مشار يعود إلى جوبا وسلفا كير يعتذر عن فترة الحرب

احتفالات شعبية عارمة بالسلام في دولة جنوب السودان

مشار (وسط) لم يزر العاصمة جوبا منذ فراره الاضطراري من العاصمة في يوليو 2016 (أ.ف.ب)
مشار (وسط) لم يزر العاصمة جوبا منذ فراره الاضطراري من العاصمة في يوليو 2016 (أ.ف.ب)
TT

مشار يعود إلى جوبا وسلفا كير يعتذر عن فترة الحرب

مشار (وسط) لم يزر العاصمة جوبا منذ فراره الاضطراري من العاصمة في يوليو 2016 (أ.ف.ب)
مشار (وسط) لم يزر العاصمة جوبا منذ فراره الاضطراري من العاصمة في يوليو 2016 (أ.ف.ب)

جدد النائب الأول لرئيس جنوب السودان رياك مشار، المطالبة برفع حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين، وإتاحة حرية النشاط السياسي والتنقل، وذلك غداة عودته إلى بلاده بعد غياب قارب السنتين؛ للمشاركة في احتفال بلاده باتفاقية السلام التي وقّعها مع غريمه رئيس الدولة سلفا كير ميارديت، الذي اعتذر علناً لشعبه عن فترة الحرب. واحتشد الآلاف من سكان جنوب السودان لساعات، ليحتفلوا بتوقيع اتفاقية السلام في ميدان زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل، جون قرنق، الذي لقي مصرعه في تحطم مروحية رئاسية يوغندية 2005، ورددوا خلال الحفل أغاني وأهازيج السلام، وقدموا رقصات شعبية تراثية، مرتدين الأزياء التقليدية لشعب جنوب السودان. وقال زعيم المعارضة في العاصمة جوبا، أمس، إن عودته إلى جوبا الغرض منها تأكيد حرصه على السلام، موضحاً أنه اصطحب 50 من قادة حركته لدفع عملية السلام، وإنه كان حريصاً على السلام حتى في فترة إقامته الجبرية في دولة جنوب أفريقيا. وأكد مشار، أن اتفاقية السلام التي تم توقيعها بوساطة سودانية، من المنتظر أن تثمر «جيشاً موحداً، لا تسيطر عليه قبيلة، وستنهي مظاهر الفساد، وتوظف الموارد من أجل التنمية، وتقديم الخدمات للناس».
بدوره، اعتذر رئيس جنوب السودان علناً، عن المعاناة التي سببتها الحرب بينه ومعارضته المسلحة، معلناً «انتهاء مظاهر القتال»، وأمر الجيش والشرطة والأمن بالسماح بحركة المواطنين عبر الطرق البرية والنهرية، وكشف عن تعهد بينه والقادة على تجاوز الخلافات الشخصية، وأعلن إطلاق سراح السجناء السياسيين، وأبرزهم بيتر قاديت، المحكوم عليه بالإعدام، وإطلاق سراح شخص من جنوب أفريقيا قال، إنه «مرتزق»، ليرحل إلى بلاده.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أن مشار، ينتظر أن يستعيد بموجب هذه الاتفاقية منصبه نائباً أول للرئيس في مايو (أيار) المقبل لفترة انتقالية قدرها ثلاث سنوات، بعد أن فقده قبل اندلاع الحرب بين قواته والقوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير ميارديت.
ولم يزر مشار العاصمة جوبا منذ فراره الاضطراري من العاصمة يوليو (تموز) 2016، غداة انهيار اتفاق سلام سابق تم توقيعه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
من جهته، قال الرئيس السوداني عمر البشير، في كلمة تقدم بها للاحتفال، إن اتفاقية السلام ليست ملكاً للقيادات السياسية، بل لشعب جنوب السودان، وجدد تأكيد وقوفه مع جنوب السودان حتى يكتمل السلام، وتُزال آثار الحرب واكتمال المصالحة، وعودة النازحين إلى قراهم، واللاجئين إلى بلاد، وبناء السودان الجديد.
وقررت جامعة جوبا، كبرى جامعات جنوب السودان، تكريم الرئيس البشير بدرجة الدكتوراه الفخرية في السلم والدبلوماسية؛ عرفاناً لجهوده في تحقيق سلام جنوب السودان، كما كرّمته نساء جنوب السودان.
ووقعت اتفاقية السلام الأخيرة سبتمبر (أيلول) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد أن كانت الأطراف قد وقعت في الخرطوم بالأحرف الأولى على الاتفاقية، التي رعت التفاوض حولها حكومة السودان مفوضة من قبل الوساطة الأفريقية التي تقودها دول مجموعة «إيقاد».
وأنهى الاتفاق حرباً أهلية اندلعت بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق مشار منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2013، ثم تحولت لاحقاً لحرب قبلية بين قبيلتي «دينكا» التي ينتمي إليها سلفا كير، و«نوير» التي ينتمي إليها مشار، وأزهقت جرّاءها أرواح أكثر من 400 ألف شخص، ونزوح ولجوء نحو أربعة ملايين شخص، بحسب آخر الإحصائيات.
واستقبل الرئيس سلفا كير ميارديت نائبه الأول في مطار جوبا قادماً من الخرطوم، منهياً بذلك عداوة استمرت أكثر من خمس سنوات، بمشاركة الخصمين السابقين في احتفال نُظّم بمناسبة توقيع اتفاقية السلام. ولم يؤكد مشار ما إن كان سيبقى في جوبا بعد مراسم الاتفاق، بيد أن مقربين به أبدوا مخاوفهم على أمنه، وقال المتحدث باسم مجموعته، وتضم عشرة فصائل متمردة، لام بول غابريال، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن لديهم مخاوف بشأن أمن زعيمهم في جوبا، وأضاف: «لدينا مخاوف بشأن أمنه في جوبا، لكن الحقيقة أننا هنا من أجل السلام، وما نحاول القيام به هو بناء الثقة؛ ولهذا السبب يمكنه المغادرة من دون قوّاته والذهاب برفقة سياسيين».
وفرّ مشار مضطراً من العاصمة جوبا في يوليو 2016، بعد أن دارت معارك شرسة بين القوات الحكومية وقواته المتمرّدة المحيطة بمكان إقامته، وقتل جرّاءها مئات الأشخاص، ووصل جمهورية الكونغو الديمقراطية سيراً على الأقدام، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية من دول مجموعة التنمية في شرق أفريقيا (إيقاد) وبتأييد دولي، قبل أن تسمح له بالعودة للخرطوم والمشاركة في مفاوضات السلام.
ونالت دولة جنوب السودان استقلالها عن السودان في 2011، بعد حرب أهلية استمرت 22 عاماً، قادت فيها قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان الحرب ضد حكومة الخرطوم.
وعقب الاستقلال بأقل من سنتين نشبت الحرب التي فشل الكثير من الاتفاقيات في إنهائها، وقتل جرّاءها نحو 380 ألف شخص، في حين نزح ثلث سكان البلاد المقدر عددهم بـ12 مليون نسمة داخلياً، ولجأ بعضهم إلى دول الجوار والسودان، وأدت إلى تعطل إنتاج النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد البلاد، وشهدت معظم مناطق البلاد «مجاعة طاحنة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.