إغلاق باب المحكمة الدستورية أمام رئيس البرلمان الجزائري المعزول

بوحجة ذكر أن «جهة عليا» طلبت منه الصمت

TT

إغلاق باب المحكمة الدستورية أمام رئيس البرلمان الجزائري المعزول

رفض مراد مدلسي، رئيس المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) في الجزائر، التدخل في الأزمة التي عرفها البرلمان، إثر عزل رئيسه سعيد بوحجة من طرف نواب الأغلبية. في حين نقل مقربون من الرئيس المعزول، أن «مسؤولاً كبيراً طلب منه عدم نقل النزاع إلى القضاء».
وقال مدلسي، أمس، لصحافيين في العاصمة، إنه «لا يمكن للمجلس الدستوري التدخل في شأن ما، إلا بتطبيق حرفي للدستور»؛ وذلك رداً على سؤال صحافي، يتعلق برأي المؤسسة المكلفة مطابقة القوانين للدستور في خطوة الإطاحة ببوحجة من رئاسة الغرفة البرلمانية الأولى، التي وصفت بأنها «غير قانونية» لأنه لا يحق لبرلمانيين، حتى لو كانوا أغلبية، تنحية رئيسهم تحت أي ظرف، إلا إذا ثبت أنه عاجز بدنياً عن أداء العمل التشريعي، أو أنه يمارس وظيفة أخرى في الوقت نفسه. ويمنح القانون للمعني حق الاستقالة، أما «سحب الثقة» لتثبيت شغور منصب رئيس البرلمان، وهي الطريقة التي انتهجتها الأغلبية في صراعها مع بوحجة، فلا يسمح بها القانون.
وخاض مدلسي باقتضاب في موضوع البرلمان، خلال أشغال مؤتمر عقد حول «الدفع بعدم دستورية القوانين»، التي أصبحت متاحة لأي شخص إذا قدر أن الحكم القضائي الذي صدر بحقه مخالف للدستور. وحينها يصبح بإمكانه نقض الحكم أمام «المجلس الدستوري»، وهذه الممارسة المعمول بها في الأنظمة الديمقراطية حملتها المراجعة الدستورية التي تمت مطلع 2016.
وتمت الإطاحة ببوحجة الأسبوع الماضي، رغم أنه صرح بأنه لا «يزال الرئيس الشرعي»، وعيّن خصومه الذين وصفهم بـ«قطاع طرق»، بدلاً عنه برلماني «جبهة التحرير الوطني» (حزب رئيس الجمهورية) معاذ بوشارب.
وبدت تطورات القضية وكأنها «أمر واقع» فرضته جهة عليا في الدولة. فرئيس البرلمان لا يصل إلى المنصب دون موافقة رئيس الجمهورية، لكن من الناحية الدستورية فإن السلطة التنفيذية لا يجب أن تتدخل في شؤون السلطة التشريعية.
وينص الدستور في مادته 131 على أن رئيس «المجلس الشعبي الوطني» ينتخب لفترة خمس سنوات. ومعنى ذلك أنه لا يمكن إبعاده إلا إذا استقال طواعية. غير أن الدستور لا يشير إلى الجهة التي يمكن لرئيس «المجلس» التوجه إليها لطلب تطبيق القانون، في حال وقع تعسف بحقه. ومع ذلك، اجتهد خبراء قانونيون في القضية، واقترحوا على بوحجة رفع نزاعه إلى الجهة المكلفة بمطابقة القوانين مع الدستور، وهو «المجلس الدستوري». لكن مدلسي أغلق هذا الباب نهائياً أمس.
يشار إلى أن الدستور يسمح لرئيس البرلمان إخطار «المجلس الدستوري» حول «مدى دستورية» أي قانون. وتطرح هذه الحالة إذا كان غير راضٍ عن قانون صوتت عليه هيئة التشريع، سواء كان مصدره الحكومة أو البرلمان. ولم يسبق أن شهد العمل السياسي والبرلماني حالة كهذه أبداً، كما أنه لم يسبق أبداً أن أطاح نواب برئيسهم من قبل. علماً بأن خصوم بوحجة يتهمونه بـ«سوء التسيير»، وهو ما ينفيه بشدة.
واقترح خبراء آخرون على بوحجة اللجوء إلى القضاء الإداري، في حين رأى آخرون أن ذلك لا يدخل ضمن اختصاص المحاكم الإدارية. وابتعد بوحجة عن الأنظار منذ عزله، وتوقف عن التصريح للصحافة. ونقل مقربون منه لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسؤولاً بارزاً في الدولة طلب منه الصمت، ووقف صراعه مع خصومه».
والشائع في الإعلام أن شخصاً في رئاسة الجمهورية أمر أمين عام «جبهة التحرير» جمال ولد عباس، وأمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» أحمد أويحيى، وهو رئيس الوزراء، بإعطاء توجيهات لنواب الحزبين، الذين يفوق عددهم 300 للانقلاب على بوحجة. أما المعارضة التي تتكون من نواب التيار الإسلامي والتيار العلماني، فقد رفضت الانخراط في العملية. كما غابت عن جلسة «تزكية» بوشارب خليفة للرئيس المعزول.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.