9 مصابين بتفجير إرهابي وسط العاصمة التونسية

انتحارية من «الخلايا النائمة» استهدفت رجال الأمن

سيارات الإسعاف والحماية المدنية ورجال الشرطة بموقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
سيارات الإسعاف والحماية المدنية ورجال الشرطة بموقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

9 مصابين بتفجير إرهابي وسط العاصمة التونسية

سيارات الإسعاف والحماية المدنية ورجال الشرطة بموقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
سيارات الإسعاف والحماية المدنية ورجال الشرطة بموقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

أدى تفجير إرهابية تونسية نفسها باستعمال حزام ناسف وسط العاصمة التونسية إلى إصابة 9 تونسيين بجراح متفاوتة الخطورة؛ بينهم 8 من عناصر الأمن التونسي، وهو ما أدى إلى قطع وزير الداخلية هشام الفراتي الجلسة العامة المخصصة لمساءلته في البرلمان التونسي إثر الانفجار، والالتحاق بغرفة العمليات لمتابعة التطورات الحاصلة.
وأكد سفيان الزق، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، في تصريح إعلامي أن المرأة التي قامت بتفجير نفسها شابة لا يتجاوز عمرها 30 عاماً، وأنها من دون سوابق جنائية، وأنها استهدفت عدداً من رجال الأمن، وقد انتشرت في محيط الانفجار أشلاء من جثتها، مما أدى إلى حالة قصوى من الفوضى والهلع وسط العاصمة التونسية، في ظل حضور أمني مكثف، سرعان ما أغلق المنطقة أمام المارة والسيارات.
وسرعان ما تنقلت وحدات الدفاع المدني لإسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفيات القريبة. ووفق الحصيلة الرسمية التي قدمتها وزارة الداخلية التونسية، فإن الانفجار أدى إلى إصابة 8 أعوان أمن ومواطنة واحدة بجراح متفاوتة الخطورة.
وأكد شاهد عيان أن امرأة محجبة، على حد تعبيره، قامت بتفجير نفسها أمام أحد المقاهي في «شارع الحبيب بورقيبة» بالعاصمة التونسية، وأنها كانت تستهدف دورية الأمن في المقام الأول.
وقال شاهد عيان آخر لإحدى الإذاعات المحلية الخاصة إن الانتحارية صرخت بعبارة: «الله أكبر» قبل أن تقدم على تفجير الحزام الناسف.
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية التونسية أن الإرهابية ليس لها سجل أمني، كما أنها لم تنتم سابقا إلى تنظيمات متطرفة، ولم تَحُمْ حولها شكوك بالانتماء إلى تيارات سلفية مثل تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور الذي يدعو منذ تشكيله إلى مهاجمة رجال جهاز الأمن والجيش التونسيين، ويصفهم بـ«الطواغيت».
وبشأن هوية هذه الإرهابية، فقد أكدت مصادر أمنية أنها تونسية وتدعى منى قبلة، وهي من مواليد سنة 1988 (نحو 30 سنة)، وأصيلة منطقة سيدي علوان من المهدية (وسط شرقي تونس). وكانت وحدة طبية عسكرية متنقلة قد نقلت جثة الانتحارية التي فجرت نفسها بحزام ناسف، إلى قسم الطب الشرعي لإجراء التحاليل اللازمة والتعرف على هويتها. وذكر مصدر طبي أن الفتاة لا يتجاوز عمرها 30 عاماً وفق التحاليل الأولية، وأشار إلى أنها كانت ترتدي حجابا أسود.
ووفق المعطيات الأولية المتوفرة، فقد استهدفت المرأة التي فجرت نفسها في «شارع الحبيب بورقيبة»، عددا من رجال الأمن الذين كانوا موجودين هناك، ولم تسع لاستهداف المركز التجاري أو المدنيين. ووفق مصادر أمنية تونسية، فإن الانتحارية استهدفت قوات الأمن التي كانت مرابطة بالشارع الرئيسي للعاصمة التونسية بمناسبة الوقفة الاحتجاجية أمام المسرح البلدي (وسط العاصمة) التي نظمتها عائلة الشاب التونسي أيمن العثماني وعدد من أهالي منطقة سيدي حسين المساندين لتلك العائلة، للمطالبة بالكشف عن حقيقة مقتله وإعادة فتح التحقيق.
وكانت محكمة تونسية قد برأت دورية مكونة من 4 عناصر من الديوانة التونسية (الجمارك) من مسؤولية قتله في مواجهات بين الدورية المذكورة وشبان إثر مهاجمتها محلا للبضاعة المهربة.
يذكر أن «شارع الحبيب بورقيبة» والشوارع القريبة منه، لم تكن في مأمن من استهداف التنظيمات الإرهابية؛ إذ حكمت محكمة تونسية قبل أيام على عنصر إرهابي تونسي بالسجن 8 سنوات وذلك بعد القبض عليه واعترافه بوجود مخطط لتفجير أحد الفضاءات التجارية وسط العاصمة التونسية وتقريبا في المكان نفسه الذي شهد الهجوم الانتحاري المسجل أمس.
وخلال سنة 2015؛ وبالتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، فجر عنصر إرهابي نفسه بحزام ناسف في حافلة لعناصر الحرس الرئاسي، وهو ما أدى إلى مقتل 12 عنصرا أمنيا، إضافة إلى الانتحاري.
على صعيد متصل، انفجر لغم صباح أمس بتلة السوايسية بالمنطقة العسكرية المغلقة بالمغيلة من ولاية (محافظة) القصرين (وسط غربي تونس)، مما تسبب في إصابة طفل في ساقه اليسرى وشقيقته بالوجه.
وأفادت وزارة الدفاع التونسية بنقل المصابين إلى المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد (وسط) لتلقي العلاج الضروري. وذكرت الوزارة ذاتها سكان المناطق المحاذية لجبل المغيلة بأنه يمنع عليهم منعا باتا الدخول إلى المناطق العسكرية المغلقة، كما تبينه علامات المنع الموجودة بالمكان، وذلك حفاظا على أرواحهم من إمكانية تعرضهم لانفجار الألغام أو استهدافهم من قبل التنظيمات الإرهابية المتحصنة بجبال المنطقة.
وأكد مصدر أمني تونسي أن بصمات يد الإرهابية التي فجرت نفسها لم تتعرض لأي تشوّه، وهو ما مكّن من التعرف على هويتها بسرعة باستعمال تقنية «المخبر المتنقل»؛ إذ انتقل مختصون على الفور إلى مكان الحادث، وأظهرت المعطيات الأمنية المتعلقة بها أنها درست بمعهد سيدي علوان وتحصلت على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 2007. وإثر الحادث الإرهابي، انتقلت وحدات أمنية إلى منزل عائلتها في منطقة المهدية لمزيد من التحري بشأنها ومعرفة تفاصيل أخرى عن مسار حياتها، فأكدت العائلة أن ابنتها قد انقطعت أخبارها منذ 5 أيام، وهو ما قد يكون موضع مساءلة للعائلة في حال عدم إعلامها السلطات الأمنية حول غيابها.
وبشأن الانفجار الذي كان متوسطا ولم يسفر عن كثير من الضحايا على الرغم من وجود الانتحارية في منطقة مكتظة بالمارة والمتجولين، أكدت المصادر الأمنية التي أجرت التحريات الأولية حول الحادث أن درجة الانفجار لم تكن قوية لعدم وجود كمية كبيرة من المواد المتفجرة في الحزام الناسف الذي استعمل في العملية الانتحارية.
ورجح مختصون في الجماعات الإرهابية في تونس على غرار علية العلاني وفيصل الشريف أمس أن تكون الانتحارية من الخلايا الإرهابية النائمة المتعاطفة مع التيارات السلفية الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي أو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي.
وأشاروا إلى أن تونس تنتشر بها ما بين 300 و400 خلية إرهابية نائمة، وقد تم إلقاء القبض على كثير منها خلال السنوات الماضية، وللتأكيد على رجاحة هذه المقاربة أكدوا أن تنظيم «أنصار الشريعة» الذي يتزعمه التونسي «أبو عياض» سيف الله بن حسين المكنى جمع ما لا يقل عن 40 ألف مناصر خلال تنظيم ملتقى له في مدينة القيروان سنة 2012، وأن المتعاطفين مع هذا التنظيم قد اندثروا إثر حظر أنشطته بالكامل في تونس وتصنيفه ضمن التنظيمات الإرهابية.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.