كثرة إذاعة المباريات هل تضر الأندية أم تنفعها؟

87 مباراة تم نقلها مباشرة عبر التلفزيونات البريطانية الأسبوع الماضي

يتسبب عرض مباريات الدوري الممتاز الإنجليزي والمباريات الأوروبية عبر شاشات التلفزيون مباشرة في تراجع معدلات الحضور بالاستادات
يتسبب عرض مباريات الدوري الممتاز الإنجليزي والمباريات الأوروبية عبر شاشات التلفزيون مباشرة في تراجع معدلات الحضور بالاستادات
TT

كثرة إذاعة المباريات هل تضر الأندية أم تنفعها؟

يتسبب عرض مباريات الدوري الممتاز الإنجليزي والمباريات الأوروبية عبر شاشات التلفزيون مباشرة في تراجع معدلات الحضور بالاستادات
يتسبب عرض مباريات الدوري الممتاز الإنجليزي والمباريات الأوروبية عبر شاشات التلفزيون مباشرة في تراجع معدلات الحضور بالاستادات

يتسبب عرض مباريات الدوري الممتاز الإنجليزي والمباريات الأوروبية في منتصف الأسبوع عبر شاشات التلفزيون مباشرة في تراجع معدلات الحضور بالاستادات، الأمر الذي يضر عائدات الأندية الأصغر.
في مطلع ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت الكرة الإنجليزية في عملية إعادة هيكلة بطيئة باتجاه عرض مباراة واحدة مباشرة عبر التلفزيون في الأسبوع، حذر المراسل القدير لصحيفة «الغارديان»، ديفيد ليسي، من التداعيات المحتملة لذلك. وتوقع في مقال بعنوان «خطر الموت في صورة بث تلفزيوني» أن: «الاحتمال الأكبر أن المباريات التي سيجري عرضها عبر شاشات التلفزيون، بدلاً من تحفيز الاهتمام، ستخلف تأثيراً عكسياً. وستتحول المباراة المعروضة عبر التلفزيون إلى بديل كامل لفكرة دفع مال مقابل مشاهدة كرة القدم، وستتزايد أعداد الجماهير التي ستبقى بعيداً عن الاستادات عن أي وقت مضى».
ولم يكن هذا موقف ليسي وحده. في الواقع، قبل سنوات من بزوغ فجر بطولة الدوري الممتاز، خالج المدرب القدير بريان كلوف الاعتقاد بأن الإفراط في عرض مباريات عبر التلفزيون في بث حي سيقتل كرة القدم، في استمرار لواقع بعيد يصل لعام 1935 عندما توقفت محطة «بي بي سي» عن بث مباريات دوري كرة القدم عبر الراديو بسبب المخاوف من الإضرار بمعدلات حضور الجماهير للمباريات.
وبدا المنطق القائم وراء ذلك وجيهاً للغاية. إلا أنه عند النظر إلى البث المباشرة لمباريات كرة القدم عبر التلفزيون، نجد أن الأمر بالفعل خارج زمام السيطرة، وعبر عدة قارات من العالم. الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، تم بث 87 مباراة عبر شاشات التلفزيون في بريطانيا، وهو عدد ضخم وصادم من المباريات - وكان العدد ليصبح أضخم عن ذلك لولا توقف قناة «إليفين سبورتس» مؤقتاً عن بث المباريات الأوروبية خلال فترة الظهيرة يوم السبت.
وتعتقد الغالبية أن فكرة وقف البث المباشر في الفترة بين 2.45 دقيقة من بعد الظهر وحتى الخامسة مساء كل سبت، حيث لا يسمح بإذاعة أية مباريات حية على الهواء، لن تصمد أمام الفحص القانوني. ويتمثل التوجه الآن في العمل على السماح للمشاهدين خلال يوم واحد بالاستمتاع بمشاهدة جميع المباريات، داخل الوطن وخارجه، دون الاضطرار لمواجهة سيل من الإعلانات التي تفرض نفسها عبر مواقع الإنترنت.
وقد يبدو هذا أمراً رائعاً لعشاق الساحرة المستديرة، لكن المعنيين بالدوري الممتاز لطالما أبدوا حذرهم إزاء هذا الأمر - وذلك بالنظر إلى المخاوف المنطقية التي ساورتهم حيال أن يتسبب ذلك في تراجع معدلات حضور الجماهير في الملاعب وانحسار الاهتمام العام بكرة القدم وانخفاض العائدات المالية لكرة القدم.
إلا أن الأمر الذي لم يحظ بالقدر ذاته من المناقشة فهو التداعيات على الأندية الأصغر ذات المرتبة الأدنى على مستوى هيكل كرة القدم الإنجليزية حال السماح ببث مباريات مجاناً للجميع. وثمة بحث جديد مهم أجراه ثلاثة أكاديميين، باباتوند بورايمو من جامعة ليفربول وجيك أوين وروب سيمونز من جامعة لانكستر ولا يرسم صورة تبعث على التفاؤل في هذا الشأن.
عكف الأكاديميون الثلاثة على فحص 27 ألف مباراة بدوري كرة القدم بين عامي 2000 و2018 سعياً لإيجاد الإجابة عن سؤال بسيط: ماذا يحدث لمعدلات حضور الجماهير لمباريات أدوار الدرجة الأولى والثانية والثالثة عندما يبث التلفزيون مباريات في منتصف الأسبوع من الدوري الممتاز أو دوري أبطال أوروبا في الوقت ذاته؟.
وبعد السيطرة على عوامل عدة، مثل وضع الفريق في جدول ترتيب أندية البطولة خلال وقت انعقاد المباراة والمسافة التي تقطعها الجماهير لحضور المباراة، خلص الباحثون إلى تراجع معدلات الحضور الجماهيري عبر الأدوار الثلاثة، لكن على وجه الخصوص في الأدوار الأدنى من الدور الأول. في الواقع، منذ أن بدأت قناة «بي تي سبورت» الإنجليزية في تغطيتها الحصرية لبطولة دوري أبطال أوروبا، انخفض معدل الحضور الجماهيري في دوري الدرجة الثالثة بنسبة 16 في المائة عما كان متوقعاً بالنسبة لمباريات منتصف الأسبوع، بينما بلغ التراجع 10 في المائة بالنسبة لدوري الدرجة الثانية.
اللافت أن التأثير كان أقل بالنسبة لدوري الدرجة الأولى، ذلك أنه تراوح بين 2 في المائة و4 في المائة حسب شعبية النادي، لكنها ظلت ضربة قاسية لعائدات الأندية المشاركة.
اللافت أن التأثير عند عرض مباريات للدوري الممتاز في بث مباشر مساء الثلاثاء أو الأربعاء أقل كثيراً، ويصل ما بين 2 في المائة و3 في المائة - وقد يكون السبب وراء ذلك أن المباريات الأبرز على مستوى الدوري الممتاز عادة ما يجري عرضها وقت ظهيرة السبت أو مساء الأحد.
من بين الأمور الأخرى المثيرة للقلق بالنسبة للأندية المشاركة في الأدوار الأدنى من بطولة الدوري أن مباريات منتصف الأسبوع لدوري الدرجة الأولى يجري عرضها حالياً عبر خدمة «ريد بتون»، بينما يجري بث مباريات الدورين الثاني والثالث عبر خدمة «آي فولو» التابعة لـ«إي إف إل» - الأمر الذي يزيد من احتمالية أن يبقى بعض المشجعين داخل منازلهم. ورغم أن الوقت كان لا يزال مبكراً، فإنه عندما قارن القائمون على البحث بين 10 مباريات جرت عبر الأدوار الأولى والثانية والثالثة من الدوري في 8 سبتمبر (أيلول)، والتي كانت هناك مباريات مشابهة لها خلال موسم 2017 / 2018، اكتشفوا حدوث تراجع في الحضور الجماهيري بمتوسط 3.5 في المائة.
في كل الأحوال، لن يكون من الحكمة المبالغة في تقدير الدلالات التي تحملها عينة صغيرة بالنظر إلى وجود كثير من العوامل المؤثرة، مثل توقيت إجراء المباريات وشكل ووضع الفرق المشاركة، الأمر الذي يتباين من موسم لآخر. ومع هذا، ليس من الصعب التكهن بالاتجاه الذي تتخذه الأوضاع بوجه عام. نحن ندرك بالفعل أن مباريات دوري أبطال أوروبا تؤثر على معدلات الحضور الجماهيري لمباريات الأندية المشاركة في أدوار أدنى من الدوري. ومن المحتمل أن يكون للبث المباشر للمباريات عبر الإنترنت تأثير مشابه. ومن شأن رفع الوقف المؤقت للبث توجيه صفعة أخرى على هذا الصعيد، في وقت تواجه الأوضاع المالية للأندية وضعاً بالغ الخطورة يجعل من الممكن أن تدفعها مثل هذه الصفعة نحو حافة الإفلاس.
وعليه، اقترح الأكاديميون القائمون على الدراسة أن الوقت ربما حان لإعادة تقييم «أموال التضامن» التي تدفعها الهيئة المعنية بالدوري الممتاز بهدف دعم الأندية الأصغر. وتأتي هذه الأموال اعترافاً بالحاجة إلى الحفاظ على هيكل لبطولة دوري احترافي يتألف من 92 نادياً ويتميز بالقدرة على البقاء مالياً.
فعلياً، سيكون ذلك بمثابة تعويض إضافي عن الأضرار السلبية التي تتعرض لها أندية الدورين الثاني والثالث بسبب خوض أندية بالدوري الممتاز مباريات في بطولة دوري أبطال أوروبا في وقت متزامن مع مباريات تلك الأندية.
من ناحيته، أوضح بورايمو أنه: «يكشف البحث الذي أجريناه درجة المعاناة التي تتعرض لها كرة القدم على المستوى الرفيع. إن كرة القدم رياضة من المهم للغاية فيها التضامن، وتحمل الأندية على المستوى الشعبي أهمية كبيرة. وعليه من المهم تعزيز الإعانات الموجهة أسفل الهرم الرياضي».
قد يرى فريق من المشككين أن مطالبة الأندية الكبرى بتقديم مبالغ أكبر من عائداتها لدعم الأخرى الأصغر أمر مبالغ فيه، وأنها في النهاية ليست مؤسسات خيرية. إلا أنه إذا استمرت سوق البث الرياضي على هذا النحو المجاني وتزايد إحجام الجماهير عن حضور مباريات الأدوار الأدنى من الدوري، سيكون من الضروري اتخاذ إجراءات للتصدي لذلك.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».