الاحتلال الإسرائيلي يفرض الانتخابات البلدية على سوريي الجولان بالقوة

الشرطة الإسرائيلية تحاول تفريق المحتجين الدروز خارج مركز انتخابي في مجدل شمس بالجولان المحتل (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تحاول تفريق المحتجين الدروز خارج مركز انتخابي في مجدل شمس بالجولان المحتل (رويترز)
TT

الاحتلال الإسرائيلي يفرض الانتخابات البلدية على سوريي الجولان بالقوة

الشرطة الإسرائيلية تحاول تفريق المحتجين الدروز خارج مركز انتخابي في مجدل شمس بالجولان المحتل (رويترز)
الشرطة الإسرائيلية تحاول تفريق المحتجين الدروز خارج مركز انتخابي في مجدل شمس بالجولان المحتل (رويترز)

هاجمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، مئات المواطنين السوريين في هضبة الجولان المحتلة، بعد أن تظاهروا احتجاجا على إجراء انتخابات بلدية لديهم. وقد تسبب الهجوم في اندلاع مواجهات واشتباكات عنيفة في بلدة مجدل شمس، بين قوات الاحتلال والأهالي، انتهت بإصابة واعتقال عدد منهم.
وكانت المظاهرة قد انطلقت مع افتتاح صناديق الاقتراع لانتخابات السلطات المحلية، عند الساعة السابعة من صباح أمس، وأطلقت خلالها هتافات تؤكد رفض انتخابات السلطات المحلية، التي حاولت سلطات الاحتلال فرضها على قرى الجولان المحتل بالقوة، وتعتبر التعاون مع الاحتلال في هذا الشأن، مساسا بالقضية الوطنية. وكانت المظاهرة ذروة عدد كبير من فعاليات الحراك الشعبي التي شهدتها قرى الجولان المحتل ضد الانتخابات، علما بأن المجلس الديني الأعلى لقرى الجولان، أصدر قرار الحرم الديني والمقاطعة لكل من يترشح للانتخابات المحلية أو يشارك في عملية التصويت.
وقرر المتظاهرون عدم الرضوخ للقمع ومواصلة الحراك حتى إغلاق الصناديق. وقد شارك في فعاليات الحراك الشعبي والشبابي في ساحات الاعتصام، مجموعات من الشباب وفعاليات شعبية وجماهيرية وسياسية ووطنية، وسط مشاركة واسعة للمرجعيات الدينية، تأكيدا على الرفض والمقاطعة للانتخابات الإسرائيلية والتمسك بالهوية العربية السورية.
المعروف أن إسرائيل احتلت الجولان السوري في سنة 1967، وتعمدت ترحيل غالبية سكانه، وهدمت ما لا يقل عن 110 قرى فيه، حيث يعيشون حتى اليوم لاجئين. وبقيت في حينه خمس قرى، هي مجدل شمس، وبقعاتا، وعين قنية، ومسعدة، والغجر. وفي سنة 1981 قامت بسن قانون يضم الجولان إلى حدود إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، وهي تحاول التعاطي معه كمنطقة إسرائيلية، وفي ضمن ذلك إجراء انتخابات بلدية. ولكن المواطنين رفضوا وتصدوا لكل مشروع ضم. وأعلنوا إضرابا شهيرا دام ستة أشهر. وفرضوا الحرمان على من يحصل على بطاقة هوية إسرائيلية، فلم يتقدم بطلب كهذا سوى 13 في المائة من السكان. وحافظوا على وحدة صف وطنية كفاحية مدهشة. ولكن تصدعات في هذه الوحدة نشأت مع نشوب الحرب الأهلية في سوريا، سنة 2011. ويبدو أن السلطات الإسرائيلية وجدت في هذه الحرب وما نتج عنها من خلافات داخلية فرصة للتقدم في عملية الضم. وقررت إجراء انتخابات بلدية.
وتقرر إجراء الانتخابات مع الانتخابات البلدية في إسرائيل. ورفض الأهالي ذلك، وراحوا يمارسون الضغوط على المرشحين، وقد استقال عدد كبير من المرشحين في قرية مسعدة، ما اضطر السلطة الإسرائيلية إلى إلغائها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.