هو عمل فني مزدوج يربط بين أحداث الماضي والحاضر ضمن عرض أدائي ومعرض متحرك يقدمه اللبنانيان فادي توفيق وهاشم عدنان. يحمل الأول عنوان «الأعمال غير المكتملة لكيفورك كساريان»، فيما العرض الأدائي الآخر الذي يتضمنه هذا العمل هو بعنوان «حكاية الرجل الذي سكن ظله».
ويأتي هذا العمل الذي سيعرض بجزأيه (الفني والمسرحي) في حفلات منفصلة ابتداء من اليوم ولغاية 11 من الشهر الحالي، في مركز «ستايشن» للمعارض في منطقة مار مخايل بالعاصمة بيروت، لينقل نظرة فلسفية يتمتع بها الفنانان حول الشبه الكبير ما بين أيام السلم التي نعيشها اليوم وفترة الحرب في الثمانينات. «لا نهدف في هذا العمل إلى توعية الناس بل ندعوهم إلى عرض يشاركونا فيه نظرتنا إلى الأمور. فيتفاعلون معه على طريقتهم ليكتشف كل متلقي لوحات ومعاني حياة كل حسب رأيه». يقول فادي توفيق صاحب فكرة هذا العرض في حديث لـ«الشرق الأوسط».
ففادي المتخصص بعلم الفلسفة والاجتماع يحاول مشاركة الناس نظرة معينة تراوده تماماً كأي صورة فوتوغرافية جميلة نلتقطها ونعرضها للآخر. فابتكر شخصية وهمية تحمل اسم كيفوك كساريان لتكون بمثابة رمز لأشخاص كثيرين ساروا في طريق حياة لم يختاروها بأنفسهم بل العكس صحيح. «كيفورك يمثّل كل الأشخاص الذين راودتهم أحلام كثيرة سرقها منهم واقع حياة مغاير تماما. فمشوا في مسار يجهلونه ولا يمتّون له بأي صلة». يوضح فادي توفيق الذي قام بأبحاث معمقة عن فنانين لبنانيين في فترة الحرب، ليكتشف أن غالبيتهم هاجروا أو اعتزلوا عملهم الحقيقي في ظل ظروف عدة واجهوها.
ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «القصة لا تتمحور حول ذاكرة الحرب وانتقادها على قدر ما هي فصول حيوات لم تكتمل فأنجزناها في هذا العمل لتصبح غير ناقصة».
يتألّف المعرض من شرائط مصورة (أفلام فيديو) ونصوص ولوحات مركبة (انستالايشن)، تحكي قصصاً عن الماضي فيكتشف مشاهدها الشبه الكبير الذي يربطها باليوم. «برأيي لم يتغير وضعنا اليوم عمّا كان في أيام الحرب، فما زلنا نعاني من الأزمات نفسها (ماء وكهرباء ونفايات وسياسة وزعماء)، ولكن مع فرق صغير يتمثل بوجود السّلم مكان الحرب». يؤكد فادي توفيق في سياق حديثه. ونرصد في «بدو بلا خيم»، مظاهر البداوة القسرية في المشهد البيروتي وحمّى الترحال التي عاشها اللبنانيون في الثمانينات عندما كانوا يهربون مع أمتعة خفيفة كي يتسنّى لهم التحرك بسرعة. وفي «مظاهر النجاة» (تجهيز فيديو بثلاث شاشات) تجتمع مشاهد أحدهم يهرب من رصاص قناص يتربص به. فنتابع من خلاله حركات جسد يهرع نحو الحياة على الرّغم من كل أشكال الموت المحيطة به. وهو الأمر الذي يترجمه الفنانان في لوحة كوريغرافية على المسرح تظهر حركات جسد خائف من الموت. أمّا في «مونولوغهن» فنتابع حوارات تدور بين لبنانيتين أثناء الحرب.
وفي العرض الأدائي «حكاية الرجل الذي سكنه الظل» يجول خلاله المشاهد بين الأعمال المعروضة ليستكشفها مع مؤد وحيد يتنقل بين أدوار عدة، فنراه تارة كدليل للمعرض وتارة أخرى مؤلف يروي حكاية الرجل الذي سكن ظله وقصة أعماله باحثا في السياقات التي طورت فيها. كما يستعين بالحكاية لاقتراح زاوية نظر مغايرة للأعمال المعروضة بحيث يمكن النظر إليها كفصول متراكمة في عمل مستمر بدل أن تكون أعمالاً غير مكتملة. «حاولنا قدر المستطاع تطوير مسار كيفورك كساريان ليخدم القصة والمعرض معاً، لا سيما أن كاتب العمل ومنفذ المعرض هما الممثل نفسه، مما ينعكس ميزة جديدة على عالم الفن الأدائي» يقول هاشم عدنان مخرج العمل الأدائي في حديث لـ«الشرق الأوسط».
يستغرق هذا العمل الفني ذو الطبيعة المزدوجة نحو 70 دقيقة، يستخدم فيها فادي توفيق على المسرح أدوات وديكورات تكون بمثابة علامات ورموز تتعلق بوجهة نظر الكاتب والمخرج معاً.
«الأعمال غير المكتملة لكيفورك كساريان» في عمل فني مزدوج
عالم افتراضي يربط ما بين الماضي والحاضر
«الأعمال غير المكتملة لكيفورك كساريان» في عمل فني مزدوج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة