ما الأكثر أهمية لجماهير الكرة... المتعة أم الفوز؟

في عصر الإنفاقات الضخمة تراجعت أهمية الأسلوب وأصبح النجاح بأي وسيلة الهدف الرئيسي

تشيك حارس آرسنال (يسار) يرى أن مدربه السابق فينغر كان يولي أهمية للأداء أكثر من النتائج
تشيك حارس آرسنال (يسار) يرى أن مدربه السابق فينغر كان يولي أهمية للأداء أكثر من النتائج
TT

ما الأكثر أهمية لجماهير الكرة... المتعة أم الفوز؟

تشيك حارس آرسنال (يسار) يرى أن مدربه السابق فينغر كان يولي أهمية للأداء أكثر من النتائج
تشيك حارس آرسنال (يسار) يرى أن مدربه السابق فينغر كان يولي أهمية للأداء أكثر من النتائج

يتحدث مشجعو كثير من الأندية المختلفة عن الأسلوب الذي يجب أن تلعب به فرقهم، لكن يبدو أنه في عصر الإنفاقات الضخمة تتراجع أهمية مثل هذه الأمور وأصبح النجاح بأي وسيلة هو الهدف الرئيسي.
في آرسنال أو مانشستر يونايتد أو توتنهام هوتسبر أو وستهام يونايتد أو أي ناد آخر، يطمح كل مشجع لأن يفوز فريقه، وفي الوقت ذاته يقدم أسلوباً معيناً في اللعب من المفترض أنه يميز ناديه عمن سواه من المنافسين. بيد أنه في خضم صناعة كرة القدم بوجهها الحالي في القرن الـ21 والذي أصبح يقدر بمئات الملايين، هل أصبحنا جميعاً نبالغ في توقعاتنا؟.
وينتمي اعتراف بيتر تشيك حارس آرسنال الذي أعلنه قبل أيام حول أن المدرب السابق للفريق آرسين فينغر كان يولي اهتماماً أكبر للجوانب الجمالية لأسلوب اللعب عن فاعلية الأداء، إلى نمط الاعترافات التي عادة ما لا يدلي بها لاعبو كرة القدم المحترفون إلا بعد رحيل مدرب ما وتحول حقبة وجوده في ناديه إلى صفحة من صفحات التاريخ.
ومع هذا، بقيت ثمة أهمية كبيرة في الإنصات لآراء لاعب شارك في الفوز بـ4 بطولات للدوري الممتاز، و5 بطولات لكأس الاتحاد الإنجليزي وبطولة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي منذ انتقاله إلى إنجلترا قبل 14 عاماً.
بالتأكيد يشكل هذا الوضع معضلة أمام جماهير مانشستر يونايتد في الوقت الراهن، والتي تحن الغالبية العظمى منها لسنوات سير أليكس فيرغسون عندما كان قادراً على حصد بطولات وتقديم أداء فني متميز داخل أرض الملعب. في ظل قيادة جوزيه مورينيو، وجدت جماهير النادي نفسها مضطرة لقبول أسلوب لعب أقل إقداماً على المغامرات نجح على الأقل في استعادة مشاركة النادي في بطولة دوري أبطال أوروبا في أعقاب فترة عصيبة مر بها في ظل قيادة كل من ديفيد مويز ولويس فان غال. إلا أن تأكيد بول بوغبا في أعقاب التعادل المخيب للآمال لمانشستر يونايتد على أرضه أمام وولفرهامبتون واندررز على أن فريقه بحاجة إلى الإنصات جيداً لرسالة الجماهير له: اهجم، اهجم، اهجم، وهي صيحات نالت شهرتها للمرة الأولى في ستينيات القرن الماضي، ومن الواضح أنها تتردد على ألسنة من لا يشعرون بالرضا إزاء أسلوب لعب يونايتد تحت قيادة مورينيو، بغض النظر عن النتائج.
منذ قرابة 3 سنوات، رفض المدافع كريس سمولينغ أن يولي لمثل هذه الصيحات أهمية، وقال في تصريحات لمحطة «بي تي سبورت» التلفزيونية: «إذا فزنا ببطولة أو كأس أو ما شابه في نهاية الموسم، أعتقد أنهم سينظرون إلى الخلف ويبدلون وجهة نظرهم بخصوص صيحات اهجم، اهجم، اهجم».
إلا أن الأيام لم تثبت صحة هذه النبوءة، مثلما اتضح من فوز مانشستر يونايتد أمام كريستال بالاس في نهائي بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، والتي كانت آخر مباراة للمدرب فان غال الذي تمت إقالته بعد يومين فقط من التتويج واختيار مورينيو بدلاً منه.
والسؤال هنا: هل الفوز ببطولة الدوري الممتاز والتفوق على خصوم ألداء مثل ليفربول ومانشستر سيتي، أمر بعيد تماماً عن نطاق المحتمل بالنظر إلى بداية مانشستر يونايتد الركيكة للموسم، لكن يظل المستقبل في علم الغيب، لكن بالتأكيد الفوز سيكون كافياً لسد الثغرة التي خلفها غياب متعة الأداء داخل أولد ترافورد تحت قيادة المدرب البرتغالي.
والملاحظ أن جماهير آرسنال ومانشستر يونايتد ليست وحدها من يحتفظ بتوقعات كبيرة بخصوص أسلوب اللعب الذي ينبغي لفريقها تقديمه. على سبيل المثال، طرح مقال نشر عبر موقع إي إس بي إن، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سؤالاً حول ما إذا كانت جماهير الأندية الستة المتصدرة لبطولة الدوري الممتاز تولي أهمية أكبر لأسلوب اللعب عن الجوهر أو النتيجة. وجرى سؤال على المتفاعلين من مشجعي كل ناد من الأندية الستة حول رأيهم، وكما هو متوقع جاءت إجابة جميع مشجعي النادي بالإيجاب.
عام 1961، أكد داني بلانشفلاور، كابتن توتنهام هوتسبر المتألق الذي فاز مع ناديه ببطولتين، في تصريح شهير له أن ثمة خرافة ذائعة الصيت حول أن كرة القدم تتعلق أولاً وأخيراً بالفوز. هذا أمر غير صحيح على الإطلاق. إن كرة القدم تتعلق في الأساس بالمجد، وإنجاز الأمور على نحو ممتع ومزهر، وخوض المباريات بروح قوية تسعى لهزيمة الطرف الآخر، وليس الانتظار حتى يموت المتفرج وحده من الملل. المؤكد أن الأرجنتيني ماوريسيو بوكتينيو مدرب توتنهام ودانييل ليفي رئيس النادي كانا سيتفقان معه في الرأي. ومع هذا، من المؤكد كذلك أن المدرب ورئيسه كانا ليتخليا عن مبادئهما بسهولة مقابل الفوز بأول بطولة للدوري الممتاز في تاريخ النادي منذ ما يقرب من 60 عاماً.
والواضح أن الجدال حول هذه المسألة يمتد لأندية أخرى بعيدة عن صدارة الدوري، مثلما اتضح من قوة معارضة جماهير إيفرتون ووستهام يونايتد لأسلوب لعب المدرب سام ألاراديس، ما أجبره في النهاية على الرحيل عن الناديين. ومع ذلك، وفي مؤشر واضح على مدى تذبذب مواقف المشجعين، فإنه في أعقاب هزيمة وستهام على أرضه أمام وولفرهامبتون واندررز في الأول من سبتمبر (أيلول)، الأمر الذي تركه قابعاً في قاع جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز تحت قيادة المدرب مانويل بيليغريني، نقلت واحدة من محطات الراديو الوطنية عدة مكالمات تدعو لإعادة ألاراديس من أجل المعاونة في إنقاذ الموسم. وربما الجماهير ذاتها تشعر بالارتياح اليوم أن ملاك النادي لم ينصتوا لهم وتمسكوا ببيليغريني، وإن كانت الحقيقة تبقى أن بضعة نتائج سيئة يمكن أن تغير الوضع برمته من جديد.


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».