توجه لإعادة هيكلة الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي

مصادر تؤكد رغبة الصدريين بتولي منصب أمينها العام

TT

توجه لإعادة هيكلة الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي

كلف رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، أمس، نوفل أبو الشون إدارة مكتبه بصلاحيات «رئيس الوزراء» وأبو الشون هو في الأساس المدير الرسمي وبدرجة وزير لمكتب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الأمر الذي يطرح مجموعة من الأسئلة حول طبيعة الإجراءات التي ينوي عبد المهدي القيام بها لإعادة «هيكلة شاملة» لمكتبه الخاص ومكتب الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
واستنادا إلى مصادر مطلعة، فإن الإصلاح المزمع الذي ينوي عبد المهدي القيام به ناجم عن «الترهل الشديد» الذي أصاب المطبخ الحكومي المتمثل برئاسة الوزراء على امتداد السنوات الثلاثة عشر التي حكم فيها حزب «الدعوة» البلاد عبر بوابته. وبحسب الوثيقة الصادرة من مكتب رئيس الوزراء، فإن عبد المهدي منح أبو الشون «الصلاحيات المناطة بنا بإدارة مكتب رئيس الوزراء في الجوانب الآتية وهي تنفيذ توجيهات رئيس مجلس الوزراء ومخاطبة الجهات الرسمية كافة بما يقتضيه عمل مكتب رئيس الوزراء والمتابعة مع الجهات المعنية فيما يتعلق بتنفيذ البرنامج الحكومي لرئيس مجلس الوزراء»، إضافة إلى تخويله «ممارسة الصلاحيات الإدارية كافة بما فيها صلاحيات التعيين في مكتب رئيس الوزراء والبت في جميع قضايا الخدمة والانضباط والإحالة إلى التقاعد المتعلقة بموظفي مكتب رئيس الوزراء على وفق القوانين النافذة».
وأبلغ مصدر مطلع «الشرق الأوسط» بأن عبد المهدي «عازم على إعادة هيكلة الأمانة العامة لمجلس الوزراء وتحويلها إلى ديوان أو مكتب صغير يشرف عليه موظف بدرجة مدير عام وليس بدرجة وزير كما هو معمول به على امتداد السنوات الماضية، مهمته التنسيق مع الوزارات المرتبطة برئيس الوزراء». لكن ذلك، حسب المصدر «مرتبط بتغيير النظام الداخلي لمجلس الوزراء الذي يعطي مرتبة وزير لكل من مدير مكتب رئيس الوزراء والأمين العام لمجلس الوزراء».
ويؤكد المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه أن «عبد المهدي يواجه مشكلة كبيرة في التخلص من أعداد الموظفين الضخمة في أمانة مجلس الوزراء، والمشكلة أن كثيرا منهم منستب من وزارات أخرى، لأن الأجور التي يتقاضونها في مجلس الوزراء تعادل نحو ثلاثة أضعاف نظرائهم في بعض الوزارات».
وتوقع المصدر أن «يعتمد عبد المهدي على مدير مكتبه الجديد خلال المرحلة الانتقالية المقبلة، نظرا للخبرة التي اكتسبها نوفل أبو الشون خلال فترة السنوات الأربع التي قضاها في مكتب العبادي، ثم يمكن أن يتخلى عن خدماته لاحقا».
ويشير المصدر إلى أن المشكلة ذاتها المتمثلة بالترهل التي يواجهها عادل عبد المهدي في رئاسة الوزراء، يعاني منها رئيس الجمهورية برهم صالح، حيث «وجد الأخير أكثر من 3 آلاف موظف، عدا الموظفين التابعين إلى القوات الأمنية المكلفة بحماية مبنى الرئاسة». ويشدد المصدر على أن «برهم صالح عازم على التخلص من الموظفين المحسوبين على الرئاسة أو إعادتهم إلى دوائرهم الرسمية وإلغاء تنسيبهم».
ويتطابق كلام المصدر مع مصدر آخر قريب من تحالف «الإصلاح» الذي يدعمه مقتدى الصدر، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الصدريين عازمون هذه المرة على الحصول على منصب الأمين العامة لرئاسة الوزراء أو أي منصب آخر يحل محله». وكشف المصدر عن أن «رئيس مجلس محافظة ذي قار الحالي حميد الغزي ووزير الموارد المائية السابق طارق الخيكاني، وكلاهما من التيار الصدري أقرب المرشحين للمنصب، لكن الغزي أوفر حظا، باعتبار أنه أكثر قدرة على الانسجام مع عبد المهدي نظرا لأنهما ينحدران من محافظة ذي قار». ويؤكد المصدر أن «تمسك الصدريين بمنصب الأمانة العامة ناجم عن رغبتهم في الانخراط الفعلي في عمل رئاسة الوزراء والمساهمة في إنجاح عمل عادل عبد المهدي وبالتالي السعي إلى تحقيق الإصلاح المطلوب يدعو له مقتدى الصدر في الدولة وعموم أجهزتها».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».