جدل في إيران بعد لقاء مرجع ديني بشخصيات إصلاحية

جلسة البرلمان الإيراني للتصويت على الثقة بالوزراء الأربعة الذين اقترحهم الرئيس حسن روحاني أول من أمس السبت (أ.ب)
جلسة البرلمان الإيراني للتصويت على الثقة بالوزراء الأربعة الذين اقترحهم الرئيس حسن روحاني أول من أمس السبت (أ.ب)
TT

جدل في إيران بعد لقاء مرجع ديني بشخصيات إصلاحية

جلسة البرلمان الإيراني للتصويت على الثقة بالوزراء الأربعة الذين اقترحهم الرئيس حسن روحاني أول من أمس السبت (أ.ب)
جلسة البرلمان الإيراني للتصويت على الثقة بالوزراء الأربعة الذين اقترحهم الرئيس حسن روحاني أول من أمس السبت (أ.ب)

منح مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، في اجتماع عقده، مساء أول من أمس السبت، ثقته للوزراء الـ4 الذين اقترحهم الرئيس حسن روحاني، في وقت واجه عضو بارز متشدد في مجلس صيانة الدستور الإيراني انتقادات بعد تعرضه بكلمات قاسية لأحد أبرز رجال الدين في البلاد إثر لقائه سياسيين إصلاحيين.
وأفادت وكالة «تسنيم» الإيرانية بأن مجلس الشورى منح الثقة لكل من: محمد إسلامي لوزارة الطرق وبناء المدن، وفرهاد دجبسند لوزارة الاقتصاد والمالية، ومحمد شريعتمداري لوزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، ورضا رحماني لوزارة الصناعة. وأجرى الرئيس روحاني هذا التعديل الوزاري الذي شمل وزراء المجموعة الاقتصادية في حكومته، وذلك قبل أيام من دخول عقوبات أميركية على صادرات إيرانية من النفط حيز التنفيذ. وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن الأكاديمي فرهاد دجبسند، الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه من التكنوقراط، حصل على ثقة البرلمان بهامش كبير وتولى منصب وزير الاقتصاد والمالية.
في غضون ذلك، كتبت وكالة الصحافة الفرنسية عن جدل بدأ في إيران قبل أسبوعين عندما التقى آية الله موسى الشبيري الزنجاني (90 عاماً) الذي يعد من المراجع الكبار، بالرئيس السابق محمد خاتمي وشخصيات أخرى تنتمي إلى المعسكر الإصلاحي. وترأس خاتمي إيران بين عامي 1997 و2005، لكنه دخل بعد ذلك في مواجهة مع النظام خاصة بعد دعمه مظاهرات عام 2009، وهو ممنوع حالياً من مغادرة البلاد أو الظهور في الإعلام الرسمي.
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن هذا اللقاء استدعى انتقاداً قاسياً من آية الله يزدي، الذي يقود مؤسسة دينية محافظة في قم، وهو أيضاً أحد الذين عينهم المرشد الأعلى علي خامنئي في مجلس صيانة الدستور الذي يشرف على مطابقة القوانين للشريعة ويمارس الرقابة على الانتخابات.
وكتب يزدي في رسالة مفتوحة موجهة إلى آية الله الزنجاني نشرتها صحيفة «جمران» على موقعها: «بعد نشر صورك على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب بعض الأشخاص الإشكاليين الذين لا يملكون احتراماً لنظام الجمهورية الإسلامية والمرشد الأعلى، أشير من هنا إلى أن هذه القضية قد سببت القلق والغضب بين الأتباع وفي المعاهد الدينية». وأضاف: «أود أن أذكّرك أن موقعك والاحترام مرتبطان باحترامك للنظام الإسلامي الحاكم والقيادة والمراجع (....) وعليك اتخاذ خطوات لضمان أن أموراً كهذه لا تتكرر».
ولفتت الوكالة الفرنسية إلى أن انتقاد رجل دين من آيات الله بهذه الطريقة يُعتبر خارج حدود السلوكيات المقبولة. وكتب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي عباس صالحي على «تويتر»: «علينا أن نكون حذرين بأن لا نضعف المراجع تحت راية الحفاظ على النظام، وألا نفسد التراث التاريخي».
كما استقال احتجاجاً رجل دين واحد فقط على الأقل من المؤسسة الدينية التي يرأسها يزدي، فيما قال آية الله هادوي الطهراني إن «الرسالة غير المهذبة» الموجهة إلى الزنجاني سببت «الأسى والحزن».
وتتالت أمس الأحد الردود من العديد من المسؤولين الكبار والمعلقين.
وكتب إلياس حضرتي النائب في البرلمان والمدير العام لصحيفة «اعتماد»: «نحن فخورون بأن مراجعنا المحترمين لم يكونوا مقيدين بأي قيود من أي هيئات سياسية أو اقتصادية».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.