الإمارات تصدر مرسوماً بقانون اتحادي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

يوصي بتأسيس وحدة معلومات مالية مستقلة داخل المصرف المركزي

يتوافق القانون الجديد في الإمارات مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي (فاتف)... (وام)
يتوافق القانون الجديد في الإمارات مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي (فاتف)... (وام)
TT

الإمارات تصدر مرسوماً بقانون اتحادي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

يتوافق القانون الجديد في الإمارات مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي (فاتف)... (وام)
يتوافق القانون الجديد في الإمارات مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي (فاتف)... (وام)

قالت الإمارات أمس إن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس البلاد أصدر مرسوماً بقانون اتحادي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع سعي الإمارات لجعل قوانينها تتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة تدفق الأموال غير المشروعة.
ويوصي القانون الذي يتوافق مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي (فاتف)، بتأسيس وحدة معلومات مالية مستقلة داخل مصرف الإمارات المركزي لاستقبال البلاغات ذات الصلة بالتمويلات غير المشروعة والتحقيق فيها. و«فاتف» هي منظمة دولية تضع معايير دولية لمكافحة التمويل غير المشروع.
وقال الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية: «تحرص قيادة الإمارات على تطوير البنية التشريعية والقانونية للدولة نظرا لما لها من دور هام في ضمان الالتزام المستمر بالمعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة جرائم غسل الأموال ومواجهة تمويل الإرهاب. ويعتبر المرسوم بقانون من أهم الركائز الأساسية في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويسهم في رفع فعالية الإطار القانوني والمؤسسي وتحقيق النتائج المرجوة».
وأوضح أن «الهدف من إصدار هذا القانون يتمثل في مكافحة جرائم غسل الأموال، ووضع الإطار القانوني الذي يدعم ويعزز الجهود التي تبذلها الجهات ذات العلاقة في الدولة لمكافحة غسل الأموال والجرائم المرتبطة وعمليات تمويل الإرهاب والتنظيمات المشبوهة، الأمر الذي يعزز من مستوى الالتزام الفني للإمارات بالتوصيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال».
وأضاف: «لطالما كانت الإمارات منارة للعدل والسلام، حيث تلتزم الدولة بالقوانين والمواثيق الدولية كافة التي تعمل على مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة، سواء بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة. ويأتي هذا القانون في إطار استراتيجية الدولة لحماية النظام المالي المحلي، عبر تطبيق أفضل الأنظمة وأكفئها لمكافحة هذه الجرائم، التي تؤثر سلباً على اقتصادات الدول واستقرارها السياسي والمالي على حد سواء».
وأشار إلى أن هذا المرسوم بقانون اتحادي قد جاء بالتماشي مع متطلبات وتوصيات مجموعة العمل المالي «فاتف»، وأوجبت بعض المواد التي أوردها القانون على أي شخص أن يفصح عندما يُدخل إلى البلاد أو يُخرج منها عن عملات أو أدوات مالية قابلة للتداول لحاملها أو معادن ثمينة أو أحجار ذات قيمة، وفقاً لنظام الإفصاح الذي يصدره المصرف المركزي.
ويوضح القانون اختصاصات اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وصلاحياتها في إعداد التقييم الوطني للمخاطر، كونه مطلباً أساسياً لتوصيات مجموعة فاتف، إضافة إلى توسيع التزامات جهات الترخيص والرقابة، لتشمل وضع منهج قائم على المخاطر وتطبيقه على المنشآت المرخصة من قبلها.
ويحدد المرسوم بقانون مرتكب جريمة غسل الأموال كل من كان عالماً بأن الأموال متحصلة من جناية أو جنحة، وارتكب عمداً تحويل المتحصلات أو نقلها، أو أجرى أي عملية بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع، «و - أو» أخفى أو موّه حقيقة المتحصلات، أو مصدرها، أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، «و - أو» اكتسب أو حاز أو استخدم المتحصلات عند تسلمها، «و - أو» ساعد مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.
وتعتبر جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة، ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته على جريمة غسل الأموال، كما لا يشترط حصول الإدانة بارتكاب الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع للمتحصلات.
وبموجب القانون، يتم إنشاء «وحدة معلومات مالية» مستقلة ضمن المصرف المركزي، ترسل لها دون غيرها تقارير المعاملات المشبوهة والمعلومات المتعلقة بها من جميع المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة، وتعمل على دراستها وتحليلها، وإحالتها إلى الجهات المختصة بشكل تلقائي أو عند الطلب.
وتختص هذه الوحدة بالطلب من المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة والجهات المعنية، تقديم أي معلومات أو مستندات إضافية متعلقة بالتقارير والمعلومات التي تلقتها، وغيرها من المعلومات التي تراها ضرورية لأداء مهامها، وتبادل المعلومات مع الوحدات النظيرة في الدول الأخرى بشأن تقارير المعاملات المشبوهة أو أي معلومات أخرى تتمتع الوحدة بصلاحية الحصول أو الوصول إليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. هذا وتختص الوحدة أيضاً بإنشاء قاعدة بيانات أو سجل خاص لما يتوافر لديها من معلومات، وحمايتها بوضع قواعد تحكم أمن المعلومات وسريتها.
وتنشأ بموجب أحكام المرسوم بقانون لجنة برئاسة محافظ المصرف المركزي، تحت مسمى «اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة» ويصدر بتشكيلها قرار من وزير المالية، وتختص بوضع وتطوير استراتيجية وطنية لمكافحة الجريمة، واقتراح الأنظمة والإجراءات والسياسات ذات الصلة بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومتابعة تنفيذها، وتحديد وتقييم مخاطر الجريمة على المستوى الوطني، وتوجيه الجهات الرقابية بالتحقق من التزام المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة والجمعيات غير الهادفة للربح الخاضعة لإشرافها بتطبيق التدابير الواجب اتخاذها، وتسهيل تبادل المعلومات، والتنسيق بين الجهات الممثلة فيها.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.