السرد في السعودية... هل تراجع؟

شهادتان من كاتبين عن مسيرته وأثره في الساحة الثقافية

عبد الله التعزي - محمد البشير
عبد الله التعزي - محمد البشير
TT

السرد في السعودية... هل تراجع؟

عبد الله التعزي - محمد البشير
عبد الله التعزي - محمد البشير

ننشر هنا شهادتين من كاتبين سعوديين عن تجربة السرد في المملكة: هل تراجعت؟ وما هو الأثر الذي تركته في الساحة الثقافية؟
الشهادة الأولى يدلي بها عبد الله التعزي، الذي أصدر مجموعات قصصية هي: «سيد الطيور»، و«لون الظلام»، و«كائنات الليل»، و«الحفائر تتنفس»، كما أصدر رواية عنوانها «حرية الأبواب المغلقة»، عن دار أثر.
والشهادة الثانية للدكتور محمد البشير، دكتوراه في النقد من جامعة الملك فيصل، له عدد من المؤلفات في النقد والقصة القصيرة منها مجموعة قصصية بعنوان (عبق النافذة) عام 2008. وأخرى بعنوان (نفلة) عام 2016. وفي النقد له كتاب بعنوان ظاهرة القلق في شعر يوسف بن عبد اللطيف أبو سعد عن نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وكتاب آخر بعنوان (تلقي الرواية السعودية في الصحافة - صحيفة الرياض نموذجاً)، عن نادي الأحساء الأدبي. ورئيس المقهى الثقافي بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء

عبد الله التعزي: ربما سيكون السرد إلكترونياً

من الصعب الوصول إلى كل التفاصيل في مسيرة السرد فهي متشعبة ومتشابكة مع كل أمور الحياة بصورة كبيرة، وكأنها لن تنفصل عنها. خصوصا أن السرد جزء من المُعَاش واليومي والمتغير دائما، وفي وقتنا الحالي يزداد الأمر صعوبة.
يبدو أن الحضارة تتسارع بصورة مفجعة. لم تعد الاختراعات الجديدة مثيرة للدهشة فقد أصبح كل شيء ممكناً. فَقْدُ الدهشة هذا يُدّمر الرغبة في المشاركة. يبدو أن الكاتب أو الإنسان بصورة عامة أصبح الآن محاصرا بالوحدة. تنتقل معه في كل مكان. في البيت والعمل والشارع وحتى في التجمعات الأسرية. تجد أن الوحدة هي ملاذه الأول وربما الأوحد بجوار أجهزة التليفون الذكية.
أين مسيرة السرد في وسط هذا الاتجاه السريع للحياة؟ أعتقد أن المرحلة المقبلة من الإنسانية ستكوّن تجربة جديدة كليا على الجميع. ربما ترتفع قيم وتسقط قيم ولكن النهاية ستكون متفجرة ربما بصورة غير مسبوقة.
كل هذا يلقي بظلاله على السرد ويجعله متداخلا ومتشابكاً. والإنسان بطبعة يتكيف مع كل الأوضاع والمتغيرات وسيجد طريقه إلى الإبداع في السرد. ربما يظهر عما قريب سرد إلكتروني حتى يتماشى مع رتم العصر الإلكتروني بامتياز.
كثير من الكتاب الشباب وخصوصا الصغار سنا منهم لم يدرسوا في كل مقرراتهم الدراسية ورقياً بل إنهم تحولوا في دراستهم إلى التلقي الإلكتروني. وإرسال الواجبات إلكترونيا حيث هناك ما يشبه القطيعة مع كل ما هو ورقي بالمعنى المتعارف عليه سابقا. أو على الأقل أصبح الورق مهما لأمور أخرى غير الكتب. فتجد الكثير منهم (الذين في العشرينات من أعمارهم) يقرأون إلكترونيا كتبا كاملة وروايات دون الحاجة أو الشعور بفقد لمس ورق الكتاب. بهذه الخلفية الإلكترونية يُنتج طعم مختلف للكلمات ورؤية للعالم مغايرة للمألوف الذي اعتاد عليها.
التخلف داخل الكاتب يكون مرتبكا بين واقع حقيقي مدرك وواقع افتراضي متخيل ليوجد تخيل للتخيل، إن جاز لنا التعبير. فيصبح الخيال لدى الكاتب مركبا وقد يدفع بعض الكتاب للعودة إلى التاريخ وتخيله ومن ثم إعادة كتابته بالصورة والشكل الخيالي الجديد. وقد يمعن بعض الكتاب في المستقبل ويطلق لخياله العنان وينتج تصوره للعالم واستشرافه للمستقبل يعتمد على معطيات لم تكن متوفرة من قبل.
كل هذه وأمور أخرى متعلقة بشخصية الكاتب تتحكم في مسيرة السرد وتجعلها مسيرة ربما متسارعة وربما غير مستقرة وتدفع في أحيان إلى الحيرة.

د. محمد البشير:
السرد لم يتراجع... هو في حالة تطور وتحول
لا أوافق إطلاقاً على تراجع السرد في السعودية، فمسيرة السرد في تحول وتطور مستمر، بتجربة تلحق بأختها، وللتحقق من هذا التحول والتطور سأكابر على ما أحايد كثيراً في اتخاذه معيارا؛ ربما لا أؤمن باتخاذ الجوائز معياراً للمفاضلة وضمان الجودة، ولكن سأجيز اتخاذه مؤشراً لا أكثر، فلو سلّمنا بهذا الأمر وجعلنا «البوكر» العربية أشهر جوائز الرواية العربية نموذجاً؛ سنجد خطوات الرواية السعودية تسير بثبات من خلال فوز اسمين مهمين في الرواية السعودية مبكراً، وهما: (عبده خال ورجاء عالم)، وبتأكيد التفوق بثلاثية وحيدة على الصعيد العربي، حين فاز محمد علوان؛ ليثبت رسوخ جيل يخلف ما قبله، وببصمة روائية مختلفة ومغايرة، والأهم من ذلك في رأيي وصول عزيز محمد إلى القائمة القصيرة في النسخة الأخيرة من الجائزة منافساً للستيني إبراهيم نصر الله حاصد الجائزة والخمسيني أمير تاج السر، فعزيز محمد العشريني بتجربته الأولى برواية (الحالة الحرجة للمدعو ك) يثبت أن جيلاً روائياً مرعباً وسوداوياً مقبل من مساحة مختلفة في السرد السعودي.
إن هذا الاختلاف أحوج ما نكون إليه، فالعالم يريد أن يرانا باختلاف تجاربنا الروائية، وهذا ما يقدمنا للعالم مكونين لوحة فسيفسائية تحتاج للقطع الكبيرة والصغيرة، والألوان الداكنة والفاتحة على سواء والأشكال المتباينة دون تمييز، ولن تكتمل هذه اللوحة إلا بأقلام جديدة ومختلفة تنهل من مشارب متفرقة، وباستمرار أقلام راسخة في الكتابة والعطاء، فترقبنا لما يقدمه عبده خال ورجاء عالم ويوسف المحيميد وغيرهم من أصحاب الرصيد الروائي؛ يوازي ترقبنا للرواية الثانية ليحيى أمقاسم بعد روايته الأولى (ساق الغراب «الهربة»)، وما سيقدمه؟! سواء اتفقنا أو اختلفنا بانتقاله إلى مساحة أخرى في (رجل الشتاء «أيام كثيرة وصغيرة»)، ولذلك سنظل مترقبين للرواية الثانية لعزيز محمد، فحسبنا من الترقب أن نخرج بطمأنينة على سلامة سردنا وصحته، حين يبشرنا المشهد الثقافي بولادة رواية جديدة تلحق برصيد سابق، أو باسم جديد نضيفه للقائمة.
أما فرضية انحسار مساحة القرّاء فهي فرضية تحتاج إلى أدلة، ولكني أظن أن مبيعات الرواية في معرض الكتاب ما زالت متصدرة، مما يشكك في هذه الفرضية.



انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).