاطفيها».
ويخشى لبنان من انعكاسات العقوبات المالية والاقتصادية التي تفرضها الإدارة الأميركية على شخصيات وكيانات تابعة لـ«حزب الله»، وعدم قدرة المصارف اللبنانية على التكيّف معها. ويرى القيادي في تيّار «المستقبل» مصطفى علوش، أن «ذهاب المجتمع الدولي إلى النهاية في تطبيق العقوبات على (حزب الله) يعني أن الدولة ستكون تحت هذه العقوبات، وبالتالي نحن أمام حالة معقدة جداً». ولفت إلى أن «الخطورة تكمن في أن الحزب جزء متداخل في المجتمع اللبناني وفي مؤسسات الدولة، وهناك شبه استحالة لفصله اجتماعياً وجغرافياً وسكانياً، وفي نفس الوقت هو حالة مستقلة عن لبنان سياسياً وعسكرياً».
من جهته، اعتبر منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، أن «الخطر الحقيقي اليوم، هو أن المجتمع الدولي لا يفرّق بين (حزب الله) والدولة اللبنانية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يخاطب غوتيريش (حزب الله)، فإنه يخاطب الدولة، وينبّه إلى أن أي اعتداء إسرائيلي على لبنان لن يوفّر الدولة ومؤسساتها»، مشدداً على أن «أمين عام الأمم المتحدة يقول للرئيس (الجمهورية ميشال) عون و(رئيس الحكومة المكلّف سعد) الحريري اسمعوا جيّداً، هذا تحذير للدولة التي لا تسعى إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 1559 و1701».
واللافت أن تقرير غوتيريش يتزامن مع فرض عقوبات جديدة على «حزب الله»، ويأتي عشية دخول العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيّز التنفيذ، في الرابع من الشهر الحالي (يوم الأحد المقبل)، لكن الخوف يكمن في انسحاب هذه العقوبات على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، ورأى الدكتور سامي نادر، مدير معهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أن «أهمية كلام غوتيريش، يكمن في الربط بين الالتزام بسياسة النأي بالنفس وبين المساعدات الاقتصادية للبنان، واعتباره أن خروج (حزب الله) عن سياسة النأي بالنفس وتحميله المسؤولية، لا يشكل عبئاً سياسياً على الدولة، بل عبئاً اقتصادياً في مرحلة دقيقة جداً يمرّ بها لبنان».
وتشكل استراتيجية «حزب الله» الهادفة إلى الإمساك بقرار الدولة، عائقاً أساسياً أمام تشكيل الحكومة وبالتالي إطلاق الورشة الاقتصادية، على حدّ تعبير القوى السياسية التي تعارض سياسته الداخلية، وترفض انخراطه في حروب المنطقة لا سيما في سوريا واليمن، بما يؤدي ضرب علاقة لبنان مع أشقائه العرب، ويؤكد سامي نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «مؤتمر سيدر الذي يشكل بارقة الأمل الوحيدة لانتشال لبنان من الأزمة الاقتصادية وتلافي الانهيار، أدخل عليه المجتمع الدولي شروطاً جديدة، وهي عملية الإصلاح السياسي إلى جانب الإصلاح الاقتصادي، وهذه هي النقطة المحورية، وهذه المسألة ليست محصورة في الوضع اللبناني وحده»، لافتاً إلى أن «الأموال الموعودة لإعادة إعمار سوريا مرتبطة أيضاً بالتسوية السياسية، وهذا يفسّر توجه المجتمع الدولي ومقاربته لوضع دول الشرق الأوسط التي يطغى عليها الصراع مع إيران»، مؤكداً أن لبنان «لا يستطيع ترقب أي مساعدات في ظلّ انخراطه إلى جانب إيران في هذا الصراع».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.