إيزيديون يتظاهرون ضد المجلس المحلي لقضاء سنجار

اتهامات لأعضائه بالانقطاع عن ممارسة عملهم والإخفاق في حماية السكان من «داعش»

رجل أمن يشارك في تدريبات بمركز للشرطة الفيدرالية العراقية ببغداد أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن يشارك في تدريبات بمركز للشرطة الفيدرالية العراقية ببغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

إيزيديون يتظاهرون ضد المجلس المحلي لقضاء سنجار

رجل أمن يشارك في تدريبات بمركز للشرطة الفيدرالية العراقية ببغداد أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن يشارك في تدريبات بمركز للشرطة الفيدرالية العراقية ببغداد أمس (إ.ب.أ)

تظاهر عشرات الإيزيديين في قضاء سنجار، التابع لمحافظة نينوى، أمام مبنى المجلس المحلي، أمس، احتجاجاً على عودة قائمقام القضاء محما خليل وأعضاء المجلس إلى مقر عملهم بعد انقطاع عن ممارسة مهامهم لأكثر من سنة.
ومنع المتظاهرون مسؤولي المجلس المحلي من دخول المقر أمس. ويتهم المحتجون الإيزيديون مجلس القضاء، المؤلف من 20 عضواً من الإيزيديين والعرب والتركمان، بالإخفاق في عمله، وعدم قيامه بواجبه في حماية المواطنين في القضاء، خصوصاً الإيزيديين منهم، بعد صعود «داعش» وسيطرته على القضاء نهاية عام 2014، وقيامه بسبي وقتل آلاف النساء والرجال من المكوّن الإيزيدي. كما يتهم المحتجون أيضاً مجلس القضاء بعدم العمل الجاد لإعادة الإعمار والخدمات إلى القضاء الذي دُمّر خلال المعارك التي خاضتها القوات الحكومية لطرد «داعش» منه.
وسنجار القضاء الأكبر على مستوى البلاد، ويتبع إداريا محافظة نينوى، وتنحدر منه الفائزة بجائزة نوبل للسلام لهذا العام نادية مراد التي سباها «داعش» وتمكنت لاحقاً من الفرار والتخلص من قبضته.
ويقول رئيس «حركة التقدم الإيزيدي»، سعيد بطوش، إن «أكثر من خمسمائة شخص من الأهالي تظاهروا ضد عودة أعضاء المجلس، وهم عازمون على منع أعضائه من العودة، لأنهم لم يقدموا أي شيء للقضاء لا قبل صعود (داعش) ولا بعده».
ويشير بطوش، وهو من أهالي القضاء ومن المعترضين بشدة على عودة أعضاء مجلس القضاء، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المجلس منقطع عن ممارسة أعماله منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بحجة دخول قوات (الحشد الشعبي) إلى القضاء، واليوم يعودون لأنهم سمعوا بالاهتمام الدولي بقضية الإيزيديين وعلموا بالأموال التي ستصل لإعادة إعمار القضاء وتعويض الضحايا».
ويتهم بطوش بعض أعضاء مجلس القضاء بالتعاون سابقاً مع «داعش»، ويتحدث عن «اتفاقات سياسية تمت في محافظة نينوى أدت إلى عودة أعضاء المجلس غير المرحب بهم من قبل الأهالي، وقد جاء الأعضاء مع قوات الجيش وهددوا بفرض عودتهم علينا، لكننا رفضنا ذلك، وسنقوم بمزيد من المظاهرات والاعتصامات إن أصروا على العودة. مطلبنا هو إقالتهم وانتخاب أعضاء جدد».
وعن أعداد الأسر الإيزيدية التي عادت إلى القضاء، ذكر بطوش أن «العدد يصل إلى نحو 130 ألف شخص يمثلون نسبة 20 في المائة من الإيزيديين، وقد عادوا رغم التردي في الخدمات وعدم إصلاح البنى التحتية في القضاء».
بدوره، شدد عضو مجلس النواب عن «الكوتة» الإيزيدية صائب خدر على ضرورة أن تأخذ الحكومة الاتحادية «موقفاً حازماً» في معالجة المشكلات التي يعاني منها قضاء سنجار. وقال خدر لـ«الشرق الأوسط»: «مطالب الأهالي محقة، لأن أعضاء مجلس القضاء أخفقوا في القيام بواجباتهم».
واستغرب خدر موقف الحكومة «المتفرج» على ما يجري في قضاء سنجار رغم المآسي التي تعرض لها المكوّن الإيزيدي، ولذلك «نطالب اليوم الحكومة الاتحادية بموقف حازم، لأن القضاء يتبع الحكومة الاتحادية، وأغلب السكان يرغبون بوجودها في القضاء للتخلص من المشكلات الناجمة عن التنافس بين الجهات الكردية هناك».
من جانبه، يرى الباحث في الشأن الإيزيدي خلدون النيساني أن «عموم الأقليات الموجودة في سنجار وسهل نينوى، عانت الأمرّين من هيمنة بعض الأحزاب، بحيث أدى ذلك إلى انقسامات كبيرة بين مواطني تلك الأقليات». ويضيف النيساني لـ«الشرق الأوسط»: «قائمقام سنجار محما خليل من المكون الإيزيدي وينتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومع ذلك، نجد أن قطاعات واسعة من الإيزيديين في سنجار غير راغبين في بقائه بمنصبه». ويؤكد النيساني عزم مجموعة من المنظمات والجهات الحكومية «افتتاح 7 مقابر جماعية في سنجار تضم رفات عشرات المواطنين الإيزيديين الذين قتلهم (داعش)» خلال سيطرته على القضاء منذ عام 2014. وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي أعلن، أمس، عن تأجيل افتتاح المقابر الجماعية إلى إشعار آخر بدل الموعد المحدد (اليوم الخميس).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.