«داعش» يخلّف وراءه ألف طفل بمائة لهجة

داخل خيام اللاجئين تستطيع سماع عشرات اللغات واللكنات

500 امرأة و1200 طفل يحملون 44 جنسية يحتجزون لدى الأكراد في ثلاثة معسكرات متفرقة بشمال سوريا (أ.ف.ب)
500 امرأة و1200 طفل يحملون 44 جنسية يحتجزون لدى الأكراد في ثلاثة معسكرات متفرقة بشمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يخلّف وراءه ألف طفل بمائة لهجة

500 امرأة و1200 طفل يحملون 44 جنسية يحتجزون لدى الأكراد في ثلاثة معسكرات متفرقة بشمال سوريا (أ.ف.ب)
500 امرأة و1200 طفل يحملون 44 جنسية يحتجزون لدى الأكراد في ثلاثة معسكرات متفرقة بشمال سوريا (أ.ف.ب)

فوق هضبة صغيرة بشمال شرقي سوريا، يقع معسكر «روج» للنازحين المليء بالخيام البيضاء، الذي يتميز بأرضيته الحمراء التي جعلته قريب الشبه بغيره من معسكرات اللاجئين في المنطقة.
وهناك في ركن بعيد خلف سور معدني تحرسه ميليشيات من النساء الكرديات يعيش بعض السكان المختلفين في كل شيء. هؤلاء هم نساء وأطفال «دولة الخلافة»، أو نساء «داعش»، اللاتي قدمن من مختلف أنحاء العالم للعيش في كنف ما كان يسمى «الدولة الإسلامية» قبل اندحارها. وقد أفاد المسؤولون الأكراد بأنهم يحتجزون على الأقل 500 امرأة و1200 طفل يحملون 44 جنسية في 3 معسكرات متفرقة بشمال سوريا. لكن المشكلة تكمن في أن غالبية دول هؤلاء النساء ترفض استعادتهن، فيما لا يرغب الأكراد في الاحتفاظ بهن، حسب صحيفة «الصنداي تايمز» البريطانية أمس.
وبعد انهيار «داعش»، وجد هؤلاء النساء والأطفال أنفسهم مجبرين على العيش في تلك المعسكرات انتظاراً لمن يحدد مصيرهم شأن غيرهم من المشردين السوريين. وهنا بإمكان الزائر ملاحظة الخليط العجيب من البشر، وقد انقلبت حياتهم رأساً على عقب في «داعش». فهذا فتى يتحدث الإنجليزية يرتدى بزة «سبايدرمان» ويعتقد أن أباه أميركي، وتلك فتاة انضمت إلى التنظيم عندما كان عمرها 13 عاماً وتزوجت مرتين من مقاتلين لتصبح أرملة بعد أن لقيا حتفهما. وهناك تجلس امرأة هولندية مبتسمة وإلى جوارها أبناؤها ذوو الملامح الشقراء وكأنهم قفزوا للتو من لوحة فيرمير.
داخل الخيام تستطيع سماع عشرات اللغات، منها على سبيل المثال اللغة العربية بلهجة سورية مختلطة بالهولندية والإنجليزية والسويدية بمئات اللهجات واللكنات.
ورغم أن هؤلاء النساء لسن في سجن، فإنهن يعشن تحت حراسة دائمة. واستخدام الإنترنت يتم تحت ضغوط صارمة، وكذلك يجرى الاتصال بالعائلة والمسؤولين.
حتى وإن أرادوا الرحيل، فإن فرص الهرب وسط حشائش السافانا المنبسطة ضئيلة للغاية، لكن جميعهن عازمات على مواصلة الحياة. فمن بين المئات اللاتي انضممن إلى «داعش»، هناك الكثيرات اللاتي تمكن من الفرار بصحبة أطفالهن يتملكهن الخوف من سقوط مدينة الرقة، غير آبهات لحقول الألغام المحيطة ولا بالمعارك المحتدمة حولهن.
وأياً كانت أسباب انضمامهن لتنظيم داعش، فهن يدركن أن الحكايات اللاتي سيسردنها للمسؤولين هنا قد تقرر مصيرهن، ولذلك فالبقاء سيكون للأمكر والأدهى.
ومن خلال الزيارات الكثيرة، لاحظ فريق عمل «صنداي تايمز» أن السيدات الأوروبيات القابعات في المعسكر غالبيتهن ودودات ومثقفات ويتحلين بأدب جم. وقد عبرن جميعاً عن ندمهن على الانضمام إلى «داعش»، فيما أفادت الكثيرات منهن بأنهن قد خدعن من قبل رفقائهن الذين نجحوا في إقناعهن بالمجيء إلى سوريا. غير أن البعض الآخر أقر بانجذابه لحياة التقوى والورع في كنف «داعش».
لكن زيهن تبدل الآن بعد انهيار «داعش»، ولم تعد أي منهن ترتدي النقاب الذي يخفي الوجه، وقد عبرت الكثيرات منهن عن توقهن للحياة في أوروبا مجدداً، بل أصبحن يصافحن الرجال من فريق «صنداي تايمز».
لكن الحقيقة هي أنهن جميعاً كاذبات بملء فمهن. فقد انضممن إلى تنظيم داعش في الوقت الذي انتشرت فيه المقاطع المصورة عبر الإنترنت التي تظهر قطع رؤوس الصحافيين المحتجزين وعمال الإغاثة. ورغم أنهن لم يحاربن، فقد كنَّ ضمن الجماعات الإرهابية، وساندن فكرها المتطرف.
المعضلة الكبرى ستواجه المسؤولين أكثر من غيرهم، لأنه سيكون من المستحيل تقريباً التيقن من صدق رواياتهن، وتلك هي المهمة الصعبة التي سيواجهها المحققون بعد عودة المتطرفات البريطانيات إلى المملكة المتحدة.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.