«عقلية الانكماش» تعاند سياسات «المركزي الياباني»

TT

«عقلية الانكماش» تعاند سياسات «المركزي الياباني»

خفض بنك اليابان المركزي توقعاته للتضخم للعام المالي الحالي، وذلك للربع الثالث على التوالي، في الوقت الذي أبقى فيه على سياسته النقدية فائقة المرونة؛ بهدف إنعاش ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
ويتوقع البنك المركزي، وفقاً لبيانه الصادر أمس، ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي في اليابان خلال العام المالي الذي ينتهي في 31 مارس (آذار) المقبل بنسبة 0.9 في المائة، مقابل 1.1 في المائة، وفقاً للتقديرات الصادرة قبل ثلاثة أشهر.
ويتوقع «المركزي»، أن يبلغ التضخم خلال العامين الماليين 2019 و2020 نسبة 1.4 و1.5 في المائة على التوالي. وقال محافظ «المركزي»، هاروهيكو كورودو، أمس، إن «توقعات التضخم في 2019 و2020 ظلت كما هي إلى حد كبير ولم تتغير... لا أعتقد أن الصورة الكبيرة للتضخم تغيرت بشكل كبير». وأضاف محافظ «المركزي»، إن البنك يراقب بحرص الحرب التجارية بين أميركا والصين، وإن كان تأثيرها على اليابان ما زال محدوداً. لكنه حذر من تزايد تأثير هذا النزاع على بلاده إذا استمر في التفاقم. ومن المخاطر التي يراقبها البنك أيضاً وضع الاقتصاد الأوروبي ومفاوضات «بريكست»، والخلاف بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي على الموازنة. وكافح «المركزي الياباني» لسنوات للوصول بمعدل التضخم إلى 2 في المائة، وما زال يحافظ على سياسات نقدية تيسيرية في الوقت الذي تشدد فيه البنوك المركزية من سياساتها مع الخروج من تدابير مواجهة الأزمة المالية العالمية. وأبقى بنك اليابان المركزي، أمس، على سعر الفائدة دون تغيير، معززاً توقعات السوق بأن التضخم المنخفض سيضطر البنك إلى الإبقاء على برنامجه الضخم للحوافز في الوقت الراهن.
ويلقي «المركزي» باللوم على عقلية الانكماش (deflation mindset) التي لا تزال مستمرة في البلاد بسبب المستهلكين وأرباب العمل، الذين تغيرت عاداتهم خلال الفترة الطويلة التي عاشتها اليابان في نمو اقتصادي منخفض وانكماش لمؤشر أسعار المستهلكين. وفي بيان «المركزي» أمس، قال البنك، إن الشركات لا تزال تتبع سلوكاً حريصاً عند تحديد الأسعار والأجور، وكذلك الأسر لا تزال تنفق بشكل حريص على احتياجاتها الاستهلاكية.
وكان رئيس وزراء اليابان الذي تولى السلطة في ديسمبر (كانون الأول) 2012 قد تعهد بإخراج الاقتصاد الياباني من دائرة الكساد، في الوقت الذي أطلق فيه البنك المركزي سياسة نقدية فائقة المرونة في أبريل (نيسان) 2012؛ بهدف رفع معدل التضخم الأساسي إلى 2 في المائة خلال عامين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن... وفي ظل السلوكيات الحذرة للمستهلكين، استبعد البنك المركزي مؤخراً وصول معدل التضخم الأساسي إلى مستوى 2 في المائة حتى في عام 2020.
وكانت الحكومة اليابانية قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الحالي وصول معدل التضخم الأساسي خلال سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 1 في المائة سنوياً نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة.
وبحسب بيانات وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات، فإن مؤشر أسعار المستهلك واصل ارتفاعه للشهر الواحد والعشرين على التوالي، لكن معدل الارتفاع ما زال أقل كثيراً من 2 في المائة.
وعلى صعيد النمو الاقتصادي، يتوقع البنك المركزي نمو اقتصاد اليابان بمعدل 1.4 في المائة خلال العام الحالي، في حين كانت التوقعات قبل 3 أشهر تبلغ 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وقالت الحكومة اليابانية، أمس، إن الإنتاج الصناعي في اليابان انخفض في سبتمبر الماضي بنسبة 1.1 في المائة عن الشهر السابق، في أول انخفاض منذ شهرين. وكانت الكوارث الطبيعية تسببت خلال شهر سبتمبر في إغلاق المطارات والمصانع الرئيسية وأعاقت سلاسل الإمداد. وأوضحت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، أن مؤشر الإنتاج في المصانع والمناجم بلغ 101.4 نقطة، مقابل خط الأساس لعام 2010 البالغ 100 نقطة. ويتوقع المصنعون، أن يرتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وأن يتراجع بنسبة 8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، حسبما أظهر مسح أجرته الوزارة.
وانخفض مؤشر الشحنات الصناعية بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 98.5 في المائة في سبتمبر مقارنة بالشهر السابق، بينما ارتفع مؤشر المخزونات الصناعية بنسبة 2.3 في المائة إلى 113.3 في المائة.
ورغم المؤشرات السلبية عن النمو الكلي للاقتصاد، لكن مؤشر نيكي الياباني قفز أمس إلى أعلى مستوى في أسبوع بدعم من ارتفاع أسهم الشركات المرتبطة بصناعة الرقائق مواكبة لصعود نظيراتها الأميركية، بينما عززت المعنويات نتائج أرباح شركات مثل «سوني» و«هوندا» عن النصف الأول من العام. وزاد المؤشر نيكي 2.2 في المائة ليغلق عند 21920.46 نقطة، وهو أعلى مستوى إغلاق منذ 24 أكتوبر الماضي. وقفزت أسهم شركات التكنولوجيا وشركات صناعة الرقائق بعدما صعد مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات 4.2 في المائة أول من أمس وساهم في ارتفاع أسهم شركات صناعة الرقائق الأميركية. وارتفع سهم «تي دي كيه كورب» 6.1 في المائة، بينما زاد سهم «طوكيو إلكترون» 3.6 في المائة وصعد سهم «أدفانتست» 13 في المائة. ورفعت «أدفانتست» توقعاتها لأرباح العام بأكمله بنسبة 45 في المائة. وقال محللون، إن المستثمرين تحمسوا بفعل توقعات قوية من شركات الصناعات التحويلية اليابانية وتراجع مخاوف بشأن تأثر الأرباح بفعل نزاع تجاري محتدم بين الولايات المتحدة والصين. وارتفع سهم «سوني كورب» 4.7 في المائة بعدما عززت الشركة توقعاتها للأرباح السنوية بنسبة 30 في المائة إلى مستوى قياسي. ومن بين الأسهم الرابحة الأخرى أمس «هوندا موتور» الذي قفز 6.5 في المائة بعدما رفعت الشركة توقعاتها للأرباح السنوية بنسبة 11.3 في المائة للسنة المنتهية في مارس 2019؛ بفضل ضعف الين وقوة مبيعات دراجاتها النارية.



كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
TT

كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)

قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترمب، المتشكك في قضية المناخ، رئيساً للولايات المتحدة لفترة ولاية ثانية، انسحبت أكبر ستة مصارف في البلاد من «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» الذي كانت أسسته الأمم المتحدة بهدف توحيد المصارف في مواءمة أنشطتها في الإقراض والاستثمار وأسواق رأس المال مع صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.

والتحالف الذي تم تأسيسه في عام 2021 يطلب من المصارف الأعضاء وضع أهداف علمية لخفض الانبعاثات تتماشى مع سيناريوهات 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس للمناخ للقطاعات الأكثر تلويثاً.

وفي السادس من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأت عملية الانسحاب مع «غولدمان ساكس»، وتبعه كل من «ويلز فارغو» و«سيتي» و«بنك أوف أميركا» في الشهر نفسه. وأعلن بنك «مورغان ستانلي» انسحابه في أوائل يناير لينتهي المطاف بـإعلان «جي بي مورغان» يوم الثلاثاء انسحابه، وفق ما ذكر موقع «ذا بانكر» الأميركي.

وكان «جي بي مورغان»، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول، رفض في وقت سابق التعليق على ما إذا كان سيحذو حذو زملائه الأميركيين وينسحب من التحالف. ومع ذلك، تزايدت التكهنات بأنه قد يرضخ قريباً للضغوط المتزايدة من أعضاء إدارة ترمب المقبلة والولايات الحمراء التي هددت برفع دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار ومقاطعة المصارف وشركات الاستثمار الأميركية التي قدمت تعهدات مناخية في إطار تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي الصفر، والذي يعد «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» جزءاً منه.

في ديسمبر الماضي، أصدر المدعي العام في تكساس دعوى قضائية في محكمة فيدرالية ضد شركات الاستثمار «بلاك روك» و«فانغارد» و«ستيت ستريت»، زاعماً أنها «تتآمر لتقييد سوق الفحم بشكل مصطنع من خلال ممارسات تجارية مانعة للمنافسة».

لماذا اختارت المصارف الأميركية الانسحاب الآن؟

بحسب «ذا بانكر»، تتكتم المصارف الأميركية حتى الآن على أسباب انسحابها. ومع ذلك، يقول باتريك ماكولي، وهو محلل بارز في منظمة «ريكليم فاينانس» الفرنسية غير الربحية المعنية بالمناخ، إن هذه المغادرة هي إجراء استباقي قبل تنصيب ترمب، وسط مخاوف متزايدة من ضغوط ترمب وأنصاره الذين يهاجمونهم.

وفقاً لهيتال باتيل، رئيس أبحاث الاستثمار المستدام في شركة «فينيكس غروب» البريطانية للادخار والتقاعد، فإن حقيقة أن المصارف الأميركية لم تقل الكثير عن خروجها من التحالف «تدل على الكثير». أضاف «في العادة، عندما تقوم بتحول كبير، فإنك تشرح للسوق سبب قيامك بذلك»، مشيراً إلى أن المصارف الأميركية الكبيرة يمكنها أن ترى الاتجاه الذي «تهب فيه الرياح» مع إدارة ترمب القادمة.

هل يمكن لأعضاء آخرين في التحالف خارج الولايات المتحدة أيضاً الانسحاب؟

مع الإجراء الذي قامت به المصارف الأميركية، يقول ماكولي إن ترمب وأنصاره قد يحولون انتباههم أيضاً إلى تلك غير الأميركية، مما يهدد أعمالها في البلاد إذا استمرت في مقاطعة الوقود الأحفوري.

حتى الآن، حشدت المصارف الأوروبية، التي تشكل الجزء الأكبر من الأعضاء الـ142 المتبقين في التحالف، دعماً له. يقول أحد المصارف المطلعة إن المزاج السائد بين المصارف في أوروبا هو أن التحالف «لا يزال قادراً على الصمود».

وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قال مصرف «ستاندرد تشارترد»، الذي ترأس التحالف حتى العام الماضي، إنه لا ينوي تركه.

ويقول بنك «آي إن جي» الهولندي إنه لا يزال ملتزماً ويقدر التعاون مع الزملاء في التحالف، مما يساعده في دعم انتقال صافي الانبعاثات الصفري، وتحديد أهداف خاصة بالقطاع.

هل يضعف التحالف مع خروج المصارف الأميركية الكبرى؟

على الرغم من أنها ليست «ضربة قاضية»، فإن باتيل قال إن المغادرة تعني أن التحالف «ضعيف للأسف».