فلسطينيو 48 يحيون ذكرى مجزرة كفر قاسم

ليسوا مطمئنين لعدم قيام إسرائيل بترحيلهم حتى بعد 60 عاما

TT

فلسطينيو 48 يحيون ذكرى مجزرة كفر قاسم

أحيت الجماهير العربية في إسرائيل (فلسطينيو 48)، أمس الاثنين، الذكرى السنوية الـ62 لمجزرة كفر قاسم، التي راح ضحيتها 49 شهيدا بين رجل وطفل وامرأة، وسط تأكيدات على أن هدف المجزرة كان ترحيل عشرات ألوف الفلسطينيين إلى الأردن، والمخاوف من خطط الترحيل التي لم تسقط من حساباتهم.
فقد سار الألوف من أهالي المدينة ومعهم المتضامنون من جميع البلدات العربية، وبضع عشرات من الشخصيات اليهودية اليسارية، وهم يرفعون الشعارات التي تطالب الحكومة بالاعتراف بمسؤوليتها عن المجزرة، وتغيير سياستها العدائية تجاه المواطنين العرب. وانطلقوا في مسيرة من ميدان مسجد أبي بكر الصديق باتجاه صرح الشهداء (النصب التذكاري)، تتقدمها يافطة رئيسية مكتوب عليها: «لن ننسى، لن نغفر، لن نسامح». وقد شارك فيها رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، ورئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، ورئيس بلدية كفر قاسم، عادل بدير، ومجموعة كبيرة من النواب ورؤساء البلديات.
وقال المربي وليد طه، إن عقلية المجزرة ما زالت تحكم فكر ومخططات عدد غير قليل من القادة الإسرائيليين، إذ أن من قرر سن قانون القومية اليهودية، الذي يؤسس لسياسة الأبرتهايد، إنما يرتكب مجزرة سياسية وفكرية خطيرة ضد المواطنين العرب. وعلينا أن نقول كفى ونقف موحدين في وجه الطغيان وكل من يتآمر على نشر الفتن والفساد.
وقال رئيس البلدية، عادل بدير: «نجتمع هنا كما في كل عام، لنؤكد على أننا ما نسينا ولن ننسى وأننا ما غفرنا ولن نغفر وأننا ما سامحنا ولن نسامح. نعم لن ننسى شهداءنا الأبرار والجرحى والناجين، ولن نغفر للمجرمين القتلة الأشرار، ولن نسامح الذين أصدروا الأوامر بالقتل بحق أهلنا الأبرياء».
وتكلم رئيس مجلس الطلاب المحلي في المدرسة الثانوية الجديدة، ماضي طه، مؤكدا أن «الأجيال القادمة الواعدة ستحمل الأمانة والعهد والقسم وأن ميراث الشهداء لن يترك أبدا». كما طالب الجميع بالعمل على نبذ العنف والعمل على إعادة روح الاستقرار وأن «لا يكون سلاح العنف هو أداة التهجير الجديدة التي يستعملها المحتل ضدنا».
كما تحدث ابن البلدة، النائب عيساوي فريج، من حزب ميرتس، الذي اعتبر قانون القومية والقوانين العنصرية، استكمالا للمجزرة. ومن ثم تحدث الصحافي اليهودي، لطيف دوري، الذي كان له دور كبير في فضح المجزرة، وقال إنه «شاء القدر أن نكشف النقاب عن مجزرة كفر قاسم، وكنت ممن حاز على وسام شرف للكشف عن المجزرة».
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، في المهرجان الخطابي إنه «ونحن إذ نحيي ذكرى المجزرة، علينا أن نستذكر المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في غزة يوم أمس، إذ لا تزال مجازر الاحتلال مستمرة منذ مجزرة كفر قاسم ولغاية اليوم». وأضاف أنه «كنا نقول إنها مجزرة مبيتة وليست صدفة، وهذا ما أكدته شهادة الضابط يسخار شدمي، قائد قوات المجزرة. كما أكد أيضا أنها كانت ضمن مخطط لتهجير أهالي المثلث الجنوبي، وعلى ضوء هذه الشهادة، ولربما هناك مكان أن نفحص إمكانية الموضوع قضائيا بعد تراكم الشهادات القطعية بأنها كانت مبيتة، ولا بأس في إعادة المحاكمة مرة أخرى، وحتى إمكانية محاكمة المجرمين مرة أخرى». وأكد بركة أن «المجزرة لن تُغفر، وعلى إسرائيل أن تعترف بجريمتها، وعليها أن تعوض أهالي الضحايا وأن تعاقب المجرمين».
يذكر أن مجزرة كفر قاسم ارتكبت في 29 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1956. عندما قامت سرية من حرس الحدود الإسرائيلي، بقتل 47 مواطنا من الرجال والنساء والأطفال العائدين من قطف الزيتون، أو من أماكن عملهم في البلدات اليهودية، بدم بارد. وقد حدث ذلك في أول يوم من العدوان الثلاثي على مصر. وقد كشف الباحث اليهودي، آدم راز، عن مخطط إسرائيلي لترحيل سكان 27 قرية في المثلث إلى الأردن، إذا ما شاركت الأردن في الحرب. وحاولوا افتعال حرب مع الأردن. لكن هذا لم يحدث والناس لم يهربوا ففشل المخطط. وقبل نحو شهر، في 28 سبتمبر (أيلول)، الماضي، توفي قائد الكتيبة الإسرائيلي، يسخار شدمي، الذي أصدر الأوامر بتنفيذ المجزرة. وقد ذكر الباحث آدم راز أنه سمع من شدمي نفسه، أن الأوامر كانت شفوية، وصادرة عن جهات عليا في المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وأن الحكم عليه بدفع قرش واحد كان مجرد تمثيلية لإيهام الناس وتضليلهم. لقد كان هناك مخطط لترحيل الفلسطينيين من المثلث إلى شرق الأردن أطلق عليه اسم «خلد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.